كتاب "مذكرة في الأدب الأندلسي"، لقد فتح العرب والمسلمون الأندلس سنة 92هـ وأسسوا فيها دولة إسلامية عربية حكمت زهاء ثمانية قرون فكانت أيامها مشرقة مزدهرة، وقد أقاموا فيها صروحاً شامخة من الوان من المعرفة وفيما الأدب الذي يعد أثراً من أثار البيئة الأندلسية، وق
أنت هنا
قراءة كتاب مذكرة في الأدب الأندلسي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أما الثقافة في عصر الموحدين، فقد كانت سياسة الدولة تقوم فيه على أساس إطلاق حرية البحث والفكر على عكس ما كان متبعاً في عصر ملوك الطوائف، وأقوى العوامل التي ساعدت على شموخ الحركة الفكرية، في هذا العصر هو ان امراءها كانوا علماء وأدباء فمؤسس دولتهم (المهدي بن تومرت) من أقطاب علماء عصره، ومن اكثر الأمراء تشجيعاً للناس على طلب العلم والمعرفة و(عبد المؤمن بن علي) كان من ابرز علماء عصره، وكان يجمع حوله العلماء والشعراء من شتى أرجاء العالم الإسلامي فشملهم برعايته وبسط عليهم جناحه ويصلهم بالأموال والهدايا تشجيعاً لهم على البحث والدراسة، وهكذا معظم الأمراء والخلفاء.
ومن ابرز علماء وأدباء هذا العصر إبراهيم بن الحاج احمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن خالد الأنصاري من أهل غرناطة وقد برع في الفقه والحديث والقراءات، ومنهم احمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة الخزرجي من أهل قرطبة، وكان محدثاً متمكناً من الرواية وله كتابان: احمدهما : أفاق الشموس وإملاق النفوس، والثاني: "مقامع الصلبان ومراتع رياض أهل الإيمان".
أما في اللغة والنحو فقد برع فيهما عدد كبير نذكر منهم (الحسن بن احمد بن الحصين بن عطاف العقيلي) من أهل جيان ومنهم موسى بن علي بن عامر بن أهل أشبيلية وله شرح لكتاب (لحن العامة) للزبيدي وشرح لكتاب (التبصرة) للصميدي وكتاب أخر اسمه (الاستيضاح في شرح الإيضاح).
ومن اشهر من برعوا في الطب والنبات: أبو جعفر احمد بن محمد الغافقي القرطبي وقد تجول في أنحاء الأندلس وأفريقيا وجمع أثناء تجواله أصنافاً عديدة من النباتات الطبية وقام بتصنيفها من الناحية العلمية وسجلها بأسمائها العربية واللاتينية والبربرية وله كتاب (الأدوية المفردة) الذي كان يعد من أهم المراجع الطبية في عصره، ومن اشهر الأطباء كذلك: أبو بكر محمد بن عبد الملك ابن زهر الأبادي وقد نبغ بالإضافة إلى الطب في الحديث والأدب واللغة.
وممن نبغوا في علم الرياضيات والفلك: عبد الله محمد بن سهل الضرير من أهل غرناطة وكان متعدد المواهب فقد برع في الأدب وعلوم العربية واخذ الرياضة من بعض أصحاب (أبي بكر بن الصائغ).
ومن علماء الزراعة (ابو زكريا يحي بن احمد بن العوام الاشبيلي) الذي عاش في أواخر القرن السادس الهجري واشتهر بكتابه الفلاحة.
وممن نبغوا في التاريخ والترجمة: ابن عبد الملك المراكشي المتوفى في أواخر القرن السابع الهجري وقد وضع معجمه الضخم وسماه (الذيل والتكملة) لكتابي (الموصول والصلة) ويعد هذا من انفس المراجع للدارسين في التاريخ والأدب.
أما الثقافة في دولة بني الأحمد، فانه بالرغم من ظروفها القاسية سياسياً واجتماعياً، والصراعات المدمرة التي سيطرت على سياستها فد كانت الثقافة زاهية حافلة باعلام الفن والمعرفة وظلت غرناطة منار إشعاع فكري وحضاري.
فمن ابرز علماء هذا العصر، أبو القاسم محمد بن احمد الشريف الحسين وهو من (سبتة) وله مؤلفات عدة منها: شرح على مصورة حازم القرطاجني سماه: رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة، وشرح على الخزرجية في العروض.
ومنهم أبو زيد عبد الرحمن المكودي، وكان إماماً في اللغة والنحو والعرض وله شرح على الألفية، وشرح على الاجرومية، وشرح على المقصور والممدود لابن مالك وغيرها.
ومن علماء الحديث في هذا العصر شهاب الدين ابو العباس احمد بن محمد بن فرج اللخمي الاشبيلي.
ومنهم: أبو المكارم بن أبي احمد بن سري الازردي الاندلسي، ومن علماء اللغة: أبو الحسين عبيد الله ابن احمد بن أبي الربيع الأموي القرشي، ومن كتبه (الملخص في النحو والقوانين النحوية) و(الإفصاح في شرح الإيضاح).
ومن الأدباء الشعراء: أبو الحسن علي بن محمد بن الحباب وهو كاتب وشاعر من اشهر كتاب الدولة النصري، وصار يترقى في المناصب حتى وصل إلى رئيس كتاب الحضرة، وكان رواية ومحققاً في كثير من العلوم والفنون، وكان قائماً على العربية إماماً في الفرائض والحساب، عارفاً بالقراءات، متبحراً في الأدب والتاريخ، ومشاركاً في التصوف، وهو أستاذ لسان الدين الخطيب، وله ديوان شعر مخطوط بدار الكتب.
ومنهم: ابو العباس احمد بن شعيب الجزناني، وقد برع في اللسان والأدب والعلوم العقلية والطب، وكان شاعراً متقدماً وناقداً بارعاً.
وهكذا فقد شهدت الحياة الثقافية في الأندلس نوعاً من الازدهار كيلة حكم العرب والمسلمين لها حيث أنتجت لنا تراثاً أدبياً وفنياً وعلمياً زاخراً بمفرداته المتعددة.