يحتل موضوع القضاء الإداري مركزًا هامًّا بين موضوعات القضاء الإداري ذلك أن هدف القاضي الإداري تقويم أعمال السلطة الإدارية إذا ما حادت عن احترام القواعد القانونية فيما تمارسه من نشاط وأعمال، الأمر الذي يحقق حسن الإدارة مع الحماية الكاملة لحقوق الأفراد وحرياته
أنت هنا
قراءة كتاب موجز في القضاء الإداري الأردني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المطلب الأول : نظرية الظروف الاستثنائية
ابتكر هذه النظرية مجلس الدولة الفرنسي لكي يبرر اعتبار القرارات الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية -لمواجهة هذه الظروف- مشروعة رغم ما يشوبها من عيوب تجعلها غير مشروعة في الظروف العادية، ومن ثم يكون المجلس قد عمل على توسيع نطاق مبدأ المشروعية في الظروف الاستثنائية يستوعب ما تصدره الإدارة من قرارات لمجابهة هذه الظروف، وإضفاء صفة المشروعية عليها بالرغم من عدم مشروعيتها، وهذا يعني تأكيد حق السلطة التنفيذية في استخدام سلطات واسعة أثناء الظروف الطارئة غير العادية، حتى في حالة عدم وجود نصوص تشريعية تمنحها هذه السلطات، وغالباً ما يتجه القضاء إلى عدم التشدد في مسلك الإدارة عند ممارستها لوظائفها في الظروف الاستثنائية بعكس الظروف العادية التي تضيِّق من الرقابة على مشروعية القرارات وطريقة إصدارها والغاية منها.
الفرع الأول: أساس فكرة الظروف الاستثنائية:
اتجه بعض الفقه في تفسير فكرة الظروف الاستثنائية إلى القول: وجوب الإبقاء على الدولة، ذلك أنه إذا تعرضت الدولة لخطر جسيم يهدد كيانها ووصل الأمر إلى حد المفاضلة بين الحفاظ على مبدأ المشروعية وبين الإبقاء على الدولة فإن الإبقاء على الدولة أمراً أساسياً، ومن ثم فإن سلامة الشعب فوق القانون.
وفي الحقيقة أن مجلس الدولة الفرنسي وجد أن ظروف الحرب تقتضي إعطاء السلطة التنفيذية سلطات واسعة لكي تواجه ما ينتج عنها من مصاعب وأزمات.
الفرع الثاني: شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية:
يشترط لإعمال هذه النظرية أن تتوافر الشروط الآتية:
أولاً: أن تحدث وقائع مادية أو قانونية تمثل خطراً جسيماً يهدد الصالح أو يعطل سير المرافق العامة، بحيث لا تستطيع الإدارة القيام بوظائفها الاعتيادية.
ثانياً: أن لا تستطيع الإدارة مواجهة هذا الخطر بما لديها من سلطات طبيعية فيتعذر على الإدارة بل يستحيل عليها أن تدفع هذا الخطر بالصلاحيات المخولة لها قانوناً والتي وضعت لمواجهة الظروف العادية الطبيعية.
ثالثاً: لزوم أن يتناسب الإجراء الاستثنائي مع الظروف الطارئة والاستثنائية، وينبغي للإدارة أن تستخدم من الصلاحيات ما يمكنها من دفع هذا الخطر الاستثنائي.
رابعاً: ينبغي للإدارة أن تستخدم الصلاحيات الاستثنائية لتحقيق الصالح العام.
الفرع الثالث: الآثار الناجمة عن تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية:
ينبغي ابتداء أن لا يفهم أن وجود الظروف الاستثنائية يعني تحلل الإدارة من مبدأ المشروعية بشكل كلي، أو أن تفلت من الرقابة القضائية وأن تقوم بالسلطات المخولة لها دون رقيب أو حسيب، بل تبقى الإدارة خاضعة للرقابة القضائية، بيد أن خطأ الإدارة هنا يقاس بمقياس آخر فما لا يقبل منها في ظل الظروف العادية قد يقبل منها في ظل الظروف الاستثنائية.
فالقضاء في حالة وجود ظرف استثنائي يراقب الإدارة ويأخذ في حسبانه أن المدى المسموح به للإدارة قد توسع، وأن حرية الإدارة في ظل هذا الظرف أكبر منها في ظل الظرف العادي.
وفي هذا الاتجاه وتأصيلاً للأحكام السابقة قضت محكمة العدل العليا بأن يشترط للاحتجاج بأحكام الضرورة ما يلي:
1- وجود خطر يهدد النظام العام.
2- أن يتعذر دفع هذا الخطر بالطرق القانونية العادية.
3- أن يكون رائد الإدارة في تدخلها تحقيق المصلحة وحدها.
4- يجب أن لا تضحى مصلحة الأفراد في سبيل المصلحة العامة إلا بمقدار ما تقضي به الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها أي أن لا تتعسف الإدارة بإجراءاتها فإذا أفصحت وزارة التربية والتعليم أن استمرارها بإشغال العقار المأجور بجنب الطالبات عبور شارع خالد بن الوليد. فإن هذا السبب وحده لا يشكل حالة ضرورة.


