أنت هنا

قراءة كتاب الأب والابن والروح التائهة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأب والابن والروح التائهة

الأب والابن والروح التائهة

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: علاء حليحل
الصفحة رقم: 10
لم يرغب جمال في أن يفسد هذه الساعة على والده الشيخ، فهو يعرف معزته لها. وجمال في الواقع يحب هذه الساعة أيضًا كثيرًا. منذ أن شبّ وغزا الأيمانُ قلبه، درج على مرافقة الشيخ علي إلى الجامع لصلاة الفجر. وعندما كانا يعودان إلى البيت، كان الشيخ علي يجلس في موضعه الدائم ويختلي والشمسَ وحدهما. ولكنه لم ينظر ولو مرةً واحدةً إلى الخلفِ ليرى جمالَ جالسًا على سريره الملاصق لشبّاك غرفته المطل على شمس الفجر ووالده الشيخ. بالنسبة لجمال تحوّل هذا المشهد إلى ملاذِه من عالم الرذائل والسوء، وكان وهو يرى والده، كل صباح، يجلس محدقّا في الشمس الرائعة، يطرب ويجذل للمشهد؛ وقبل أن يسافر إلى القاهرة للدراسة في الأزهر بيوم واحد، تطلع إلى والدِه الشيخ وشمسِه وهو يعلم أنه لن يرى هذا المشهد إلا بعد سنين عديدة، فاغرورقت عيناه وأقسم بينه وبين نفسه، وهو يستعوذ ويحوقل ويطلب المغفرة، أقسم بأن الله لو أراد أن يظهر لإنسانٍ ما على هذه الأرض، لكان اختار هذه اللحظة زمانًا، وقرص هذه الشمس مكانًا، ووالده الشيخ ونيسًا.
 
"كنتُ أراك دائمًا، كل يوم، وأنت تجلس هنا تستقبل الشمس وحدَك"، قال جمال.
 
"أعرف. كنت أنا أراك أيضًا وأدعو لك بكل الخير."
 
بدتِ الدهشة واضحة على وجه جمال، ولكنه لم يرغب في أن يجعل تساؤله ظاهرًا، فصمت. إذن فهو كان يعرف بمراقبتي له كل فجر، فكّر جمال. نظر إلى والده الشيخ علي بتمعن، ولم يُزح نظره عندما التفت إليه الشيخ علي ونظر إليه. بعد برهة قال:
 
"سأعود إلى الأزهر. ليس لي ما أفعله هنا."
 
بدا أن الشيخ علي لم يتفاجأ البتة. نظر إلى قرص الشمس وبدا أنه يستمع لأحد ما.
 
"ولكننا بحاجة إليك. أنا قاربتُ على الشيخوخة ويجب أن تملأ الفراغ من بعدي."
 
"العمر الطويل يا حاج، لا تقل ذلك."
 
"الموت حق."
 
"والحياة حق أيضًا."
 
"أجل. ومن الأفضل أن يكون لحياتك معنى."
 
"هذا ما أبغيه فعلا. أريد أن أعرف أكثر وأن أدرك أكثر."

الصفحات