أنت هنا

قراءة كتاب إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر

كتاب " إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر " ، تأليف د. عبد العزيز قائد المسعودي ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 8

- الشافعي: فذاك أنت يا أمير المؤمنين ، أنكم ولد العباس ، وهم ولد علي ، ونحن بنو المطلب، فأنتم ولد العباس ترونا أخوتكم ، وهم يرونا عبيدهم .

- الرشيد: يا أبن أدريس كيف علمك بالقرآن؟

- الشافعي: عن أي علومه تسألني ؟ عن حفظه ، فقد حفظته ووعيته بين جنبي وعرفت وقفه وإبتداءه ، وناسخه ومنسوخه ، وليله ونهاريه ، ووحشيهُ وإنيسهُ ، وما خوطب به العام يراد به الخاص ، وما خوطب به الخاص يراد به العام .

- الرشيد: والله يا ابن ادريس لقد أدعيت علماً فكيف علمك بالنجوم؟

- الشافعي : إن لأعرف منها البري من البحري ، والسهلي والجبلي ، والفيلق والمصبح وما تجب معرفته.

- الرشيد: فكيف علمك بأنساب العرب ؟

- الشافعي : إني لأعرف أنساب اللئام وأنساب الكرام ونسبي ونسب أمير المؤمنين .

- الرشيد : لقد أدعيت علماً ، فهل من موعظة تعظ بها أمير المؤمنين.

- فذكر الشافعي موعظة الطاووس اليماني فوعظه بها فبكى ، وأمر له بخمسين ألفاً - لعلها من الدراهم - وحمل على فرس وركب بين يدي الرشيد ، فما أن وصل الباب حتى فرقها جميعاً على الحجاب والبوابين ." (56)

التحليل الفقهي لمؤسسة الخلافة

استحوذت مسألة الخلافة على أذهان الدارسين باختلاف الأزمنة والأمكنة والمسميات. وكان الفقهاء والمورخون في مقدمة من أدلوا بدلوهم في هذه المسألة الشائكة أي الإمامة ، باعتبارها امتداداً للنبوة . فابن خلدون في المقدمة ، يناقش هذه المسألة الفقهية من منظوراً سياسي محض ، شأنه في ذلك شأن الماوردي ، في مؤلفه ( الأحكام السلطانية والولايات الدينية). فكلاهما ، يقتربا كثيراً من مطارحات القلقشندي المضمنة في مصنفه (مأثر الأنافة في معالم الخلافة) ، وفي متابعتهما لتداعياتها الدينية المقدسة من جهة ، واستيعاب دلالاتها السياسية على أرض الواقع من جهة أُخرى. وهكذا نجد الفقهاء والمؤرخون على إختلاف مشاربهم السياسية يقرون مبدأ القرشية كشرط من شروطها ، لكنهم في نفس الوقت يشددون القول على أن الخلافة لا تقوم لها قائمة دون العصبية والغلبة ، الأمر الذي ينفي عملياً مبدأ الشورى المنصوص عليه في القرآن الكريم.

ويذهب ابن خلدون إلى نفس القول في محاولته التمييز بين الخلافة والإمامة تمييزاً بين ما هو إلاهي (النبوة) وما هو بشري (حب الرئاسة) . فالملك ، على حد قوله " يحصل بالتغلب، والتغلب إنما يكون بالعصبية واتفاق الاهواء على المطالبة وجمع القلوب وتأليفها إنما يكون بمعونة من الله في إقامة دينه .. " (57) كل ذلك اسهم في إرساء وترسيخ البناء السياسي للدولة الإسلامية الوليدة في عهد الخلافة الراشدة . فهل كان وارداً في ذهن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ما حدث يوم السقيفة كان مجرد فلته لا يمكن أن تتكرر ، ولسان حاله يردد تلك العبارة: فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه .

فكل محاولة للنهوض بأمر الخلافة ، أو الإمامة تخضع بدورها للنصوص المقدسة (الكتاب والسنة) ، طبقاً لتوجهاتها السياسية لكي تضفي على نفسها لباس التقوى الشرعية . إذ يصعب على القارئ المتدبر لسور القرآن الكريم وعددها (114 سورة) وآياتها (6236 آية) العثور على إشارة صريحة لمضمون الخلافة الراشدة أو الإمامة العظمى . في هذا المجال نورد خمس آيات قرآنية ورد فيها لفظ ( خليفة ) و ( إمام ) ، وهي :

- (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ( (58)

- ( وَإِذِ ?بْتَلَى? إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ?لظَّالِمِينَ( (59)

- ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَة وَإِيتَآءَ الزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ(

- ( أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلآءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( (60)

- ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ( (61)

- ( ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ( (62)

- ( ي?دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ?لأَرْضِ فَ?حْكُمْ بَيْنَ ?لنَّاسِ بِ?لْحَق وَلاَ تَتَّبِعِ ?لْهَوَى? فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ?للَّهِ إِنَّ ?لَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ?للَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ?لْحِسَابِ( (63)

أما الاحاديث الشريفة التي ترصع بها المصنفات الفقهية والمباحث الكلامية ، فهي ترمي إلى ربط الإمامة بالنبوة ربطاً جذرياً ، باعتبار الأولى أصل من أصول الدين . فمنذ تاريخ اغتصاب بنو أمية وبنو العباس الإمارة من بني هاشم ، وما رافق ذلك من ثورة فكرية واضطرابات سياسية شُغل العالم الإسلامي ردحاً طويلاً من الزمن بهذه القضية من دون طائل. في مجمل الصراع على الرئاسة وظف أطراف النـزاع كافة أسلحتهم المادية والمعنوية لافحام الخصوم ، وكان علم الحديث هو الميدان الأوسع للمتبارين .

الصفحات