كتاب " إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر " ، تأليف د. عبد العزيز قائد المسعودي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر
فهل كان السيد الحوثي يرمي من وراء تلك الدعوة وذلك الخروج ، تقمص دور الإمام المؤسس الهادي ، حين عقد العزم هو وأصحابه على إسقاط النظام العسكري القائم في صنعاء؟
لا شك أن السيد الحوثي ، كان أحرص الناس على إحياء مذهب أهل العدل والتوحيد وبعثه من تحت الرماد، وهذا الحرص يترافق بطبيعة الحال مع بوادر اضمحلال النظرية الإمامية في السلطة والحكم وفق الشروط الأربعة عشر الصارمة التي وضعها يحيى بن الحسين عشية الإعلان عن مولد الدولة الزيدية الأولى . علماً بأن تلك القاعدة الفقهية الدينية لم تعد موضع التطبيق، منذ أن حل محلها قاعدة الحسبة التي روج لها تيار القحطانية يوم الخامس من نوفمبر عام 1967م ، بزعامة القاضي عبد الرحمن الإرياني الذي نصبه الجيش اليمني رئيساً للمجلس الجمهوري .(8) سوف نناقش عمومية هذه الظاهرة وغيرها في فصول الدراسة ، تمهيداً لرصد معالم هذا التحول السياسي الخطير ليس في وسط عهد الدولة القاسمية فحسب ، بل وفي مرحلة الجمهورية اليمنية، منذ أن أغتصب "عسكر القبيلة" السلطة السياسية من أيدي "الفقهاء العرب" حراس الشريعة المطهرة في العهد الجديد !
إن وعينا بالمشكلة التاريخية المثارة - أزمة الفكر الزيدي في اليمن المعاصر - أستوعبناه من خلال الدراسة والبحث المتعمق في مشروع حزب الله في اليمن ، ومشروعية دولة اليمن الإسلامية ، بذلك يكون قد أختمر بعد قيام دولة الوحدة . فالمشكلة ذاتها - الطائفية في اليمن ، جذورها وكيف تستأصل؟ - في حدود علمنا ما تزال قائمة دون حل ! حتى إنجاز سطور هذا الكتاب نكون أو لا نكون قد استوعبنا درس الثورة والجمهورية والوحدة ، فكل ما قمنا بجمعه ودراسته من أضابير حكومة المملكة المتوكلية اليمانية لا يعدو كونه قطرة من غيث بالمقارنة لتلك الوثائق القيمة التي حصلنا عليها من مكتب التوثيق البريطاني . فضلاً عن المادة التاريخية التي قمنا بجمعها من الإرشيف الوطني الأمريكي بواشنطن ، ووثائق القيادة العربية بصنعاء التي تكشف النقاب على مجريات الصراع المصري - السعودي في جنوب شبه الجزيرة العربية .
كل ذلك يؤهلنا للخوض في فكر الزيدية بما تمليه علينا قناعاتنا السياسية المحصنة الآن بسياج متين من المعرفة المتراكمة ، علها تحصننا من تلك النزعات العرقية المبثوثة بين سطور القراءات السبع لتراث معتزلة اليمن . وهي في متنها ، تضمر تشويه الحقائق التاريخية ، بل وتزييف وعي الجماهير بأهداف الثورة اليمنية وثوابت النظام الجمهوري لصالح مشروع دولة القبيلة قيد البناء والتكوين ، أو بتعبير آخر تكريس مفهوم الرعوية الدينية ، بمعزل عن مبدأ المواطنة الحرة ودولة المؤسسات والقانون . وحيلة بحثنا ودراستنا قطعاً الإلتفاف على دور قبلية الدولة لكوننا نتطلع مع الشرفاء من أحرار اليمن إلى بناء صرح اليمن الجديد المتحرر من قيود الرعوية الدينية وربيبتها الطائفية السياسية بمختلف مسمياتها ودلالتها الثقافية .
أكتفي بهذا القدر من الإحالات والملاحظات الأولية على سائر القراءات السبع وحواشيها الثقافية ، لإتاحة الفرصة أمام القارئ الإطلاع على محتويات أبوابها وفصولها ، لكي لا تختلط المقاصد وتضطرب الغايات في ضوء المسلمات والأحكام الجاهزة . فكل قراءة كما أسلفنا، تنضح بتلك الآهات والأنات المتباكية على الكتاب والسنة، في حين تعمد بعضها إلى حركات الإخفاء ، والإقلاب ، والإظهار ، والإدغام وغيرها من أحكام ولوائح مقننة . وكنا نؤثر عدم الإطالة والإسترسال ، لأن المقدمة كما يقال تغتال الدهشة وصاحبها ! وبالتالي تحرم القارئ متعة تذوق قراءة النص وحاشيته ، دون الحاجة إلى إعتماد منهج "آخر العلاج بالكي" ، أو منهج "ديمقراطية الباب المخلوع" !
كما أسجل هنا خالص شكري وتقديري للحاج محمد مدبولي شيخ الناشرين العرب ، الذي يستحق هذا اللقب وغيره عن جدارة ، بإعتباره واحداً من أهرامات المعرفة الحديثة في العالم العربي الكبير الذي لا يخلو من الرجال المخلصين . فلولا تلك الرعاية الأخوية الحانية من ذلك الأخ العربي الطيب ما كان لهذه الدراسة أن ترى النور. غير أن الفضل كل الفضل يعود بالدرجة الأولى لله تعالى ، الذي هداني بهدية وأمدني بفارغ الصبر والحلم والتقوى في لحظات الشدة والإنكسار ، أتضرع له وحده لا سواه وأدعوه دوماً وأبداً أن يقيل عثرتي من الزلل ، وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، وأن يهديني سبيل الحق والرشاد ، ويجنبني سبيل الغي والفساد ، وأن يحسن خاتمتي ومثواي .
وخاتم قولنا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، والعاقبة للمتقين .
عبد العزيز بن قائد سيف المسعودي
مدينة الأصبحي - حدين سابقاً
صنعاء - 2006م / 1427هـ