أنت هنا

قراءة كتاب شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة

موضوع هذا الكتاب ((شعر الصراع بين الإسلام وخصومه في عصر النبوة))، وهو بحث معنيّ بكشف أحداث ذلك الصراع الذي احتدم بين الإسلام ومناوئيه عندما ظهرت الدعوة إلى الإسلام، وبإلقاء الضوء على الدور الذي شارك فيه الشعر في ذلك الصراع.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

المصادر التاريخية

وحين وقفنا على هذه المصنفات، وجدنا أنها أكثر المصادر الْتِصَاقاً بموضوع بحثنا، فهي من أوفر المصادر أخباراً، وأغزرها شعراً. ولكنها في الوقت ذاته أكثر المصادر احتواءً على الشعر الموضوع، فقد كان بعض المؤرخين في حاجة إلى الشعر للاستشهاد به على ما يوردون من قصص، ولتزيين ما ينقلون من أخبار. ومن هذه المصادر: كتاب ((المغازي)) لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي (ت:207هـ) و((أنساب الأشراف)) لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت:271هـ)، و((تاريخ الرسل والملوك))لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت:316هـ) و((الكامل في التاريخ)) لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير (ت: 630هـ)، و((إمتاع الأسماع لما للرسول من الأنباء والأموال والحضرة والمتاع)) لتقي الدين أحمد ابن علي المقريزي (ت: 732هـ)، و((البداية والنهاية)) لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي (ت: 774هـ). وغيرها.
وقد انصبت عناية الواقدي على الأخبار التاريخية، ولكنه مع ذلك أثبت خمسة وعشرين نصاً لجميع اطراف الصراع. وإلى جانب حرصه على السند فقد حرص أحياناً على إبداء الملاحظات، والتعقيب على بعض الأشعار التي يوردها[26]. وقد وجدنا أن بعض الشعر الذي ورد في كتابه مختلط بالخبر، وبعضه مختل الوزن، ومرد ذلك – فيما نظن – يرجع إلى عدم عناية النساخ والمدونين.
وجمع البلاذري في أنساب الأشراف بين التاريخ والتراجم، وتشابك الأنساب والأدب، فروى كثيراً من الأشعار في سياق الأخبار المسندة التي رواها. وقد حظي شعر الصراع بعنايته واهتمامه، فأثبت منه ما يقرب من ثمانين نصاً مشفوعة بالأسانيد. ويبدو أنه قد صرف همه إلى رواية شعر المسلمين، وشعر المشركين المكيين، أما شعر اليهود وشعر القبائل فلم يحظيا إلا بالقليل من عنايته، فما أثبته من هذا الشعر في كتابه لا يكاد يتجاوز عشرة نصوص[27].
وتبرز قيمة أنساب الأشراف في أنه نقل لنا شعراً كثيراً لم نجده في بعض المصادر السابقة عليه والمعاصرة له.
ويعتبر ((تاريخ الرسل والملوك)) مجموعة من الوثائق الأولية المدونة بطريقة الإسناد، فقد نهج فيه الطبري إلى إسناد كل واقعة – حيثما تيسر ذلك – إلى شاهد عيان أو إلى شخص معاصر انتهت روايته إليه عبر سلسلة من الرواة[28]. وقد وشح هذه الوثائق والأخبار – بكثير من عيون الشعر، فروى سبعين نصاً من شعر الصراع ما بين قصيدة ومقطوعة وأرجوزة، وزعها على جميع أطراف الصراع، إلا أنه خص شعراء المسلمين وحدهم بنصفها تقريباً، وخصَّ شعراء القبائل الوافدة بقسم منها.
ويعتبر الكتاب ذا أهمية خاصة عندنا، لأن مؤلفه ضمّنه نصوصاً من شعر الصراع تحرَّج غيره من روايتها[29] وأودعه من الشعر ما انفرد بروايته من بين معاصريه وبعض السابقين عليه[30]، وروى فيه بعض المنقضات الشعرية التي تقاذف بها شعراء المسلمين والمشركين[31].
وأورد كل من ابن الأثير في كتاب ((الكامل)) والمقريزي في ((إمتاع الأسماع)) وابن كثير في ((البداية والنهاية)) نصوصاً كثيرة من شعر الصراع، إلا أنهم نقلوا هذه النصوص عمن سبقوهم من رواة هذا الشعر. وابن كثير أكثر هؤلاء العلماء رواية لشعر الصراع فقد أثبت في كتابه معظم الشعر الذي أورده ابن هشام في السيرة، وحرص على إثبات الملاحظات التي أبداها ابن هشام على الشعر المروي عن ابن إسحاق، غير أنه انفرد ببعض الملاحظات، كما أعلن عن تركه لبعض الأشعار تجنباً للإطالة، وامتنع عن رواية شعر اليهود، وشعر المشركين الذي فيه كفر بواح.
ومن أهم المصادر التاريخية وأقدمها كتاب ((سيرة الرسول)) لأبي محمد عبد الملك ابن هشام بن أيوب الحميري (ت:218هـ). والكتاب من تصنيف محمد بن إسحاق ابن يسار (ت:150هـ) ثم روي عنه بأكثر من طريق, وقد رواه ابن هشام بوساطة أبي محمد زياد بن عبد الله العامري البكَّئي الكوفي (ت:183هـ). ويعتبر من أقدم كتب السيرة التي حفظتها لنا الايام. ويبدو على صاحبه من طابع الِجّدِ والأمانة والرغبة الشديدة في التحفظ – في كثير من الروايات والأشعار – تأثماً وتقوى، مما يحمل على الإكبار والتقدير.
وقد سرد ابن هشام أحداث السيرة وأشعارها عن الرواة الثقات، وعما اطَّلَعَ عليه من المدونات، وحفظ لنا في الكتاب أكبر كمية من الشعر يمكن أن يحويها كتاب واحد. غير أنه شكَّ في كثير مما رواه ابن إِسحاق من هذا الشعر، فانطلق يلتمسه عند أهل العلم والدراية كأبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة، وخلف الأحمر، ويونس النحوي، وغيرهم من الرواة الأثبات، ثم اضطلع بمهمة تنقيته من الوضع والانتحال ما وسعه ذلك، فقام برد الكثير منه، وامتنع عن رواية بعضه، وأثبت بعض الآراء النقدية على بعض ما أثبت منه في كتابه. وتعتبر دراسته للشعر دراسة رائدة، واعتمدها كثير من العلماء من بعده، وسوف نقف على دراسته لشعر السيرة تفصيلاً في نهاية هذا الفصل.
وطبع كتاب السيرة طبعات متعددة – اعتمدت منها طبعة مصطفى السقا وزملائه – وليس بين أصولها ما هو أقدم من نسخة الروض الأنف للسهيلي. وقد أخذ عن ابن هشام جميع من ترجموا للسيرة من بعده كالخشني وابن كثير وغيرهما.
ومن هذه المصادر أيضاً كتاب (( الروض الآنف)) لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي (ت:518هـ). وقد برز جهد السهيلي في شرحه للشعر الذي ورد في كتاب السيرة النبوية لابن هشام، وأعلن عن ذلك بقوله: ((وغرضنا في شرح هذه الأشعار الواردة في كتاب السيرة أن نشرح منها ما استغلق لفظه جداً، وأغمض إعرابه، ولكني لا أعرض لشيء من أشعار الكفرة التي نالوا فيها من رسول الله، إلا شعر من أسلم وتاب))[32].
ولم تقتصر عناية السهيلي على شرح الشعر فحسب، بل أثبت في كتابه شعراً كثيراً لم يورده ابن هشام في السيرة، فأورد نيفاً وعشرين نصاً، بعضها لم نجدها في كتب غيره من العلماء الذين رووا شعر الصراع أو قسماً منه[33].
وهناك مصادر تاريخية أخرى لا تقل أهمية عما سبق وذكرناه، من حيث احتفالها بشعر الصراع وروايته، وهي كتب الطبقات: مثل كتاب ((الطبقات الكبرى)) لأبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع (ت:230هـ)، وكتاب ((الاستيعاب في معرفة الأصحاب)) لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر (ت:463هـ)، وكتاب ((أسد الغابة في معرفة الصحابة)) لأبي الحسن علي بن محمد المعروف بابن الأثير (ت:630هـ)، وكتاب ((الإصابة في تتمييز الصحابة)) لأبي الفضل أحمد علي ابن محمد بن حجر العسقلاني (ت:852هـ).
ويعتبر كتاب الطبقات الكبرى من أهم هذه الكتب جميعاً، والسبب في ذلك يرجع إلى أنه أقدمها، وأن مؤلفي هذه الكتب قد اعتمدوا عليه وأخذوا عنه. وقد قام ابن سعد بالترجمة للصحابة والتابعين، وحرص في أثناء هذه الترجمة على أن يورد مقطوعة أو أكثر للصحابي الشاعر. وكان علمه هذا نافعاً لنا، فهو قد حفظ في كتابه ما يزيد على ستين نصاً من شعر الصراع. وتبرز قيمة كتابه في أنه حمل إلينا أكثر من عشرين نصاً في رثاء الرسول الكريم، وأمدّنا أيضاً بفيض من شعر الوفود.
أما كتب الطبقات الأخرى: كالاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة، فقد روى كل منها ما يزيد على مائة نص من شعر الصراع. وميزة هذه الكتب أنها غنية بشعر القبائل التي وفدت على رسول الله بعد الفتح، وأغناها جميعاً بهذا الشعر كتاب الإصابة فقد حفظ لنا منه ما يقرب من ستين نصاً.
وكتب الطبقات بوجه عام تخلو من شعر اليهود، فلم نجد فيها إلا نصاً واحداً[34]، وهذا أمر طبيعي، لأن عنايتها منصبة على ذكر صحابة الرسول الكريم، والتعريف بهم.
وتعتبر المصادر التاريخية نافعة لنا حينما نتناول ما ورد فيها من شعر الصراع بالنقد والتمحيص.

الصفحات