أنت هنا

قراءة كتاب النظام السياسي في تركيا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظام السياسي في تركيا

النظام السياسي في تركيا

كتاب " النظام السياسي في تركيا " ، تأليف د أحمد نوري النعيمي ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 3

ان الدبلوماسيين الفرنسيين وبالذات في عهد السلطان سليم الثالث قد احتكوا بالموظفين ورجال الحكم في الدولة العثمانية، كل ذلك قد دفع السلطان المذكور ان يقوم بمحاولة تنسيق افكار التقرب من العالم الاوربي وذلك اعتباراً من عام 1792، فقد طلب من رجال الحكم البارزين في الدولةالعثمانية كتابة تقارير حول حاجات الدولة في هذا المجال. وقد انصبت جلّ هذه التقاريرعلى وجوب ادخال الاصلاحات في الجيش العثماني، وذلك بمعاونة خبراء عسكريين في اوربا شريطة عدم تعارض ذلك مع الشريعة الاسلامية(6).

ان اتخاذ قرار ارسال بعثات عسكرية الى فرنسا قد اوجد بعد مدة من الزمن طبقة اجتماعية، استطاعت بعد ذلك التغلغل في الجيش، فقد اصبح لها نفوذ وقوة في داخل الجيش العثماني(7).

ان تأثير الثورة الفرنسية على الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر كان واضحاً في هذا المجال. ان قيام الثورة الدستورية عام 1908 ونمو حركة القومية التركية ثم تأسيس الجمهورية التركية، كان ذلك بتأثير من الثورة الفرنسية(8).

وبامكاننا ان نقول ان حركة التحديث في تركيا العثمانية وبشكل ملموس دخلت الى حيز الوجود على عهد سليم الثالث، وتسمى هذه الحقبة مرحلة(الدفاع عن التمدن)، وبموجب ذلك تبنت الدولة العثمانية نظام التعليم الاوربي واللغة الاوربية والابجدية العسكرية.وفي هذه الحقبة وضع السلطان(وثيقة الاتفاقية) ـ Sende ltti fack وذلك في عام 1808 والتي تتضمن تعهد الحكومة المركزية واقطاب المقاطعات بالاحترام المتبادل للحقوق الثابتة. ان هذه الوثيقة تعدّ بمثابة نجاح لسلطة الوجهاء المحليين، وتشبه وثيقة ماكناكارتا(9).

وقد قام سليم الثالث بانشاء مجموعة من المدارس والمعاهد العسكرية ذات الطابع الغربي، وقد تم تبادل الخبراء وارسال البعثات العسكرية الى الدول الاوربية لمواكبة التطور الذي وصلت اليه الجيوش الاوربية، فضلاً عن طبع الكتب فيما يخص النواحي العسكرية، وترجمتها الى اللغة التركية العثمانية. وبالامكان ان نذهب بالقول الى ان هذا النوع من التبادل الثقافي بين تركيا العثمانية والدول الاوربية يعدّ نقطة البداية للاحتكاك العلمي والثقافي مع العالم الغربي، زد على ذلك ان المدارس العسكرية التي انشئت في هذه الحقبة وتزايدت في عهد السلطان محمود الثاني قدمت دراسة جيدة على النمط الغربي، اذا تذكرنا جيداً ان المدارس والمعاهد حتى في هذه الحقبة كانت تقوم اساساً على المدارس الدينية(10).

وقد تبنى السياسة نفسها السلطان محمد الثاني، وكان النجاح حليفه عندما استطاع عام 1826 الغاء التنظيم العسكري الذي كان بالياً، وذلك عند قيامه بالغاء الوحدات العسكرية المعروفة بوحدات الانكشارية(11).

وبغية ادخال المدنية الغربية الى الدولة العثمانية فقد تبنى القادة العثمانيون القوانين الدنيوية( الوضعية) وذلك قبل بزوغ القرن الثامن عشر وتحت عنوان Kanun. والحق ان مثل هذه القوانين قد اعدها السلطان سليمان الذي عرف في التاريخ العثماني بالقانوني Kamuni أي صانع القوانين.

وبعبارة أدق ايجاد قوانين خارج حدود الشريعة الاسلامية. ان هذه القوانين في بداية الامر لم تلفت انظار السلطة الدينية، الا انها اثيرت من قبل الاخيرة عندما اشار السلطان في كون هذه القوانين بمثابة ادخال المدنية الغربية الى الدولة العثمانية(12).

وقد انتهج بعد ذلك السياسة نفسها السلطان محمد الثاني، حيث جرّب نظام فيالق الانكشارية وحل محله التدريب الاوربي. هذه السياسة أدت الى انتهاء سمو الشريعة في عملية صنع القرار في سياسة الدولة(13).

ان هذه السياسة من قبل السلطان محمد الثاني مهّدت الطريق امام استخدام البرامج الغربية من قبل حلفائه الذين جاءوا بعده، إذ قاموا باصدار المراسيم الامبراطورية في عام 1839 التي عرفت بمرحلة التنظيمات(1839ـ1876) حيث بدأت في نهاية حكم السلطان محمود(14).

ان ادخال عهد التنظيمات الى حيز الوجود يرجع في حقيقة الامر الى ان الدبلوماسية الاوربية عن طريق بريطانيا وفرنسا مارست ضغطها على الدولة العثمانية بعد معاهدة Adrianople التي أبرمت في عام 1829، وكانت تنص على ادخال المدنية الغربية الى الدولة العثمانية. وفيالحقيقة ان مراسيم 1839 و1856 ودستور 1876، كانت نتيجة من نتائج هذه الضغوط(15).

وقد انتهجت الدول الغربية مجموعة من الاساليب لادخال المدنية الغربية الى تركيا العثمانية، ففي عام 1839 وصل الى عرش السلطنة عبد المجيد الاول حيث كان يشبه السلطان سليم الثالث من حيث الرغبة في الاصلاح(16). وفي هذه المرحلة كان رشيد باشا سفيراً فوق العادة للدولة العثمانية في لندن، فما كان من عبد المجيد الا ان عينه وزيراً للخارجية(17).

الصفحات