كتاب "توني موريسون - كاتبة أمريكية رائعة"، نزلت توني موريسون على درج قاعة الحفلات الموسيقية في ستوكهولم، في السويد، بتروٍ مثل ملكة. وقد داعبت جدائلها الرمادية مؤخرة عنقها في خصل لولبية طويلة.
أنت هنا
قراءة كتاب توني موريسون - كاتبة أمريكية رائعة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
كان على موريسون التحضير لأسبوع كامل من أجل الفعاليات الاحتفالية. وقد أعدت لجنة جائزة نوبل مأدبة عشاء، وحفلاً موسيقياً، ومؤتمرات صحفية لموريسون . فكان من المتوقع حضور العديد من
الشخصيات الأدبية لرؤيتها وهي تستلم الجائزة في الأكاديمية السويدية، والاستماع إلى محاضرتها بشأن جائزة نوبل. ولكن بعد وقت قصير من إعلان الجائزة، وجدت موريسون أنه بالكاد كان لديها وقت لتكتب محاضرتها - وبدلاً من ذلك، كان يتعين عليها أن تقرر ما الذي سترتديه في حفل تسليم الجائزة. وقالت موريسون لمجلة تايم بعد خمس سنوات من استلامها للجائزة: «دعوت شخصاً من لجنة جائزة نوبل، وقلت له ’أنظر، إذا كنت ستستمر في منح جوائز للنساء - وأتمنى أن تفعل ذلك - فإنه يتعين عليك إعطاءنا التبليغ قبل وقت أطول. فالرجال يمكنهم استئجار بدلات رسمية، بينما لا بد لي من الحصول على حذاء ولا بد لي من الحصول على ثوب».
وعلى الرغم من مخاوفها السابقة، فقد وصلت موريسون بكامل أناقتها إلى ستوكهولم في أوائل كانون الأول/ديسمبر، واستمع إلى الكلمة التي ألقتها، بمناسبة حصولها على جائزة نوبل، حول أهمية الأدب في تشكيل مجتمع إنساني جمهور مكوّن من أربعمائة من المهنئين في الأكاديمية السويدية. وجاء في جزء من محاضرة موريسون:
«إن اللغة الاستبدادية تفعل أكثر من مجرد تمثيل العنف؛ إنها العنف بذاته؛ إنها تفعل أكثر من وضع حدود للمعرفة؛ إنها تحد من المعرفة. سواء كانت لغة الدولة المبهمة أو اللغة المزيفة أو وسائل الإعلام الطائشة؛ وسواء كانت اللغة الفخمة، ولكن المتحجرة، للأكاديمية أو لغة العلم التي تقودها السلع؛ وسواء كانت لغة القانون المؤذية - بدون أخلاقيات، أو لغة مصممة لنفي الأقليات، مخفية سلبها العنصري في مظهرها الأدبي - فإنه يجب رفضها وتغييرها وكشفها».
لقد حظيت موريسون بتصفيق حار لمحاضرتها. ولم يشك أحد في أنها كانت تستحق جائزة نوبل، وقد تم تقديم الجائزة لها في احتفال ضخم. وفي عام 1993، حصلت الفائزة بجائزة نوبل في الأدب جائزة نقدية بقيمة 825.000 دولار أمريكي.
من ناحية أخرى، عندما عادت موريسون إلى الولايات المتحدة، تساءل بعض زملائها الكتَّاب ما إذا كانت تستحق الجائزة. فقد كان تشارلز جونسون، مؤلف رواية الممر الأوسط، حاسماً بإصراره على أن موريسون فازت بالجائزة لأنها «كانت المستفيدة من الشعور الودي». وقال جونسون،
في مقالة في صحيفة واشنطن بوست، إن موريسون، التي بدأت الكتابة في أوائل سبعينيات القرن العشرين (السنوات التي تلت حركة الحقوق المدنية التي كانت بداية الحركة النسائية)، قد نجحت في جمع الدعوات إلى اعتزاز أمريكي إفريقي وإلى المساواة بين النساء الأمريكيات- الإفريقيات. وعلق جونسون: «ولكن عندما يتم ترشيح تلك العلامة السياسية الخاصة خلال كتابتها [الشعرية]، فإن النتيجة تكون في أغلب الأحيان هجومية وقاسية، حيث يصوَّر البيض بطريقة سيئة. وكذلك الرجال. وكذلك الرجال الأمريكيين الأفارقة». وفي تعليقاته الختامية، قال جونسون إن جائزة موريسون كانت «انتصاراً للتصحيح السياسي».
وقام كتّاب آخرون بالدفاع عن موريسون. فقد قالت آليس ووكر، مؤلفة رواية اللون الأرجواني، «لا أحد يكتب بطريقة أكثر جمالاً من توني موريسون. فقد دأبت على استكشاف قضايا ذات تعقيد ورعب وحب حقيقيين في حياة السود. ولم يثنها النقد اللاذع، ولم توقع بها الجوائز. إنها كاتبة تستحق هذا الشرف».
لم تكن موريسون غريبة على الجدال في مسيرة حياتها المهنية. ففي أواخر ثمانينيات القرن العشرين، كانت في خضم نقاش حاد آخر. وطوال هذا الوقت، كان هناك كتاب آخرون يتساءلون لماذا لم تستلم موريسون جائزة أخرى هامة، وكتبوا إلى مجلة نيويورك تايمز بوك ريفيو للتعبير عن استيائهم. وقد اشتكى بعض النقاد من أن أسلوبها في الكتابة مبالغ فيه. واشتكى بعض القراء من أن رواياتها يصعب فهمها. كما انتقد محافظون سياسيون استكشافها المتعمق لدور العِرق في الأدب الأمريكي. ومن خلال هذا كله، واظبت موريسون على حبها الأول الذي لم يغب عن بالها أبداً - الكتابة.
ووفقاً للباحث في الأدب تروديير هاريس، فإن موريسون هي عملاق في الأدب لا تقل أهمية للثقافة الأمريكية عن أحد أفضل الرياضيين لدينا. وقد كتب هاريس في مجلة وورلد ليتريتشر توديه: «وفقاً لأي معيار للتقويم الأدبي، فإن توني موريسون تعتبر ظاهرة بالمعنى الكلاسيكي لشيء نادر لا يتكرر سوى مرة في العمر، وهي النظير الأدبي لبول روبيسون، ومايكل جوردان..».، وتحتل موريسون «مكاناً في قائمة أعظم مشاهير الأدب العالمي».
وقد صمدت موريسون أمام الجدال لتصبح كاتبة ومحررة ومعلمة ومرشدة بارعة للكتَّاب الأمريكيين الأفارقة المقبلين، الذين يطمحون كذلكللتشارك في رؤيتهم للعالم. وعند استعادة ذكريات حياتها في مهنة الكتابة، أخبرت موريسون مجلة تايمز، «لقد كان هناك الكثير من العقبات على طول الطريق، فالعالم، في ذلك الحين، لم يكن يتوقع الكثير من فتاة سوداء صغيرة، ولكن والدي ووالدتي كانا بالتأكيد يتوقعان الكثير. فقد كانت [والدة موريسون] لا تزال على قيد الحياة عندما فزت بجائزة نوبل، على الرغم من أنها توفيت بعد ثلاثة أشهر. لقد شعرت بالسعادة، ولكنها لم تتفاجأ».
لقد كانت حياة توني موريسون مليئة بالتوقعات العظيمة، فقد بدأ كل شيء في مدينة صغيرة في منطقة الغرب الأوسط فيها مصنع للصلب، وفي عائلة يرأسها أبوان معتدان بنفسيهما وقويان صاغا رؤية موريسون للحياة - وأسلوبها في الكتابة.