أنت هنا

قراءة كتاب علماء النهضة الأوروبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علماء النهضة الأوروبية

علماء النهضة الأوروبية

كتاب " علماء النهضة الأوروبية " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

ولكن فترة الدفء المناخي التي سيطرت على الكرة الأرضية لم تمنع دخول الأرض في فترات صقيع وبرودة شديدة بين فينة وأخرى، ودليل ذلك تجمد نهر النيل عام 829 للميلاد. وهذه الظاهرة نجدها تتكرر اليوم، حيث تعاني مناطق كثيرة في العالم من تدني درجة الحرارة بالرغم من ظاهرة الدفء المناخي المعاصرة.

ومهما يكن من أمر، فقد أدت التغيرات المناخية في ظل ظروف اجتماعية وسياسية مناسبة إلى صعود الحضارات واندثارها، فإن تجمد أجزاء من نهر النيل في عام 829 للميلاد كان إيذاناً بفترة تدني درجة الحرارة عالمياً؛ وقد تزامن ذلك الحدث مع انهيار حضارة المايا في أميركا الوسطى التي تقع على خط العرض نفسه تقريباً. ولكن، مع مطلع القرن العاشر بدأ العالم يشهد نتائج ارتفاع درجة الحرارة، فبدأ الثلج يذوب في المضيق الذي يفصل النرويج عن آيسلندا، فتم استيطان الفايكنغ في آيسلندا نحو ذلك التاريخ وخلال فترة الدفء المناخي تحديداً (3).

وعلى الرغم من استمرار فترة الدفء المناخي في القرن الحادي عشر، كانت درجة الحرارة في شتاء عام 1010 - 1011، على سبيل المثال، في منطقة البحر الأبيض المتوسط متدنية جداً. كذلك تعرضت أوروبا لبرد شديد وقارس خلال شتاء عام 1099 - 1100، وهوتاريخ يتزامن مع عام الحملة الصليبية الأولى، كما هو معروف، وقد انتشرت المجاعات في معظم أرجاء أوروبا (4).

ومهما يكن من أمر، ففي نهاية القرن الحادي عشر بدأ الطقس يميل إلى البرودة وحدثت أعاصير وفيضانات اجتاحت على إثرها الأمراض قارة أوروبا، فبدأ النزوح الشهير إلى الشرق الأوسط خلال حروب الفرنج في نهاية ذلك القرن.

وخلال حروب الفرنج في الشرق تكررت المجاعات في أوروبا نتيجة الطقس السيئ بين عامي 1143 - 1145، كما حصلت مجاعة بسبب الجفاف، عام 1215، بحيث باع الناس أطفالهم كعبيد للحصول على غذاء؛ فيما ذكر بعض المؤرخين أن الكثير من الفقراء كانوا يأكلون لحاء الشجر والجيف في أيام المجاعة، وقد كانت الحروب في الشرق العربي على أشدها في تلك الفترة. إذ تزاحم المهاجرون إلى الشرق في القرن الثالث عشر حيث اشتدت البرودة ودمرت المحاصيل الزراعية في أوروبا.

أما القرن الرابع عشر فقد كان سيئاً جداً على الأوروبيين، إذ هُزموا في الشرق شر هزيمة، وفي عام 1315 أدى استمرار هطل الأمطار إلى تدمير المحاصيل الزراعية وانتشار المجاعات، وكان شتاء عام 1322 عنيفاً بحيث عطل الملاحة في المنطقة بأسرها، وفي عام1347 انتشر الطاعون وحصد أكثر من ثلثي سكان أوروبا (5).

إن اشتداد البرودة خلال القرن الخامس عشر يرتبط باكتشاف العالم الجديد والدوران حول رأس الرجاء الصالح (أنظر الشكل: تناوب البرودة والدفء المناخي على الأرض). فمن الطبيعي في تلك الأجواء الشديدة البرودة أن تستثار الهمم لاكتشاف العالم وبناء مستوطنات في أماكن أكثر دفئاً وخصباً من تلك المتوافرة آنذاك في أوروبا.

تناوب الدفء والبرودة المناخية منذ القرن الثالث قبل الميلاد

ونتساءَل أيضاً عن النهضة الأوروبية وارتباطها بظاهرة الدفء المناخي أولاً، ثم محاولات النزوح إلى خارج أوروبا للاكتشاف والتوسع في ظل برودة شديدة تعرضت لها أوروبا والعالم في القرن الخامس عشر. فهل هي مصادفة أن تحط السفن الأوروبية في بحر الكاريبي، حيث الطقس الاستوائي الدافئ؟

بعد احتلال أميركا وإقامة المستوطنات فيها، بدأ الدفء المناخي النسبي يسود العالم مرة أخرى نحو عام 1520، واستمر كذلك حتى عام 1640، ثم عادت الدورة مرة أخرى حيث بدأ البرد يشتد منذ عام 1640؛ وقد سجلت أرقام قياسية لتدني درجة الحرارة بين عامي 1680 - 1700. وبلغت الموجة الباردة أوجها عام 1816 عندما لم يتمتع الأوروبيون بدفء الصيف، فتم الانتقال من الربيع إلى الخريف دون المرور بفصل الصيف.

الصفحات