أنت هنا

قراءة كتاب موجز في القضاء الإداري الأردني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موجز في القضاء الإداري الأردني

موجز في القضاء الإداري الأردني

يحتل موضوع القضاء الإداري مركزًا هامًّا بين موضوعات القضاء الإداري ذلك أن هدف القاضي الإداري تقويم أعمال السلطة الإدارية إذا ما حادت عن احترام القواعد القانونية فيما تمارسه من نشاط وأعمال، الأمر الذي يحقق حسن الإدارة مع الحماية الكاملة لحقوق الأفراد وحرياته

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

مبدأ المشروعية

إن مطمح الفلاسفة ورجال القانون أن يسود مبدأ المشروعية وأن يحتكم الجميع للقانون وأن يمتثلوا لإرادته، سلطات وأفراد وهو جوهر مبدأ المشروعية المراد بحثها هنا.
المبحث الأول : مدلول مبدأ المشروعية

[يقصد بمبدأ المشروعية سيادة حكم القانون، أي خضوع الحاكم والمحكوم للقانون، وبعبارة أخرى خضوع جميع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة للقانون، وأن تتقيد جميع تصرفات تلك السلطات بحكم القانون](1).
ويقتضي هذا المبدأ أن تكون تصرفات الإدارة العامة في حدود ما يرسمه القانون، ويراد بالقانون هنا المفهوم الواسع، أي مجموعة القواعد القانونية السارية المفعول في الدولة، سواء أكانت مكتوبة أم غير مكتوبة، وبصرف النظر عن مصدرها، ولكن ينبغي مراعاة مبدأ تدرج القواعد القانونية، وهذا المبدأ يرتب نتيجة في غاية الأهمية، تقضي بأن تحترم القواعد القانونية الأدنى القاعدة القانونية الأعلى، فالقرار يحترم النظام والنظام يجب أن لا يخالف القانون، والقانون يتعين أن يتوافق مع الدستور نصاً وروحاً، ولذلك ينبغي أن تحترم الإدارة القانون في تصرفاتها القانونية كافة، سواء الأعمال القانونية كالقرارات الإدارية والعقود الإدارية أم الأعمال المادية، فالمشروعية تفترض توافق التصرفات التي تصدر عن السلطات العامة في الدولة مع القانون، حيث نظمت التشريعات المقارنة وسائل رقابة السلطات الثلاث في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية في مباشرتها لوظيفتها المحددة في الدستور بالشكل الذي يضمن خضوعها للقانون: فالسلطة التشريعية تقوم بسن التشريعات وفق أحكام الدستور وتتولى الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، والسلطة التنفيذية تلتزم بتنفيذ القانون عند قيامها بوظائفها سواء باعتبارها سلطة حكم (حكومة) أم سلطة إدارة (أعمال إدارية) والسلطة القضائية تلتزم بتطبيق القانون على المنازعات المعروضة عليها، ومحكمة التمييز تراقب صحة تطبيق القانون على الوقائع، وفي هذا الاتجاه قضت محكمة العدل العليا [إن شرعية القرار الإداري تقرر بالاستناد إلى القانون الساري المفعول عند صدور ذلك القرار](2) وفي حكم آخر لها قضت المحكمة الموقرة [إن قضاء الإلغاء يتعلق بالمشروعية](3) ومن ثم فإن رقابة أعمال الإدارة وبيان مدى امتثال الإدارة لحكم القانون هو من صميم اختصاص القضاء الإداري وفي هذا تقول محكمة العدل العليا [إن دعاوى الإلغاء بطبيعتها هي دعاوى موضوعية القصد منها ليس مجرد الدفاع عن المشروعية والصالح العام فحسب بل والدفاع عن مصلحة ذاتية للمستدعي أثر فيها القرار المطعون فيه تأثيراً مباشراً حتى تكون هذه المصلحة الذاتية قرينة على جدية الدعوى، والقول بغير ذلك يجعل من دعوى الإلغاء دعوى حسبة](4). وفي حكم آخر قضت [أن القاعدة هي أن دعوى الإلغاء من دعامات القانون الإداري وضمانة فعالة لحماية الموظفين والأفراد من تجاوز الإدارة مبدأ المشروعية](5).
ومما لا شك فيه أن سيادة القانون تتحقق بكفالة الرقابة القضائية وذلك بأن يكون لكل شخص يمكن أن يتأثر بالقرار الإداري الحق في أن يمثل أمام القضاء وأن يستمع إليه، وبحيث يكون هذا القضاء مستقلاً استقلالاً كاملاً عن الجهة التي أصدرت القرار. ومن هذا المنطلق، فقد نظم الدستور الأردني لعام 1952 النافذ حالياً عمل السلطات الثلاث، وركّز على إنشاء قضاء مستقل فنص في المادة (97) [بأن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضاءهم لغير القانون] ونص في المادة (101) على أن [المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها]. ولذلك فقد كفل الدستور حق التقاضي للجميع سواء أكانت الإدارة مدعية أم مدعى عليها ويترتب على ذلك عدم جواز تحصين القرارات الإدارية بموجب أي نص تشريعي لأن ذلك يشكل قيداً على مبدأ المشروعية واستثناءاً عليه.
ويقتضي تحقيق مبدأ المشروعية تضييق نطاق السلطة التقديرية بحيث لا يمارس أي شخص تصرفاً نيابة عن سلطة الدولة إلاّ بالاستناد إلى قاعدة قانونية معروفة وعلى نحو ما تسمح به القواعد بالقيام بذلك التصرف، وما قيام القضاء الإداري بتوسيع مدى مراقبة أعمال الإدارة إلا دليل على ذلك (والانتقال من مراقبة مشروعية العمل الإداري وانطباقه مع القانون إلى مراقبة جزئيات العمل الإداري ومدى ملاءمة العمل القانوني الصادر عن الإدارة) كل ذلك يدل على اتجاه تقييد السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة(6) ومراقبتها في صميم تقديرها.
بيد أن هذا الاتجاه قد انتقد لأنه يؤدي إلى تقييد الإدارة إلى الحد الذي يجعلها مجرد أداة لتنفيذ القانون، ومن ثم يفقدها القدرة على الاجتهاد والإبداع في تقدير المواقف، وتقييد النشاط الإداري الذي بطبيعته متطور ومرن، ومن الصعب الإحاطة بتفاصيله، وبالتالي يكون من العيب الذي يمس التشريع أن يقيد جميع تصرفات الإدارة بالقانون، ومن ثم يعجز عن مواجهة متطلبات العمل الإداري والبيئة الإدارية، وسيصيب تلك البيئة بالجمود والتخلف.
وتكريساً لهذا الاتجاه قضت محكمة العدل العليا [للإدارة سلطة تقديرية عندما تقوم بتنظيم المرفق العام وهي تملك تقدير مصلحة المرفق بشرط عدم المساس بحقوق الأفراد والموظفين، فإذا تبين للمحكمة أن الإدارة قد حادت عن المصلحة العامة يصبح القرار مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة](7).
وفي حكم آخر أوضحت المحكمة [أن وجود سلطة تقديرية للإدارة معناه أن يكون للإدارة سلطة اتخاذ الموقف الذي تراه مناسباً عند تحقق الغرض الذي هدف إليه القانون](8).
وينبغي القول أن على كافة السلطات في الدولة أن تمارس أعمالها وفقاً للقانون، والقانون هنا بالمدلول الواسع، وأن تتقيد بالحدود التي يرسمها ويقررها، وقد نصّ الدستور الأردني على [أن الأمة هي مصدر السلطات] وتناط السلطة التشريعية لمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الأمة من مجلسي الأعيان والنواب، ونص في المادة (27) [بأن السلطة التنفيذية تناط بالملك ويتولاها بواسطة وزارئه وفق أحكام الدستور]، ونص في المادة (27) [بأن السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنوعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون باسم الملك] كما كفل الدستور الأردني حق التقاضي في المادة (101) بأن المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها.

الصفحات