أنت هنا

قراءة كتاب من أجل الجمهورية الثالثة في لبنان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من أجل الجمهورية الثالثة في لبنان

من أجل الجمهورية الثالثة في لبنان

كتاب " من أجل الجمهورية الثالثة في لبنان " ، تأليف منير قرم ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

على درب المواطنة

«لا يجدر بأحد أن يغفل القانون». هذا القول المأثور، وإن أسيء استخدامه أحيانًا أو خفّف القضاة من وقعه غالبًا، فإنه لم يبرح حافلاً بالمعنى. فإنه يشير إلى كلّ واحدٍ منا بضرورة العيش في كنف المجتمع والاحتكام إلى القواعد التي تمّ سنّها جماعيًا. وفيإطار الدولةالدستورية الحديثة، يعني ذلك،على وجه الخصوص، أنعلى كل مواطنأن يعرفالمبادئ الأساسيةالتي تحكمالدولةوعلاقتهابالأفراد. بيد أننا في كثير من الأحيان، نتجاهلالمعيار الأساسيالذي يحددهذه القواعد.فغالبًا، نكتفي، وفي أحسن الأحوال، بشذرات المعرفة أو نركن، في الحالات الأسوأ، إلى الصور النمطيّة (الكليشيهات). فـ«ميثاقالعيش المشتركـ«، و«الوطن العربي»، و«رئيس الجمهورية المارونيورئيس الوزراءالسني»... جميعها شذرات تفتقر إلى الدقة وتعروها ذكرياتغامضةمننصّ، بقدر ما هو بمنأى عن القراءة، بقدر ما هو بعيد عن احترام الحكام له وتطبيقهم إياه.

في الواقع، إذا كاناللبنانيونلا يعرفوندستور جمهوريتهم،فهم نسوا بلا ريبأساسياتالتوافق في ما بينهم، وعناصررغبتهم في العيشمعاً.فعدم معرفة الدستور، منذ الانقلاب على الطائف(1) عام 1992، ليست سوىانعكاس لاجترار السلم الأهلي المفروض جراء تضافرظروفإقليمية ودوليةبموازاة الضجرمنحرب بلا نهاية. هذا الانحرافالمزمن، بلغاليوم ذروتهبعد فشلمؤتمر الدوحةفي عام 2008،ولقد كان غافيًا أصلاً في اتفاق الطائف حيث تعددتمصادر القراربدلاً منتكوين اقتناععميق بآلية بديلة. فبقي الاتفاق ترتيباً انتقالياًحتى يلتف اللبنانيونمجدّدًا حولتوافق جديد في الآراء.

وبينما يغرق لبنان، يومًا بعد يوم في صراعٍ ثنائي بين معسكرين لا ينظران بنظرة ثاقبة إلى مجرى الأمور، ويكاد يلملم أنفاسه بعد اعتداء اسرائيلي آخر جلب معه القتل والدمار مرّةً جديدة، يبدو من الضروري قراءة دستورنا لمحاولة فهم الوضع الذي وصلنا إليه. وقراءة الدستور هذه تعني البحث من جهة عن المبادئ الأساسية للحياة المشتركة وتعريف مصطلح الدولة (المقدّمة، المواد المتعلّقة بالحريات وبالأرض وباللغة وبالعدالة...)؛ وتعني، من جهة أخرى، آليات توزيع السلطة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وتنظيم قراراتها (التعيينات، وتوقيع المراسيم وصلاحيات إسقاط الحكومة أو حلّ مجلس النواب...). الدستور المعدّل بموجب اتفاق الطائف تشوبه تناقضات بين جملة من المبادئ، ويعتريه توزيعٌ مبهم للسلطات، وتغيب عنه آليات تنظيميّة شتى فضلاً عن عقبات هيكلية وعثرات يوميّة تلخص الحياة السياسية في لبنان اليوم.

وفي حين تثور الشعوب العربية ضد إهمال الحكومات وفساد الأنظمة والتدهور الدائم للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يجب أن يلقى الاهتمام بموضوع الدستور الأذن الصاغية من قبل المواطن. وضمن هذا المنحى، أعرض بكل تواضع، في الصفحات اللاحقة، تحليلاً للنص الدستوري وقراءةً في ممارسته، وأفتح نافذةً من هنا على الصيغة الميثاقيّة التوافقيّة في لبنان. ويستند هذا التحليل، من زاوية نظرية، إلى أعمال سالفة من لبنان (وهي على ندرتها ترجع أساسًا إلى أبحاث إدمون رباط المأثورة) وإلى القانون الدستوري المقارن (دساتير الدول الأوروبية ودستور الولايات المتحدة)، إضافة إلى مراجع أساسية في القانون الدستوري. لقد تم تدوين هذه الصفحات بموازاة هدف مثالي محرّكه إرادة الغوص في الموضوع الدستوري، ورفع الصوت عاليًا من أجل رسالة أخرى للبنان.

مقدّمة

الصفحات