أنت هنا

قراءة كتاب الإسلام والعلمانية في العالم العربي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والعلمانية في العالم العربي

الإسلام والعلمانية في العالم العربي

كتاب " الإسلام والعلمانية في العالم العربي " ، تأليف حيدر عبدالله شومان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

4- أنواع العلمانية

كثيراً ما تَردُ تقسيمات أو نعوتٌ للعلمانية توحي بتعدد أشكالها واختلاف اتجاهاتها، لكن تطور العلمنة من مرحلة إلى مرحلة، أو التبدل الحاصل في وعي سالكي نهجها وانعكاس ذلك في الممارسة، هو الذي يجعل من بعض الباحثين يُقدِمون على إطلاق التسميات والأنواع على العلمنة أو العلمانية. فإن العلمانية كيان، قد تتطور مراحله وتشتد، وقد تتأخر، وقد تعيش تغيراً طفيفاً لا يُبرز أثراً جلياً في واقعه، كما أن لأي من هذه المراحل خاصية تميزها عن غيرها في أحداث الزمان والمكان وما يعتريها من مؤثرات. يقسم الدكتور المسيري العلمانية إلى علمانيتين: جزئية وشاملة.

الأولى جزئية ونعني بها العلمانية باعتبارها فصل الدين عن الدولة، والثانية شاملة ولا تعني فصل الدين عن الدولة فحسب، وإنما فصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، لا عن الدولة وحسب وإنما عن الطبيعة وعن حياة الإنسان في جانبيها العام والخاص، بحيث تُنزع القداسة عن العالم ويتحول إلى مادة استعمالية يمكن توظيفها لمصلحة الأقوى. ويعتبرهما دائرتين متداخلتين: الأولى صغيرة (ونشير إليها بالجزئية) والأخرى كبيرة (ونشير إليها بالكلية أو الشاملة) (19).

أما الشيخ شمس الدين، فإنه يقسمها إلى متطرفة (ملحدة) ومعتدلة، ولذلك نحن نعتقد بأن العلمانية المتطرفة ستقترب كثيراً من العلمانية المعتدلة (20).

أما تعريفهما: «العلمانية المعتدلة، حيث تعترف الدولة للدين بدائرة نشاط خاص به، يمارس فيها نشاطه الخاص من خلال مؤسساته في المجتمع. وثانيهما العلمانية المتطرفة أو الملحدة حيث تقف الدولة من الدين موقفاً سلبياً من جميع الجهات فتلغي وجوده إلغاءً تاماً، وتمنعه من ممارسة أي نشاط على الإطلاق».

أما الشيخ سفر الحوالي فيقول: «ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود: فبعضها تسمح به، كالجماعات الديمقراطية الليبرالية، وتسمي منهجها (العلمانية المعتدلة Non Religious ) أي إنها مجتمعات لا دينية ولكنها غير معادية للدين وذلك مقابل ما يسمى (العلمانية المتطرفة Anti Religious ) أي المضادة للدين، ويعنون بها المجتمعات الشيوعية وما شاكلها» (21).

ونرى عند الدكتور عزيز العظمة أن العلمانية ليست بالوصفة الجاهزة التي تطبق أو ترفض، فإن لها وجوهاً: «وجهاً معرفياً يتمثل في نفي الأسباب الخارجة على الظواهر الطبيعية أو التاريخية، وفي تأكيد تحول التاريخ دون كلل، ووجهاً سياسياً يتمثل في عزل الدين عن السياسة، ووجهاً أخلاقياً وقيمياً يربط الأخلاق بالتاريخ والوازع بالضمير بدل الإلزام والترهيب بعقاب الآخرة. ولكل من هذه أشكال ومناسبات مع وقائع التاريخ المحيطة بها» (22).

وهناك من يريد أن يعقد نوعاً من الانسجام أو التقريب بين الإسلام والعلمانية بإدخال نوع يقابل العلمانية الملحدة أو المتطرفة وهو العلمانية الإسلامية.

يقول الشيخ يوسف القرضاوي: ومن غرائب ما ذكره بعض الليبراليين الجدد، ممن يعيشون في أمريكا، ويدورون في فلكها الفكري والسياسي: ما يسمونه العلمانية الإسلامية!! ولا أدري كيف تكون العلمانية إسلامية؟ هل يقبل أن نقول: الشيوعية الإسلامية؟!! أو اللادينية الإسلامية؟!! (23)

ومنهم من اعتبر أن هـنـاك مزيجاً مذهبياً واحداً بين الإسلام والعلمانية ليتبلور المصطلح الجديد: العلمانية الإسلامية. وهو مصطلح وجد مضمونه الواقعي ونموذجه الحي في تجربة تركيا الكمالية (24).

وعلى أي حال فإن هذه الضبابية في فهم مصطلح العلمانية أو مفهومها كانت ولما تزل من الأمور التي أضفت الكثير من الصراعات الفكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها، حيث وجهات النظر تختلف باختلاف استيعاب الفكرة، وطريقة طرحها، والمكان والزمان اللذين يصوغانها. واللافت أن كل ما ذكرنا من تباين في فهم العلمانية، قد ينطبق على مؤيديها أو مخالفيها. فلا بد من التطرق - ولو بشيء من الإسهاب - إلى نشأة العلمانية في الغرب لكي تتضح صورة الطرح بشكل علمي أفضل.

الصفحات