أنت هنا

قراءة كتاب أوراق الياسمين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أوراق الياسمين

أوراق الياسمين

كتاب " أوراق الياسمين " ، تأليف ابتسام مصطفى حسن رمضان ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الفصل الاول

استيقظ سمير من نومه على ابتسامة عيني دينا التي كان يحتاج الى جرعة من حنانها ليبدأ يومه الحافل بالعمل , ووضع يده على شعرها الاشقر الذي تمايل على خصرها ونظر الى عيناها العسليتين التي اخترقتهما اشعة الشمس وهمس لها بشوق : صباح الاشراق على امراة اعلنت معها بداية الحياة لاقهر حزني وامضي معها بحياتي ....ونظرت دينا الى عيونه التي اشرقت بنور الحياة وقالت له : اقترب مني اكثر فانت الروح وانت تعانق كلمات الاشتياق وحرارة انفاس شتتها البعد والغربة انتظرت ان تلامس بحرا صافيآ من الاشواق ... لقد ملأ الحب والحنان منزلهما وكانت طيور السعادة ترفرف على حياتهما , تزوجها سمير منذ سة اعوام و اثمر زواجهما بطفلهما احمد الذي ملأ المنزل عليهما ببرائته , ثم نهض سمير من فراشه ليحتسي قهوته الداكنة مع زوجته التي ملك قلبها وامتزج بروحها وكأن احساسها قد ارتبط به منذ الازل بدَل سمير ثيابه وذهب الى مكتبه الهندسي , انتمى سمير الى اسرة فقيرة لكنه كان من الطلاب المتفوقين واستطاع بعزيمته ان يصل الى طموحه الذي كان يكبر بقلبه بعد رحيل والده عن الحياة , اضطرت والدته لتعمل وكان سمير يساعدها بتامين احتياجات اخوته الى ان اصبح صاحب مكتب هندسي باجتهاده بالعمل قبَل سميرزوجته ومضى الى عمله و جلست دينا بجانب طفلها تحتضنه وتشتم منه رائحة البراءة ,وصل سمير الى عمله واخذ ينظر الى التصاميم المعمارية التي انجزها لتسليم مشروعه الجديد .

شعر سمير بالشوق لوالدته وبالحنين يسوقه اليها رغما عنه , فاطمأن عليها عبر الهاتف وما ان سمع صوتها حتى هدأت خلجات الشوق بصدره , وعادت به الذكريات الى ذلك الزمن الذي مضى عندما كانت والدته تحتضنه بحنانها وبحبها , رغم بساطة العيش الا انه كان يشعر بالهناء والراحة , ونظر سمير حوله فصورة حياته من الخارج توحي للناس بالسعادة ولكن الحقيقة كانت عكس ذلك , فقد كان سمير يشعر بغربة الروح رغم امتلاء حياته بالناس , وكان يحن الى انصاف احلامه التي لم يستطيع اكمالها , كم هي الليالي التي سافر بخياله الى قصور احلامه التي بناها من الرمال فهدمتها الرياح بجنونها وتطايرت غباره امامه على مفترق الطريق , ورغم ذلك بقي سمير يجلس على عتبة الامل ينتظر اكتمال القمر ليعانق احلامه المبعثرة فوق رمال الشوق بجنون الانتظار ولهفة المشتاق والمحب للحياة ,انتظر سمير شمس الاشراق ان تسدل ستار خيبة ظنونه بالحياة .

عاد سمير الى منزله الذي تسكن خيبته به , واشترى لاحمد الحلوى التي يحبها , والتقى سمير بجاره والقى عليه التحية ومضى بطريقه الى منزله , ثم صعد الدرج وكانت رائحة الطعام تعبق المكان وكانت الرائحة تشتد كلما اقترب من المنزل , ودق سمير الجرس وكانت ضحكات احمد البريئة تعلو وتملأ المكان وتشده الى عذوبة سنوات عمره التي مضت , وعندما راى سمير ابنه ضمه الى قلبه وادرك ان وجوده بحياته يخفف عنه من غربة احلامه وشعوره بالخسارة رغم امتلاكه المقومات التي تضمن له السعادة خرجت دينا من غرفتها وهي تتألق بثوبها الاخضر الذي زاد من جمالها وبرائحة عطرها التي ملات المكان اقتربت دينا منه وعانقها سمير وكأنه يعيش معها فتات الشعور وبقايا الحب الذي بقي مختزنا بداخله ولم تستطيع دينا اخراجه من اعماقه او حتى احتواء عشقه بليلة مجنونة , رغم جفائه لها الا انه كان يعني لها صرخة الحياة وبداية جديدة مليئة بالطموحات التي تريد ان تعيشها معه .

وجلس سمير يتناول الطعام مع عائلته , وكان يفكر باحلامه التي كانت تقف بزاوية الوهم تبحث عن ممر بالحياة لتنفذ منه , قاطع صوت مواء القطة عليه انسجام افكاره واخرجه من وهم خيالاته , ورغم انه لم يكن يتحدث الا قليلا الا ان دينا شعرت بغربة روحه وكأنه يعيش بعيدآ عنها رغم جلوسه بجانبه واعتقدت انه مرهق من العمل , ثم ذهب احمد الى غرفته ليرسم لوحاته التي تزخر بالالوان البريئة , فكان يملك موهبة الرسم والتي حرصت دينا على تنميتها , وامتلات خزانته بالالوان والاقلام ,تناول سمير طعامه وذهب الى السوق ليشتري بعض الحاجيات للمنزل .

وحضرت والدتها سعاد لتطمأن عليها , ورحبت دينا بقدومها وجلس احمد بجانب جدته وكان يمسك بلوحاته الجميلة لتراها سعاد وتثني عليها , وكانت مسرورة بحفيدها الذي يملك الحس الفني بداخله واحضرت دينا العصير وبعض الحلوى لوالدتها التي اكملت عامها الثامن والاربعين وما زالت تحتفظ بقوام ممشوق وتقاسيم وجه تنبأ بالشباب الدائم والاهتمام بالجمال , فقد كانت امراة تتمتع بجاذبية كبيرة وحضور لافت ويكمن جمالها بأنه خليط من روحها المعطاءة والممتلئة بحب الحياة وبمسيرتها التعليمية الزاخرة بالنجاح , كانت سعاد فيما مضى معلمة الا ان اسست مدرستها التي كانت بها على موعد مع الطموحات والنجاحات التي اضافت الى سجل حياتها الكثير , وتزوجت من الطبيب وجيه عندما التقى بها صدفة بعيادته فوقعت بقلبه مكانآ واحتلت به كل كراسي الانتظار, ومع مرورالوقت تعتق حبها بقلبه واصبح اهم اولوياته ان يحقق لها السعادة , واثمر زواجهما بعائلة سعيدة وبابناء سطروا نجاحهم بالحياة , انجبت سعاد ابنتها الاولى دينا التي كانت طالبة متفوقة حتى بدراستها الجامعية , وكذلك ابنها الطبيب علي والمقيم بالولايات المتحدة والمتخصص بجراحة العظام والذي لم يبقى على قدومه سوى القليل , وابنتها المدللة ريما التي دررست اللغة الانجليزية والتي تعمل بمدرستها , ودعت سعاد ابنتها وقبَلت حفيدها وذهبت الى منزلها الذي يسكن الامل بجوانبه ويعيش الحنان بزواياه وهي التي تملكه بقلبها , ثم مضت بطريقها تنظر الى وجوه الناس وتقرأ افكارهم المختزنة بداخلهم , وصلت سعاد الى منزلها وكان زوجها ينتظرها ليسمع صوتها وليغمرها بشوقه .

طوال سنوات مضت لم يخيب وجيه ظنها وكان رجلآ تفتخر به , وبقلبه الذي يضم اسمى العواطف والاحاسيس فقد ابتدأ معها العمر بقصة حب اسطورية عندما اشرق بهاء وجهها على حياته , وعندما قبَلها وجيه عاد بذاكرته للايام العذبة التي مضت عندما اسقت سعاد زهور حياته التي ظن انها ذبلت ولكن وجودها اعاد له الحياة من جديد بعد أن طافت فراشاتها الرقيقة على زهور قلبه واسقت بحبها ما جف من ايامه , فكان ممتن للاقدار التي وضعت بدربه زوجه متجددة , ملكت بشخصها القدرة على الالهام والتغيير وايقنت كيف تقوي دعائم علاقتها به وتقوي الرابطة بينهما حتى بعد انقضاء اعوام وسنين على زواجهما وضمها وجيه الى صدره , فملكته قلبآ وعقلآ وكيانآ , وقدم لها وجيه لحظات جميلة لن يكون بمقدورها ان تنساها .

الصفحات