أنت هنا

قراءة كتاب علماء النهضة الأوروبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علماء النهضة الأوروبية

علماء النهضة الأوروبية

كتاب " علماء النهضة الأوروبية " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

الفصل الأوّل

عصر النهوض الأوروبي

1 ـــ أثر الدفء المناخي في نهوض أوروبا(800 - 1100 للميلاد)

أسهم الإنسان في خلق بيئة اصطناعية على سطح الأرض عبر تاريخه القديم والحديث، حيث اتخذ المستوطنات الدائمة مقراً له وقطع الأشجار لبناء السفن والمساكن وأقام السدود وأنشأ المشاريع الزراعية وقنوات الري وغيرها، وذلك لسد احتياجات بقائه ورفاهيته في ظل ظروف طبيعية واجتماعية وسياسية واقتصادية قاسية.

وفي العصور الوسطى تحديداً، تعرضت الأرض لفترة دفء مناخي نتيجة اشتداد ظاهرة النشاط الشمسي، وقد أطلق عليها فترة الدفء الرومانية (Roman Warm Period) ، ثم دخلت الأرض بعد ذلك في "عصر جليدي مصغـّر" استمر حتى مطلع القرن التاسع عشر، حينما بدأت ترتفع درجة الحرارة منذ ذلك الوقت واستمرت بوتيرة متصاعدة حتى يومنا هذا مصحوبة بتلوث هائل أسهم في انطلاقة ظاهرة الانحباس الحراري التي تعانيها الكرة الأرضية اليوم وأدى إلى تغيرات مناخية عظيمة.

فنبدأ من نحو عام 800 للميلاد، حيث تعرضت أوروبا بين القرنين التاسع والثاني عشر لفترة دفء مناخي أسهمت في زيادة الإنتاج الزراعي نتيجة جفاف الكثير من المستنقعات على نحو لم يشهد تاريخ القارة الأوروبية له مثيلاً. إذ شهدت أوروبا بناء الكاتدرائيات الضخمة والكنائس العظيمة وذلك تعبيراً عن امتنان الأوروبيين للخيرات التي أغدق الله بها على عبيده والتي سمحت لأوروبا بالازدهار وتعاظم ثروتها.

وكنتيجة لانقضاء تلك الفترة المزدهرة من تاريخ أوروبا ظهرت كاتدرائية شارتر (Charters) في فرنسا التي انطلقت منها مدرسة شارتر المشهورة فيما بعد، كذلك ازدادت أعداد السكان في أوروبا ازدياداً كبيراً في تلك الفترة، حيث ظهرت نحو 1500 مدينة جديدة فيأوروبا (1).

ولا بد أن منسوب مياه البحار كان قد ارتفع نتيجة ذوبان الثلوج بسبب ظاهرة الدفء المناخي، الأمر الذي أدى إلى إغراق الكثير من السواحل التي انتشرت المدن عليها، مما دفع السكان إلى الهجرة والانتقال إلى مناطق أكثر أمناً واستقراراً. وربما كانت هذه العوامل، إلى جانب عدم استقرار الطقس في القرن الحادي عشر وهيمنة الكنيسة على مناحي الحياة المختلفة وغيرها من الأسباب، قد أدت في النهاية إلى تحفيز نزوح الفرنج إلى الشرق في القرن الحادي عشر تحديداً.

ففي إنجلترا، مثلاً، انتشرت زراعة الكروم نتيجة تغير المناخ صوب الدفء، وكانت إنجلترا في تلك الفترة تـُصدِّر النبيذ إلى فرنسا، حيث تزدهر صناعة النبيذ اليوم؛ كما تطورت تكنولوجيا الزراعة وصناعة معدات الزراعة والأسلحة، فزادت الحاجة إلى حرق الحطب والفحم في صناعة المعدات المعدنية من خلال تكنولوجيا صهر خامات المعادن، الأمر الذي نجم عنه ضررٌ كبيرٌ للغابات، حيث فقدت فرنسا في تلك الحقبة نحو 50% من غاباتها خلال فترة الدفء المناخي (2).

الصفحات