أنت هنا

قراءة كتاب موجز في القضاء الإداري الأردني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
موجز في القضاء الإداري الأردني

موجز في القضاء الإداري الأردني

يحتل موضوع القضاء الإداري مركزًا هامًّا بين موضوعات القضاء الإداري ذلك أن هدف القاضي الإداري تقويم أعمال السلطة الإدارية إذا ما حادت عن احترام القواعد القانونية فيما تمارسه من نشاط وأعمال، الأمر الذي يحقق حسن الإدارة مع الحماية الكاملة لحقوق الأفراد وحرياته

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

ثانياً- العرف الإداري:

يقصد بالعرف بشكل عام [اتباع الناس لقاعدة معينة، في نشاط معين إلى أن يشعروا بأنها أصبحت ملزمة، وأنه لا يجوز لهم مخالفتها]، وهناك أنواع كثيرة من العرف مثل العرف التجاري والعرف الدستوري.
وإن ما يعنينا في هذا المقام هو العرف الإداري. والذي لا يختلف من حيث الأركان المستوجب توافرها فيه، بيد أنه عادة تمارسها الإدارة وتسير بمقتضاها، وقد اجتهدت محكمة العدل العليا في تعريف العرف الإداري فقضت في أحد أحكامها [العرف الإداري هو أن تسير الإدارة على نحو معين في مواجهة حالة معينة بحيث تصبح القاعدة التي تلزمها مختارة، بمثابة القانون المكتوب، ما دام أن الإدارة سارت على سنن معينة باطراد المدة الكافية والتزمت به دائماً وطبقته في جميع الحالات الفردية، وكان هذا العرف غير مخالف لأي نص من نصوص التشريع](18).
ويتعين القول أن ثمة متطلبات أساسية للإقرار بأن عرفاً إدارياً قد نشأ، وأهم تلك المتطلبات وجود أركان العرف الإداري بشقيه المادي والمعنوي ويتمثل الأول بوجوب تكرار واطراد الإدارة في اتباع قاعدة معينة، وذلك حتى تكتسب صفة العمومية، والركن المعنوي والذي يلزم لنشوئه توافر شعور لدى الإدارة والناس بإلزامية ذلك السلوك. وأنه يتحتم عدم مخالفته، وكذلك يتعين أن ينشأ العرف غير مخالف لنص قانوني، وفي هذا تقول محكمة العدل العليا [لا يجوز أن يحتج بالعرف الإداري لتعارض العرف مع النص الصريح في القانون](19).
وفي حكم آخر أشارت [أن الاحتجاج بالعرف الإداري لتبرير توقيف المستدعين يخالف المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أنه لا يجوز أن يوقف أحد أو يحبس إلا وفق أحكام القانون ولا يجوز أن يوقف أحد بمقتضى العرف الإداري](20).
الفرع الثاني: المبادئ العامة للقانون:
يقصد بالمبادئ العامة للقانون [تلك المبادئ التي لا تجد مصدرها في النصوص القانونية المدونة، وإنما هي تلك المبادئ التي يعمل القضاء على كشفها وإعلان إلزاميتها]، بحيث يتعين على الإدارة احترامها وعدم الخروج عليها، ويمثل الخروج على تلك المبادئ انتهاكاً لمبدأ المشروعية، ومما لا شك فيه أن القاضي الإداري يملك إلغاء القرار الإداري المخالف للمبدأ القانوني العام، فالقضاء الإداري هو الذي يقرر هذه المبادئ في أحكامه المختلفة، ويقرر مالها من قوة إلزامية، شأنها في ذلك شأن القواعد القانونية الأخرى التي يتعين على الإدارة احترامها والالتزام بها والسير على هديها.
ولذلك فإن الفقه الإداري يرى بأن [دور القاضي الإداري هو الكشف عن تلك المبادئ المستوحاة من العقل وضمير الأمة والمكنونات الثقافية والاجتماعية](21).
أما بشأن مدى القوة القانونية الإلزامية للمبادئ العامة للقانون، فقد اختلف الفقه الفرنسي قبل وبعد دستور الجمهورية الخامسة، حيث قرر ابتداء أن هذه المبادئ تتمتع بقوة قانونية مساوية للتشريع العادي طالما أن المشرع لم يخالفها بنص صريح، ومن ثم يجب على الإدارة احترام هذه المبادئ وعدم الخروج عليها شأنها في ذلك شأن احترامها للتشريع العادي الأمر الذي يملي عليها إلا تصدر تشريعاً فرعياً -أي لائحة- يخالف في أحكامه ما تتضمنه المبادئ العامة للقانون، ويعد التشريع الصادر في هذا المجال باطلاً، ذلك أن المبادئ العامة للقانون تعلو على التشريعات الفرعية (الأنظمة) ويتعين على الأنظمة ألا تخالف المبادئ العامة للقانون.
بيد أن الفقه الفرنسي بدل موقفه بعد دستور 1958، لا سيما أن الاتجاه العام لهذا الفقه يقول بأن المبادئ العامة للقانون لها قوة تعلو على التشريعات العادية، بحيث أصبحت لها قوة دستورية، ويكمن السبب الحقيقي من وراء إضفاء هذه القيمة على المبادئ العامة للقانون هو ظهور اللوائح المستقلة التي قررتها المادة 37 من هذا الدستور، حيث تباشر السلطة التنفيذية الوظيفة التشريعية استقلالاً عن السلطة التشريعية التي لا يجوز لها أن تشرع في ميدان اللوائح المستقلة بيد أن الاتجاه الحديث لمجلس الدولة الفرنسي يعطي للمبادئ العامة للقانون قوة مساوية لقوة القانون العادي(22)، أما في الأردن فإن الرأي الراجح يتجه إلى اعتبار أن المبادئ العامة للقانون تحوز قيمة قانونية أدنى من التشريع ومن الأمثلة على المبادئ العامة للقانون، مبدأ عدم جواز الجمع بين العقوبات التأديبية، ومبدأ تناسب العقوبة مع الذنب ومبدأ توازن المنافع مع التكاليف أو المضار مع المنافع.
الفرع الثالث: القضاء:
يوصف القانون الإداري بأنه ذو ميلاد قضائي حيث ساهم القضاء الإداري بإيجاد معظم نظرياته وأرسى الكثير من مبادئه، وقام بتأصيل العديد من أحكامه، وابتدع ثلةً من قواعده كما خلق قواعد قانونية قضائية، وقد مارس القضاء هذا الدور نظراً لغياب النص التشريعي (فالقانون الإداري قانون غير مقنن) ومن الأمثلة على القواعد التي خلقها القضاء وتعتبر من مصادر المشروعية التي على الإدارة عدم مخالفتها أو الانحراف عنها، مبدأ عدم المساس بالحقوق المكتسبة، ومبدأ شرعية العقوبات التأديبية، ومبدأ عدم جواز معاقبة الشخص على الفعل ذاته مرتين.
ويجدر التذكير بأن الفقه قد لعب دوراً أساسياً في تأصيل كثير من الأحكام والإشارة إلى بعض الأحكام ومعالجة كثير من النواقص التي شابت بعض النصوص من خلال تبني المشرع لهذه الآراء، وتنبيه الفقهاء لعيوب الصياغة التشريعية حيث أثرى الفقه القانون وأنار الدرب للقضاء والتشريع من خلال الآراء والشروحات الناضجة للفقهاء وعلماء القانون الإداري.

الصفحات