أنت هنا

قراءة كتاب علماء النهضة الأوروبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علماء النهضة الأوروبية

علماء النهضة الأوروبية

كتاب " علماء النهضة الأوروبية " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

في سياق أعماله الموسوعية التي اتسم بها علماء عصره، قام روجر بيكون بإجراء العديد من التجارب الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية، ووصف الكثير منها؛ بعضها في الضوء وطبيعته وانكساره وانعكاسه، وبعضها الآخر في المرايا والعدسات.

وكانت عنده توقعات علمية هائلة، كصناعة منطاد وطائرة ذات أجنحة، كما وضع في عام 1242 إرشادات لصناعة ملح البارود التي أخذها الأوروبيون عن العرب والصينيين كما ذكرنا، وقد بدأ يشيع استعمالها في الأسلحة في القرن الرابع عشر. إن هذه الأعمال تذكرنا باشتغال فرانسيس بيكون بصهر المعادن لتطوير مدافع السفن الإنجليزية للهيمنة على التجارة البحرية.

لقد عرف روجر بيكون أطروحتي الكندي في علم البصريات تمام المعرفة، ومن المعلوم اليوم أيضاً أن روجر بيكون نفسه اعترف بفضل الكندي وابن سينا وابن الهيثم عليه في البصريات (27).

خطط روجر بيكون أيضاً للاشتغال بموسوعة علمية أطلق عليها: "القواعد الأساسية في فلسفة الطبيعة"، على نحو ما شرع فيه فرانسيس بيكون في مطلع القرن السابع عشر ولم ينهه. وقد أدى هذا الانفتاح على العلوم الحديثة إلى أن تتخذ السلطة الكنسية موقفاً حازماً منه كما ذكرنا. وقد كان فرانسيس بيكون حاذقاً وعملياً أكثر من روجر بيكون حيث قام بمحاولة لتسخير الدين لخدمة العلم والإنسان بدلاً من محاولات السخرية من الدين.

ومحاولات روجر بيكون الاشتغال بتصميم الآلات وصناعتها وإجراء التجارب عليها ليست بعيدة عن الأعمال الميكانيكية التي كانت معروفة أصلاً من خلال الكتب العربية المتوافرة في المراكز العلمية الأوروبية آنذاك؛ ولما كان روجر بيكون يعرف العربية تمام المعرفة، فلا بد أنه اطلع على أعمال العالِم المسلم الجزاري من ديار بكر التركية الذي صنع العديد من الساعات الميكانيكية المطورة عن الساعة الهندية المائية، فقد طلب منه ابن صلاح الدين الأيوبي (ناصر الدين) وضع كتاب في الآلات الميكانيكية. وكانت النتيجة صدور مؤلفه "كتاب المعرفة في الآلات الميكانيكية العبقرية" شرح فيه نحو خمسين آلة ميكانيكية، من ضمنها ساعات مائية متنوعة، ومنها ساعة الفيل العملاقة التي جمع في تصميمها رموز الثقافات والحضارات المختلفة (28).

لم يكن عصر روجر بيكون يغط في سبات عميق، بل كان عصر ترجمات الأعمال الفكرية العربية والعالمية إلى اللاتينية، فقد ترجم جيرارد الكريموني (Gerard of Cremona) أعمال الكندي وجابر بن حيان، كما ترجم أعمال الزهراوي في الطب وأدواته الجراحية، فضلاً عن أعمال ابن سينا وغيرها للغة اللاتينية؛ ولابد أن أعمال العالم والفيلسوف الإسكندراني يوحنا النحوي (John Philoponus) في نقد الأرسطية قد تمت ترجمتها أيضاً وتعرّف روجر بيكون إليها. لقد كانت القاعدة المعرفية متوافرة كي ينطلق منها لبناء مشروعه الموسوعي.

كانت الترجمات إلى اللاتينية قد بدأت على نطاق واسع منذ مطلع القرن الثاني عشر، فلا عجب، إذاَ، أن نرى اشتغال روجر بيكون بالتجارب الكيميائية في القرن الثالث عشر، ولا عجب أن نرى رهباناً من إنجلترا يقصدون طليطلة في إسبانيا المسلمة طلباً للعلم والمعرفة، مثال الراهب دانيال المورلي (Daniel of Morley) في القرن الثاني عشر.

وفي نهاية القرن نفسه، شرع مايكل سكوت (Michael Scott) وجيرارد الكريموني في ترجمة المخطوطات العربية في قرطبة؛ تبعهما هيرمان (Herman) الألماني ليترجم ما يجده في مكتبات طليطلة وصقلية وغيرهما من العربية إلى اللاتينية.

الصفحات