أنت هنا

قراءة كتاب الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث

الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث

كتاب " الأسطورة والحقيقة في التاريخ العربي الحديث " ، تأليف د. ذوقان قرقوط ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2005 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: مكتبة مدبولي
الصفحة رقم: 1

القسم الأول

الصحـوة الوطنيـة

الفصل الاول : عوامـل الصحـوة

1 - الحملة الفرنسية

وصف ميو أحد قادة الحملة الفرنسية على مصر ، مواجهة الشعب المصرى للاحتلال فى مذكراته ، ويؤيده الجنرال إدوار جوان فى كتابه : مصر فى القرن التاسع عشر(1) ، فقال : لقد واجهنا الشعب بحرب مستمرة : «.. كحية ذات مئة رأس كلما أخمدها السيف والنار من ناحية ظهرت فى ناحية أخرى أقوى وأشد ، كانت تتعاظم ويتسع مداها كلما ارتحلت من بلد إلى آخر..»(2) وليست الحقيقة فى قول الأستاذ شفيق غربال بأن الفرنسيين خرجوا من مصر : «بفعل الإنكليز والعثمانيين وحدهم » بل الحقيقة أن الشعب قاومهم فى طول البلاد وعرضها بتشكيلات منفصلة عن المماليك ، وأحيانًا موازية لهم . ولما تقرر ترحيلهم دفع الشعب النفقات اللازمة . وكانت ضريبة الرحيل باهظة قدرت بثلاثة آلاف كيس ( خمسة عشر ألف جنيه ذهبًا حينئذ ) « دفعها الشعب عن طيب قلب وانشراح خاطر ، ودون تأخير لعلمه أن ذلك المبلغ هو ثمن لترحيل الفرنساوية ، ويقول : سنة مباركة ويوم سعيد .. »(3) .

خرج الفرنسيون وخرج الشعب من هذه المحنة بالعزة . فلم يعد يتقبل الانصياع والإذعان لمتطلّبات الوالى العثمانى ، وتعلّم الرفض . وجاءته المناسبة للوقوف فى وجه الوالى أحمد خورشيد الأكثرهم فسادًا ، والذى سبقه فى ذلك ثلاثون ألفًا من الدلاة أحضرهم معه ، ففاق ما شهدته مصر منهم من السلب والنهب والقتل والدعارة فظائع الانكشارية والمماليك ، فقد توجها بفرض ضريبة عن سنة مقبلة لم تستحق بعد . رفض غالبية التجار الدفع ، وأقفلوا محالهم ، ولجأوا إلى الأزهر فأقفل وعطلت الدروس فيه ، وأعلن العصيان ، وحوصر رسل الوالى العثمانى أحمد خورشيد الذين أوفدهم للتفاهم فى الحارات قبل أن يصلوا ، وانهال عليهم الطوب من أسطح المنازل ، عادوا(4) وخرج الناس من بيوتهم يقيمون المتاريس والاستحكامات فى الشوارع .. وتلك الفترة هى التى قال عنها دروفوتى Drovotty قنصل فرنسا يومئذ : إنحالة القاهرة ذكرته بأيام باريس فى مطلع الثورة الفرنسية(5) .

وكان لابد للوالى أحمد خورشيد من التراجع ، فقرر إعفاء الفقراء من الضريبة . ولكن السيد عمر مكرم أجاب : بأن أرباب الحرف والصناعات أصبحوا من الفقراء كذلك ، وقال - على ما يذكر الدكتور عبد العزيز محمد الشناوى أيضًا - ما علاقة التجار بتدبير الأموال لحرب المماليك؟. لكن خورشيد لم يكن فى استطاعته إلغاء الضريبة كلها ، فهو لا يملك ما يدفع منه مرتبات الجنود حتى يخلدوا إلى السكينة ، وليست له سلطة على الجنود ليأتمروا بأمره ويرحلوا عن القاهرة ويبتعدوا عن إيذاء الناس . حتى كان يوم 12 مايو ( أيار ) 1805 عندما ركب السيد عمر مكرم ومعه العلماء إلى دار المحكمة ، وطلبوا من القاضى عقد « مجلس شرع » يختصمون فيه الوالى أحمد خورشيد واستدعاء « المتكلمين فى الدولة لمجلس الشرع » وحضر من طرف الوالى خمسة مندوبون ؛ وانعقد المجلس فى ظل الحشود التى تدفقت تملأ الشوارع والأزقة المؤدية إلى مكان الاجتماع ، وهى تردد « هتافات عدائية : شرع الله بيننا وبين هذا الظالم ، ويا لطيف ! ، أو يا رب يا متجلّى ، اهلك العثمانلى ! » .

الصفحات