كتاب "واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه"، تشكل تجربة الاقتصاد الاردني ، رغم خصوصيتها ، نموذجاً متكرراً في البلدان العربية المختلفة في العديد من جوانبه ، ما يجعل رصده وتحليله في اطره السياسية والاجتماعية ، ذا فائدة تتجاوز حدود الاردن ،ويأتي في مقدمة النواقص المت
أنت هنا
قراءة كتاب واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه
6. العقد الضائع
اتصفت المرحلة الخامسة منذ 1989 وحتى انتهائها مع وفاة الملك حسين عام 1999 بعد حكم دام 46 سنة بالضياع والتعثر. وقد تضمنت هذه
الفترة مجموعة من الأحداث والمؤشرات المتناقضة، والتي كانت محصلتها الإجمالية سلبية. فكانت معونة صندوق النقد والبنك الدوليين فنيًا وماليًا
وأيدولوجيًا، وما رافق الأردنيين العائدين من الكويت، والذين فاق عددهم ثلاثماية ألف، من وفورات ساعدت لمدة سنتين في بعض الانتعاش، وفي ثبات
سعر صرف الدينار الأردني الجديد. وجاء بعد ذلك التفاؤل بمردود السلام الاقتصادي مع اسرائيل بعد معاهدات أوسلو ووادي عربة، الذي لم يتحقق بسبب
انهيار عملية السلام والخبث الإسرائيلي ونفوذه في الولايات المتحدة. وقد أدت منح النفط العراقية في هذه الفترة إلى بقاء
مشتقات أسعار النفط مدعومة، ما أدى إلى التسارع في زيادة استهلاكها، وما خلق بدوره انكشافًا عميقًا في الاقتصاد الوطني
الأردني، كما سوف يتم تفصيله لاحقًا. ولكن تسديد كلفة النفط المدعوم ببضائع أردنية في ظروف الحصار المفروض على العراق، أبقى هذه البضائع
الأردنية محمية من المنافسة، ومصدرًا هامًا للدخل والعمالة الأردنية، مع ضعف الحافز والدافع لتحسين جودتها وتطوير تقنياتها.
وكان مجمل أداء الاقتصاد الوطني الأردني في هذه المرحلة ضعيفًا للغاية، ولم يكن النمو في الناتج القومي يساوي النمو في السكان، الذي ارتفع من ثلاثة
إلى أربعة ملايين ونصف أو يزيد عليه بقليل.وقد فاقم هذا الحال مرض الملك حسين، الذي أدى إلى ضعف أدائه ومن ثم إلى وفاته بعد غياب عن
الأردن لأكثر من ستة أشهر، ما خلق كمية من الترقب وعدم الإقدام في كل من القطاعين العام والخاص، رغم محاولة الأمير حسن ملء
الفراغ بالقدر الذي استطاع. ولكن ذلك لم يكن بمستوى قضايا الوضع الراهن ومتطلباته، والذي لم يستفد من أي
إصلاح حقيقي سياسي أو اقتصادي، رغم خلفية الانهيار في المرحلة السابقة التي أكدت الحاجة له، ورغم سيطرة صندوق النقد
والبنك الدوليين. وكثيرًا ما تستفيد الدول من مثل هذه الظروف لإجراء تصحيح جدي في المسار. ولكن ذلك لم يتحقق في الأردن إلا بحدود متواضعة،
وعلى أسس لم يباركها المجتمع الأردني بالكامل، ما دفع إلى المزيد من الاغتراب. وقد وصلت تحويلات المغتربين في نهاية هذا العقد إلى حوالى ربع
الدخل القومي، ما كرس الصفة الاستهلاكية للاقتصاد والمجتمع الأردنيين. ولكن ذلك لم يخفف من صعوبة التكيف مع مضاعفة الأسعار في بداية هذ
الفترة بسبب انهيار الدينار، وخاصة لدى ذوي الدخل الثابت والمحدود ولدى الريف الأردني، ما جعل من الفقر والبطالة مشكلة مستعصية
ومتوطنة.