أنت هنا

قراءة كتاب عندما يموت الكلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عندما يموت الكلام

عندما يموت الكلام

رواية (عندما يموت الكلام)؛ أخفضت ماريا بصرها نزولاً، وفركت يديها بالعشب لتنظفهما. لم تحضر ساعتها معها لذا فقدت إحساسها بالوقت، والآن ذكرتها معدتها الجائعة بأنها تريد شيئاً لتأكله. لكن من جهة أخرى فإن تناول الطعام قبل الرحلة المائية قد لا يكون فكرة جيدة.

تقييمك:
2.75
Average: 2.8 (4 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

تمهيد

تحرك النهر مهسهساً كالأفعى، فيما علت وجهه رغوة كثيفة. جلست ماريا على صخرة وراحت ترمي الحصى نحو مجرى النهر... حفنة كبيرة من الحصى التي أكل الدهر عليها وشرب أخذت تغرق في المياه من دون أن تترك أي أثر لها.
بعد أن قضت على كومة الحصى التي كانت بقربها، بدأت تحمل القش فتشبكه ببعضه عشوائياً ليصبح على شكل زورق. ما إن رمت زورق القش في النهر حتى غمرته المياه وجعلته يختفي عن ناظريها، رغم الهدوء النسبي لسطح الماء بجانب الضفة. إنه نهر غاضب! لماذا يصر والداها على الإبحار في هذه الأمواج الوحشية ويعتبران الأمر مسلياً؟
بعد لحظات سيقوم النهر بجرفها هي أيضاً، وستختفي إلى الأبد تحت هذه المياه الداكنة المتمردة، حيث لن تجد هواء للتنفس، وحيث يفقد التحرك إلى الأعلى أو الأسفل أهميته.
ارتجفت ماريا فجأة. لايزال أمامها أسبوعان قبل أن تبدأ المدرسة الثانوية. أسبوعان من المغامرات بعد تلك المغامرة المرعبة.
- مرحباً!
التفتت ماريا إلى الخلف، ونظرت بعينين شبه مغمضتين باتجاه الشمس. بدا إدي طويل القامة وهو يضع يديه في جيبيه، وقد أمال رأسه قليلاً وراح ينظر نحوها. نظرت ماريا إليه بحذر، وهي تتمنى لوأنها ليست مكشرة. بدا إدي ظريفاً لكنه كبير السن بالنسبة إليها، وحين تبلغ سنه هذه سيكون قد أصبح في الرابعة والعشرين من عمره. أي عجوز!
لن تتمكن أبداً من التسكع برفقته. إنه أمرٌ مؤسف، فقد كان ليصبح حبيباً مناسباً.
- آه... مرحباً!
- والدك ووالدتك يبحثان عنك.
أخفضت ماريا بصرها نزولاً، وفركت يديها بالعشب لتنظفهما. لم تحضر ساعتها معها لذا فقدت إحساسها بالوقت، والآن ذكرتها معدتها الجائعة بأنها تريد شيئاً لتأكله. لكن من جهة أخرى فإن تناول الطعام قبل الرحلة المائية قد لا يكون فكرة جيدة. ما هو الأفضل، أن تأكل وتحصل على القليل من الطاقة، أم تبقى جائعة كي لا تحرج نفسها بالتقيؤ خلال الرحلة؟
وقفت ونظرت نحو النهر مرة أخرى. إنها مياه عنيفة، عميقة وداكنة. عاد الخوف ليملأ صدرها، فابتلعت ريقها واستدارت لتلحق بإدي عائدة إلى المزرعة.
أخذ الخوف يسيطر عليها، لكن لم يكن أمامها خيارٌ آخر. عليها القيام بذلك. عليها الصعود إلى الزورق السخيف لتتمرن على القيام بمغامرة.
ما خطبها؟ من المفترض أن يكون الأمر ممتعاً. الجميع يظن أنه أمرٌ ممتع.
سارا بسكون لدقائق طويلة قبل أن تلاحظ أن إدي يحدق بها. أدارت وجهها بعيداً كي لا يلمح الدمعتين اللتين انحدرتا من عينيها، ثم أبطأت خطواتها وهي تأمل أن تسير خلفه، لكنه أبطأ خطواته أيضاً. وقف مكانه وشبك ذراعيه فوق صدره، وحدق بها قائلاً: "ما المشكلة؟"
- لا شيء... لا شيء!
حرك إدي قدميه لينقل توازنه من قدم إلى الأخرى. كانت ماريا تنظر إلى الأسفل ولا ترى سوى حذاءه، إلا أنها أدركت أنه لا يشعر بالارتياح.
- تباً! أنت تبكين. هل عليّ أن أركض لمناداة والدتك؟
مسحت ماريا دموعها بظاهر يدها، ثم هزت رأسها بقوة وقالت: "لا! لا تخبرها أنني أبكي. لا يمكنك ذلك".
- تباً! هل أنت واقعة في مشكلة ما؟
- لا... أنا بخير. ليس هناك مشكلة.

الصفحات