أنت هنا

قراءة كتاب شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

موضوع هذا الكتاب ((شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة))، وهو بحث معنيّ بكشف أحداث ذلك الصراع الذي احتدم بين الإسلام ومناوئيه عندما ظهرت الدعوة إلى الإسلام، وبإلقاء الضوء على الدور الذي شارك فيه الشعر في ذلك الصراع.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

التمهيد

الدراسات السابقة

حين عكفت على دراسة الفترة التي نشب فيها الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبي الكريم، وجدت أنها فترة غنية بالثروة الأدبية. وحين جئت أتعرف على الدراسات التي تناولت هذه الفترة، والجهود التي بذلت في سبيل ثروتها الأدبية، وجدت أنها قليلة. وهي - على قلتها – لم تستهدف دراسة الفترة لذاتها، وإنما تناولت جانباً منها، أو درست ظاهرة من ظواهرها، أو عالجت بعض أحداثها الهامة. واتخذت بعضها من الفترة جسراً تعبر عليه من العصر الجاهلي إلى العصر الأموي، وأنصبَّ جهد بعضها الآخر على دراسة الشعراء البارزين فيها، وكأنْ لم يكن لهذه الفترة التاريخية الخطيرة من المكانة والاعتبار ما يستحق الوقوف عندها، والتفرغ لدراستها دراسة شاملة تتناول جميع جوانبها، وتتعرف اتجاهات شعرها وظروفه وخصائصه الأدبية.
وحين ذهبت أتلمس الأسباب التي صرفت الدارسين عنها، وجدتُ أن أولها هي تلك الفكرة الخاطئة التي شاعت في أوساط الباحثين، وهي فكرة تزعم أن الدعوة الإسلامية قد ناوأت الشعر، وأن القرآن الكريم قد حارب الشعراء، وهاجمهم في أكثر من موضع[1] ناظرين إلى آيات سورة الشعراء التي تقول: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ)( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُون)( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ) دون النظر إلى هذه الإستثناء الذي جاء بعدها في قوله: ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ).
وثاني هذه الأسباب أن الفترة تقع بين فترتين كبيرتين وغنيتين بالثروة الأدبية، هما: الفترة الجاهلية والفترة الأموية، فعدُّوها لذلك فترة انتقال قصيرة من عصرٍ إلى عصر. وما دامت الظواهر الأدبية لا تظهر ولا تتكامل في فترات الانتقال فقد صدّوا عنها وأهملوها. بل وذهبوا إلى أكثر من ذلك فَعَدَّوها هي والفترة التي عاشها الخلفاء الراشدون ضمن الفترة الأموية، فكان نتيجة لذلك أن طُمِسَت معالمها الأدبية، وأصبحت لا تثير الاهتمام والانتباه.
وثالث هذه الأسباب، هي عبارات الشك في بعض شعر الفترة التي أثبتها بعض القدماء في كتبهم وبخاصة ما ورد منها على بعض صفحات السيرة، التي اتخذ منها بعض الباحثين من المستشرقين وغيرهم من أمثال مرجليوث، وبلاشير[2] سبيلاً إلى التشكيك في جميع ما روى ابن إسحاق من شعر السيرة، وقرروا أنها وضعت من أجل الكتاب. وهذه الأسباب وغيرها جعلت الباحثين ينصرفون عن الفترة ويتهيبون من دراستها.
ومع وجود هذه الأسباب فقد قامت هناك دراسات حول شعر الفترة، لعلَّ أولها تلك الدراسة التي قام بها نالينو في كتابه ((تاريخ الآداب العربية)) فقد قام بتصنيف الشعراء – تبعاً لمواقفهم من الإسلام – إلى ثلاثة أصناف:
أولها: الشعراء الذين قالوا الشعر في مدح النبي سواء أسلموا أم لم يسلموا، مبيناً أن أكثرهم وأشهرهم من أهل المدر الذين كانوا يفدون في الجاهلية على الملوك، ككعب بن زهير والأعشى وحسان بن ثابت.
وثانيها: الشعراء الذين قالوا الشعر في رثاء قتلى الكفار وهجاء النبي، وأغلبهم من أهل مكة وأشهرهم: عبد الله بن الزبعري، وضرار بن الخطاب الفهري، والحارث بن هشام بن المغيرة، وأبو سفيان بن حرب.
والثالث: الشعراء الذين أسلموا ولم يهتموا في أبياتهم بأمور النبي والدين، وهم اكثر شعراء أهل البادية كمتمم بن نويرة اليربوعي وأبي محجن الثقفي، وجرول بن أوس الحطيئة، والشماخ بن ضرار الذبياني، وأخويه مزرّد وجزء، وعمرو بن معد يكرب الزبيدي والهذليين: أبي خراش خويلد بن مرة وأبي ذويب خويلد بن خالد.
وقد أغفلت هذه الدراسة حشداً كبيراً من الشعراء الذين شاركوا في الصراع فلم تحفل بذكرهم، ومن هؤلاء: كعب بن مالك وعبد الله بن رواحة الأنصاريان اللذان شاركا مشاركة فعالة في الصراع مع المشركين، وأغفلت كذلك شعراء المهاجرين في مدينة الرسول كأبي أحمد بن جحش وأخيه عبد الله، وعبد الله بن الحارث السهمي، وغيرهم، وتجاوزت شعراء آخرين – غير هؤلاء وهؤلاء – شارك شعرهم في الصراع، منهم المكّيون كأبي سفيان بن الحارث، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، وعمرو بن العاص وغيرهم، ومنهم من كان بالطائف كأمية بن أبي الصلت ومالك بن عوف النصري، ومنهم شعراء اليهود مثل: كعب بن الأشرف وسماك وغيرهما، أما النساء الشواعر فلم نجد لهن ذكراً في هذه الدراسة.
ومع ما في دراسة نالينو من نقصٍ وتقصير إلا أنها كانت دراسة رائدة فتحت عيون الباحثين على أهمية الفترة، فاستتبعتها دراسات أخرى تناولت كل منها جانباً معيناً منها.
من تلك الدراسات ما قام به الدكتور احمد الشايب في كتابيه ((تاريخ الشعر السياسي)) و ((تاريخ النقائض في الشعر العربي)) ففي الباب الثاني من الكتاب الأول تناول دراسة الشعر في صدر الإسلام، فكشف عن ملاحظات قيّمة منها: اتجاه الشعر في هذه الفترة إلى القرى كالمدينة ومكة والطائف، واستيقاظ الشاعرية القرشية، وانقسام شعراء القبائل إلى فئتين: إحداها مع الرسول - صلى الله عليه وسلم- والأخرى عليه، ومشاركة النساء في مجال الصراع. كما عرض لموقف اليهود من الإسلام، وأورد في أثناء حديثه شواهد شعرية لبعض شعراء الصراع وشواعره، ولاحظ كذلك كثرة الشعر المنحول الذي حمل على شعراء هذه النهضة الدينية من مدرستي: مكة والمدينة، وأشار إلى طمس الشعر الذي هُجِيَ به الرسول- صلى الله عليه وسلم- والمسلمون.
وعندما تناول الناحية الفنية، لاحظ اختلاف تأثير الإسلام في أساليب الشعراء المخضرمين الذين ظهر عليهم وهم يقولون الشعر كالحطيئة ولبيد والخنساء وكعب بن زهير وحسان بن ثابت، ثم قام بتقسيم فنون شعر الفترة إلى قسمين: ضعيفٍ غثّ ٍ وقويّ ٍ وأورد بعض النماذج الشعرية ثم قام بتحليلها.
وصفوة القول، فإن الأستاذ الشايب قد نهج في تفسير شعر الفترة نهجين متقابلين: اتجه الأول منها إلى هدف هذا الشعر وغايته الذي أُنشيء في سبيله، أياً كان هذا الهدف، حزباً سياسياً أو قبيلاً عربياً أو شعباً أجنبياً أو مذهباً حكومياً.
واتَّجَهَ الثاني إلى فنونه المعروفة كالفخر والحماسة والوصف والهجاء والنسيب، ورأى أنها تتجه إلى شخص أو قبيلة أو حزب أو أمة، تصور ما لها وما عليها في رأي التاريخ الحقيقي أو رسم التصوير الخيالي.

الصفحات