أنت هنا

قراءة كتاب علماء النهضة الأوروبية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علماء النهضة الأوروبية

علماء النهضة الأوروبية

كتاب " علماء النهضة الأوروبية " ، تأليف د. أيوب أبو دية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7

وأسهمت الحملات ضد الشرق في رفع مستوى الوعي الطبقي لدى مختلف طبقات المجتمع الإقطاعي في أوروبا، وقد تمظهر ذلك من خلال الصراع الذي قام بين الفلاحين والفرسان، وبين الأقنان وأسيادهم، الأمر الذي دفع الإقطاعيين إلى توحيد صفوفهم لصد ثورات الفلاحين (14).

وقد ساهم بعض المصلحين الدينيين في أوروبا، كمارتن لوثر (Martin Luther) ، في مواجهة ثورات الفلاحين على اعتبار أن الثائر على سيده الإقطاعي هو مُرتد عن الدين ومن شأنه أن يعاقب على ذلك في الآخرة.

كما أدت حملات الفرنج المتتالية إلى نقص في الأيدي العاملة في الإقطاعيات، الأمر الذي استدعى السادة أن يخففوا من عناء الفلاحين، فأخذت القنانة تتلاشى بالتدرج. كما كان بعض الفلاحين ينالون الحرية مقابل فدية نقدية. كذلك كانت بعض المدن تشتري حريتها من الأسياد الذين كانوا يجمعون النقود لتمويل الحملات "الصليبية".

لا شك في أن ذلك كله قد ساهم في ازدهار الأعمال الحرفية والصناعات اليدوية والتجارة وحركة رأس المال والاستثمار في تطوير وسائل الإنتاج، وبالتالي في ظهور طبقة ميسورة متحررة من قيود الإقطاع والكنيسة معاً؛ كانت هذه الاستقلالية من الأسباب الرئيسة التي شجعت العلم على التطور؛ بهدف تحقيق طموحات هذه الطبقة إلى التوسع التجاري عبر تطوير تكنولوجيا السفن والإبحار؛ فضلاً عن تطوير وسائل الملاحة وتكنولوجيا الإنتاج المختلفة.

فهل يمكننا التساؤل عن أثر حروب الفرنج في التطور التقني الكبير في الزراعة والملاحة وأنظمة الري وصناعة الملابس والورق، الأمر الذي خلق تكاملاً بين الأرياف والمراكز المدينية، وبالتالي خلق استهلاكاً وربحية واقتصاداً متكاملاً متعاضداً معتمداً على الذات؟

وهل يحق لنا التساؤل إذا كان هذا التراكم النوعي في مجالات الحياة المختلفة قد أدى إلى تغير كيفي على الصعيد المعرفي؟

بفعل هذا الزخم من الترجمات والتفاعل الحضاري بين الشرق والغرب، كانت قد تشكلت مدارس في القرن الثاني عشر في أوروبا، مثل مدرسة شارتر Charters في فرنسا التي دعت إلى إصلاحات في التعليم العالي، وركزت على تطوير علوم الحساب والموسيقى والهندسةوالفلك. وقد جُمعت في مدرسة شارتر أول مكتبة للعلم في العالم الغربي، وذلك لتضم بشكل منهجي كتابات العلماء الأقدمين (15).

ونستطيع التحدث أيضاً عن تأسيس أقدم جامعة أوروبية في ساليرنو حيث ازدهرت العلوم الطبيعية فيها بين القرنين العاشر والثالث عشر، تلتها جامعة بادوفا التي درس فيها الطبيب الإنجليزي المعروف وليم هارفي (William Harvey ) لمدة 28 شهراً والتي كانت مركزاً علمياً مهماً عام 1222، وهناك جامعة بولونيا في الوقت نفسه؛ وجامعة مونبلييه بجنوب فرنسا التي كانت شهيرة في العلوم الطبيعية نحو عام 1137، ولاحقاً جامعة أكسفورد في بريطانيا في القرن الثاني عشر.

كما نزعت أوروبا في القرن الثالث عشر نحو نهضة علمية جديدة تمثلت في مدرسة أكسفورد الإنجليزية، التي عنيت بالناحية الطبيعية في أرسطو (Aristotle) ، واهتمت بتطور العلوم عند العرب على وجه الخصوص (16).

الصفحات