أنت هنا

قراءة كتاب علماء النهضة الأوروبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علماء النهضة الأوروبية

علماء النهضة الأوروبية

كتاب " علماء النهضة الأوروبية " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

2 ـــ حروب الفرنج واتصال العرب بالغرب(1095 - 1492)

ساهمت ظاهرة الدفء المناخي التي اجتاحت أوروبا نحو مطلع القرن التاسع الميلادي واستمرت حتى القرن الثاني عشر، في زيادة ثراء أوروبا وتزايد عدد سكانها، وقد لاحظنا كيف اجتاحت أوروبا في نهاية القرن الحادي عشر كوارث طبيعية ساهمت في تعجيل النزوح البيئي والهجرات الجماعية صوب الشرق، إذ أدت التغيرات في المناخ العالمي، إلى جانب المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأخرى، إلى تحفيز هجرة الأوروبيين نحو الشرق واشتعال الحروب الدامية في القرن الحادي عشر التي استمرت حتى القرن الرابع عشر؛ فماذا كانت نتائج اتصال الحضارة العربية الإسلامية بالحضارة الأوروبية الصاعدة؟

أخذ العرب عن الصينيين صناعة الورق في القرن الثامن الميلادي ونقلوها إلى صقلية، حيث صدرت هناك أول وثيقة على ورق أبيض عام 1090، وبُنيت في بولونيا وإيطاليا مطاحن للورق في نهاية القرن الثالث عشر، ثم قامت مطاحن الورق في ألمانيا عام 1389. وهكذاتم التخلص من عناء الكتابة على ورق البردي الذي كان يستورد من مصر (7)، وأصبح بالإمكان نقل العلوم والآداب إلى أكبر عدد ممكن من الناس؛ كذلك كان الإصلاح الديني ممكناً وعلى نطاق واسع، حيث تمت ترجمة الإنجيل إلى اللغات القومية الأوروبية ونشر بين الناس.

كما تعلم العرب تقانة البارود عن الصينيين حوالى القرن الثاني عشر، واستخدموه في الحرب فيما بعد، وبخاصة في إسبانيا منذ مطلع القرن الرابع عشر (8). وقد اسهم ذلك في توسع الأوروبيين في صناعة الأسلحة وتطوير السفن المسلحة بالمدافع؛ التي مكنتهم من التنافس على سيادة المحيطات، كما فعل الإنجليز عام 1588 عندما دمروا الأسطول الإسباني وأغرقوا أشهر سفنه "الأرمادا".

وقد شكل انتقال التكنولوجيا من الشرق إلى الغرب عاملاً مهماً في تقدم الغرب، إذ تعلموا من الشرق بناء الطواحين الهوائية التي شاهدوها في سورية، كما أخذوا الدولاب المائي المحسّن عن السوريين أيضاً. واقتبس الغرب من الشرق بعض المزروعات، كالأرز والحنطة السوداء وقصب سكر (9)، ونقلوا الكثير من أشجار الفواكه والحمضيات وزرعوها عندهم، وبخاصة خلال تلك الفترة التي ارتفعت فيها درجة حرارة الجو في أوروبا والتي ساهمت في نمو هذه المحاصيل المتوسطية هناك وفي زيادة الثروة الأوروبية وتراكمها.

وكان أثر العرب عظيماً في الغرب حيث تم انتقال علم الرياضيات والأرقام العربية وما أخذوه عن البابليين والهنود، وتخلصوا من الأرقام الرومانية التي كان تعاملها مع الأرقام الكبيرة شاقاً جداً. فسهلت الأرقام الجديدة أعمال التجارة والعلوم الطبيعية والطبية القادمة من الشرق، فضلاً عن أهميتها الفائقة في تدوين الأرقام الكبيرة الضرورية لدراسة علم الفلك؛ فقد كانت العلوم العربية الإسلامية على اختلاف فروعها متطورة جداً نسبة إلى أوروبا في أثناء حروب الفرنج.

منذ مطلع القرن التاسع الميلادي والعلماء المسلمون يشتغلون بالعلوم الطبيعية، كجابر بن حيان الذي لاحظ أهمية العلاقة الجدلية بين النظرية والتطبيق، العقل والتجربة، واعتبر التجربة العلمية ممارسة إنسانية يقيمها عقل الإنسان ومنطقه، ثم يتحقق منها بالتجربة، ليعود مرة أخرى ليراجع ما توصل إليه من نتائج فيسعى لتطوير النظرية.

ومقولة جابر بن حيان المشهورة: "العلة الأولى هي العقل، والعقل هو العلم، والميزان هو العلم" تدل على التركيز على أهمية العقل. وكذلك أكد فيلسوف العرب الكندي (ت 873) على أهمية العقل بصورة أكثر وضوحاً، فمن خلال مؤلفه "رسالة في العقل"، اعتبر العقل المرجعية الوحيدة لتحصيل المعارف، وأناط بالرياضيات دوراً مهماً في تأسيس المنظومات النظرية واعتبرها طريقاً أساسياً صوب المعرفة.

الصفحات