كتاب " الدائرة المربعة " ، تأليف راتب الحوراني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الدائرة المربعة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدائرة المربعة
أحست سميرة مع روبير بمتعة لم تعرفها سابقاً مع جميلة. ومع ذلك عاودها شعور بالمرارة كذلك الذي كانت تحسه في تجربتها مع صديقتها. كانت جميلة سريعة، تصعد بسرعة، تصل إلى الذروة بسرعة وتهبط بسرعة جذلى منتشية بينما سميرة ما تزال في طور الصعود وإذا بها منهكة والقمة غير بعيدة ولكنها بعيدة عنها، ثم تهبط وكأنها تتراجع القهقرى.
مع روبير اقتربت أكثر بكثير وكادت تصل. ولكن لم يحصل.
لماذا؟ لماذا لم يحصل؟ لم يكن روبير سريعاً، جميلة كانت أسرع منه.
وتراءى لروبير أنها تحاذيه فمد لها يد العون ولم يفلح في رفعها إلى القمة. أحس بالذنب وحاول أن يخفف عنها:
ـ لعلّي كنت سريعاً أكثر من اللزوم، المعذرة.
ـ لا، لا داعي للاعتذار فالذنب ليس ذنبك.
ـ غالباً ما يحصل هذا في اللقاء الأول، في المرة الأولى. لا تقلقي سيكون الأمر أفضل في المرة القادمة. جسدانا بحاجة إلى تعارف، إلى ابتكار لغة خاصة بهما. لنترك لهما المجال. سنعيد الكرّة. ولا بد من أن ننجح.
ـ لا، لا على الفور.
ـ بعد حين، بعد الشاي.
ضحكت سميرة عند ذكر الشاي.
شربا الشاي وأعادا الكرة، ولكن بدون فارق كبير في النتيجة. تفاقم شعور سميرة بالمرارة. وراح كل منهما يشد بالمسؤولية صوبه ويهوّن على الآخر.
قاربت الساعة الثانية صباحاً. اقترحت عليه أن يبقى. أصر على العودة متذرعاً بالتعب وحاجة كل منهما إلى الراحة. تواعدا على اللقاء في المكتبة بعد سويعات.
* * *
وضع يسراه على بطنها الصغيرة المقعّرة فانزعجت من برودة يده.
سحب يده بسرعة وحاول أن يضعها بين ردفيها فأحس ببرودتهما مقارنة مع بطنها واطمأنّت إلى دفء يده النسبي. ظنّ أنها تحثه على تدفئة الأجزاء الأخرى الباردة من جسدها. فركز اهتمامه على الردفين، يتحسس استدارتهما واشتدادهما. الواحد منهما يملأ كفه وكأنه طابة فوتبول مخملية الملمس؛ ركّز أيضاً على الفخذين الرخاميين، يدلكهما ويلامسهما بما دفىء من جسده متوقعاً المزيد من الاطمئنان من جانبها.
* * *
تذكرت سميرة لعبة «الفروسية» التي كانت تلعبها وهي طفلة مع صبيان الحارة وكأنّها واحد منهم. يمتطي كل منهم قضيباً من رمان أو قصب وكأنه يمتطي حصاناً وينزل به إلى ميدان السباق. أعجبتها هذه اللعبة وربحت قصب السباق أكثر من مرة. ولكن لم يخطر ببالها آنذاك أنها ستلعب يوماً وهي كبيرة مثل هذه اللعبة. لم يخطر ببالها أنها ستكون يوماً هي الفرس والفارس في آن معاً، وأنها ستمتطي قضيباً ليس كتلك القضبان الصبيانية وفي وضعية كهذه تعجبها هذه الوضعية في العادة، ولكن ليس هذه المرة. هذه المرة لا تريد أن تكتفي بدور الفرس على الرغم من استمتاعها بهذا الدور، فهي تريد أن تكون الفارس وأن تقود لعبة الفروسية هذه وتتحكم بها كما يحلو لها. إذ طالما راودها حلم أن تمتطي جواداً يصعد بها إلى السماء السابعة. تعجبها هذه الوضعية عندما يحتضن روبير ردفيها ويبعث فيهما الدفء وبدورهما يصبحان مصدراً للدفء والحيوية والنشاط. بعد أن يكون قضيبه طرياً صغيراً، يكفي أن تشد عليه بردفيها، فيشتد ويمتد حتى يخترق الوادي من أقصاه إلى أقصاه. من أقصى الدبر إلى أقصى القبل حيث يلامس سفوح البطن ويعبث بالغابة الاستوائية فتنتابها رعشة تقشعر لها الشجيرات على طول الوادي وعلى امتداد الدلتا وينشق الوادي إلى ضفتين تتسعان وتضيقان. تحتضنان الجواد فيضطرب جيئة وذهاباً ويقاوم عبثاً الوقوع في المنزلق الذي يشده إلى الهاوية. وهي تعرف أن هذه الوضعية من أكثر الوضعيات إثارة لشريكها فتستسلم في العادة كالنعجة الوديعة وتترك العنان للجواد في مبادراته المجنونة واثقة من أن مآله إلى الانزلاق داخل المرآب. مآله أن ينزلق في الأتون. مهما دار وحام ولف وعرج صعوداً أو نزولاً، يمنة أو يسرة، ينزلق في الأتون يتخبط معربداً مزمجراً مهمدراً مزبداً قاذفاً حممه حتى يقع في ما يشبه الإغماء. ليس عبثاً أن يطلق بعضهم تسمية «الموت الصغير» على لحظة الإغماء هذه. ولكن ما أن يدخل المرآب حتى تفقد هي زمام التحكم به. فينتابها مزيج من المشاعر المتضاربة. ما بين لذة وحسرة، ما بين متعة وخيبة، ما بين شوق وأسف. تستأنس سميرة للعبة الفروسية هذه ولكنها لا تسيطر فيها على زمام المبادرة. هذه المرة، لا تريد الاكتفاء بدور المتلقي بل تريد أن تتحكم بمجرى الأمور حتى النهاية السعيدة، فلا بد من تغيير الوضعية.
* * *
بعد أن أحس بدفء يده صعد بها إلى أعلى ماراً ببطنها بأطراف أنامله واصلاً إلى نهديها الملتهبين تحت لباس قطني رقيق ناعم الملمس. فراح يدغدغهما بكل ما أوتي من رقة ورفق ضاغطاً بعض الشيء على الحلمة مرة وعلى العضلة مرة أخرى.
هذا هو الحجم الذي يحلم به منذ زمن ولم يلاقه من قبل. لاقى أصغر. لاقى أكبر، لكن هذا الحجم هو الأمثل للدغدغة والملاعبة، حجم البرتقالة. ما زالا شديدين، بشرتهما في منتهى النعومة. كم من مرة قال لها كلاماً من هذا القبيل، وهو يشيد بهما وبجسدها عموماً وبرقّة بشرتها.
وهي تشنف أذنيها بسماع هذا الغزل وتطرب له وتحاول أن تماشيه في مشاعره وأحساسيه، لكنها تصطدم في كل مرة بشعور مرير.
* * *