كتاب " أوراق الياسمين " ، تأليف ابتسام مصطفى حسن رمضان ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب أوراق الياسمين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
![أوراق الياسمين أوراق الياسمين](https://files.ektab.com/php54/s3fs-public/styles/linked-image/public/book_cover/j59f.jpg?itok=6tUEECHx)
أوراق الياسمين
قالت له ريما بصوت كله شوق:عندما رايتك اول مرة انرت ظلمة قدري وملات به الشوق وتدفقت به الحياة فالروح من بعدك لم تعد تقوى على الحياة بدونك .
استذكر سعيد بيت شعر للشاعر بهاء زهير :
رسائل الشوق لو بعثت بها اليكم لم تسعها الطرق ولا السبل
امسي واصبح والاشواق تلعب بي كانما انا شارب منها ثمل
فردت عليه ببيت شعرلنفس الشاعر:
يزداد شعري حسنا حينما اذكركم ان المليحة فيها يحسن الغزل
غائبين وفي قلبي اشاهدهم وكلما انفصلوا عن ناظري اتصلوا
وعندها امتلا قلبه بحبها وحنانها وشعر انها تبادله نفس المشاعر التي فاضت بقلبه ,قال لها سعيد: متى ساراك ثانية ؟قالت ريما:دع الاقدار والصدف ترتب لنا الموعد ,فلن يكون بمقدورنا ان نرتبه كما تفعل الاقدار .وشعر انها تملك قدرا كافيا من الذكاء فزاد ذلك من اعجابه بها ,وتمنى ان يراها ثانية, ومضى كل منهما بطريقه والحب يملا قلوبهما .
عادت سلمى الى بيتها الذي لم تشعر يوما بالانتماء له ,وكانت تشعر كانها الة تحضر النقود لزوجها الذي ادمن الخمر وكان يعتمد على راتبها ,وكانت تصبر على اهانته لها وعلى ضربه من اجل اطفالها الذين لم يختارو منذ البداية ان يدفعون ثمن زواج غير متكافئ ,طلب منها زوجها نقود ليشتري الخمر الا انها اخبرته انها لا تملك النقود فانهال عليها بالضرب والشتم وقررت حينها ان تذهب لمنزل والدها وان لا تعود لحياتها التي لاقت منها ما يهينها ويجرح كرامتها.
افاقت اميرة من نومها باكرا مستقبلة العطلة الصيفية بما يكفي من نشاط وارتدت ثيابها التي انتقتها سعاد ووضعت لمساتها على هندامها ,نظرت اميرة بنفسها بالمراة ووضعت يدها على تقاسيم جسدها الذي لم تكن تعتني به ,وكانها زهرة خجلت ان يرى احد جمالها فاختبات بنفسها,نزلت اميرة درج المنزل الذي كانت تسكن به فالتقت بخلدون الذي يسكن بجوارها ,القى خلدون عليها التحية وكان يشعر بالاندهاش من التغيير الذي اصابها فاظهر جمالها الذي كان يختبا بداخلها قال لها خلدون :اين كان يختبا كل ذلك الجمال فشعرت بالخجل من الاطراء المفاجئ الذي سمعته وكانها لم تكن تتوقع ان تسمعه منه,شكرته اميرة ,واردف خلدون قائلا :يصادف اليوم عيد ميلاد ابنتي التي قدمت لتوها من السفر لتطمان علي وسأتي لشراء الحلويات من متجرك , رحبت به اميرة بمحلها المتواضع وانصرفت بطريقها ,الا ان خلدون شعر انها اخذت قلبه معها وانه يعرفها منذ زمن ,رغم انه انهى عامه الثامن والاربعين الا انه بقي يتمتع بجسد رشيق وصحة موفورة ,مضى خلدون بطريقه وكان لكل منهما ظروف مشابهة تجمع الوحدة بينهما وغياب الاهل فبعد وفاة زوجته وزواج ابنته بقي وحيدا وكان عندما يفتح باب منزله ويجده خاويا من الاصوات يشعر بالوحدة تملا حياته لانه بلا جليس يملا عليه حياته ويحتويه عاطفيا .وعندما وصلت اميرة لمتجرها بدات بتجهيز الحلويات لخلدون ,لمحت اميرة بعيونه نظرات الاعجاب التي لم تعتاد ان تراها بعيون من حولها ,حضر خلدون لياخذ الحلويات من اميرة وكان مسرورا لان اللقاء تكرر مرتين ,دفع خلدون ثمن الحلوى وشكر اميرة على حسن ذوقها بانتقاء الحلوى مضى خلدون بطريقه ولكن قلبه بقي عند اميرة وتمنى لو يبقى بجانبها طوال العمر لينسى وحدته وما يقاسيه من الم بلياليه التي غاب عنها القمر فلم يجد من يواسي غربته وشعوره ان العالم الرحب قد اصبح يضيق عليه ,شعرت اميرة بالارتياح لخلدون وهذا الشعور لم تشعربه من قبل وشكرت صديقاتها الواتي استطعن اخراجها من حالة سيطرت عليها طويلا .عادت اميرة الى منزلها بالمساء وجلست بغرفتها بجانب وسادتها الخالية التي عانقتها طوال عمرها وكانها تعانق ايام وسنوات مضت من عمرها هباءآ ولكن تسلل الى اعماق قلبها شعور بالسعادة وان حياتها ستتغير يوما ما وستخرج من عزلتها ووحدتها التي دامت طويلا.
مضت الايام وتكررت اللقاءات العابرة بينهماو التي جعلت خلدون يشعران اميرة تلك المراة التي ستضئ حياته بشموعها وستسقي ما تصحر من ايام بقلبه ,ولكنها ارادت ان تهرب من مشاعرها اتجاهه واصبحت تتجاهله وتبتعد عنه ,وقفت اميرة بالشارع تنتظر سيارة تنقلها الى عملها الذي اخرجها من حياة دامت لسنوات عديدة اعتادت بها على الشعور بالحرمان والجفاء ,اشارت اميرة لسيارة الاجرة ومضت الى مكان عملها ,شعر خلدون بالشوق لاميرة فذهب الى متجرها للاطمئنان عليها ,القى خلدون عليها التحية واخبرها بشوقه لها وانها المراة التي ملكت قلبه بحبها فلم يعد يقوى على مفارقتها وطلب منها ان يبدا معها رحلة العشق فوق امواج البحار بجنون لا يقاوم لتشهد الدنيا على حبهما ,شعرت اميرة بالدهشة من كلامه الذي لم تعتاد على سماعه ,وكانه سفينة تحملها الى بر الامان بعدما سكن الصقيع بقلبها بمرارة وقسوة الايام الماضية من عمرها ,كانت تريد ان تشعر بالحب وبالحنان وان تعيش حياة اخرى مختلفة عما عاشته بحياتها التي مضت من بين يدها كالسراب ,طلب منها خلدون ان لا تجيبه الان على طلبه وان تتريث وتاخذ وقتها بالتفكير ,اختلطت عليها مشاعرها بين الرغبة والخوف من خوض مثل هذه التجربة الجديدة بعدما قضت ايام طويلة من عمرها وهي تعيش وحدها بغربة الايام والليالي وتتسائل عن كرم الاقدار المفاجئ الذي قدم لها فرصة لتعيش الحياة من جديد وتجد من يحبها ويعشقها,وتطوي بوجوده دفاتر الماضي الحزين .فبقاءها بدون زواج طوال السنين التي مضت جعلها تتردد باتخاذ قرارها ,ولكن من داخلها كانت بحاجة لمن يكسر ملل حياتها وروتينه خاصة مع اقتراب مرحلة خريف العمرالتي ستكون بحاجة لدعم نفسي ومعنوي ووجوده بجانبها سيخفف عنها الكثير.
بدات صحة سمير بالتحسن وكان عليه مغادرة المستشفى اليوم وعندما حضرت سلمى ودعها كانه يراها لاخر مرة فلم يكن يتوقع ان تجمع الايام بينهما من جديد وطلب منه الطبيب اخذ قسط من الراحة ومراجعته للاطمئنان على الجرح,وقفت دينا تنظر لنظرات الحب التي ملات قلب سمير اتجاه سلمى فايقنت من داخلها بقصة الحب التي كانت تجمعهم الا ان الزمن حولها الى اوراق خريف تتلاعب بها الرياح فكسرت الرياح اغصانها والقت بها الى السواقي ,سيعود سمير الى حياة الملل والروتين التي سيطرت على حياته كانها خطوط من الزمن رسمت ملامحه بقسوة ,اما سلمى فلسان حالها يشكو من جروح الزمن الذي احدثه بقلبها الذي يحمل جروح واهانة لاقتها من زوجها ,خرجت سلمى من غرفة سمير فالتقت بوالدة سمير التي لاحظت الارهاق والتعب على محياها وكانت قد علمت من والدتها انها تريد الطلاق ,شكرتها على رعايتها لسمير وما قدمت له من علاج مضت سلمى بطريقها وهي تحمل جراحها بداخل قلبها وتشعر برغبة بالبكاء وكان شعورها بغربة الروح كبيرا رغم انها تعيش مع عائلتها ,مشت بدربها وهي تقلب صفحات ذاكرتها وشعورها بالحزن يعتري ليلها المجنون وهي تقلب كتاب حياتها الذي عصفت به رياح الحياة وتمنت ان تعيش بعيدا عن اوهام وهواجس سكنت بقلبها الا انها لم تستطيع البعد فقررت الرحيل عن حياة الالم مع زوجها الذي جعلها تخسر الكثير .
جلست والدة سمير بجانبه وكانت تطمئن عليه بالحنان الذي سكن قلبها بلهفة الام على ابنها ,همست والدته باذنه انه ما زال يحب سلمى اكثر مما سبق,فاجابها:لم يزيدني البعد عنها الا شوقا وحبا وذهب برحلة صمت بلا حقائب وامتعة استعاد ايام وذكريات مضت من حياته ,عاد الى تلك السنوات الملونة بالبراءة التي تحمل عذوبة الماضي عندما كانت والدته تنتظرعودته من المدرسة بضحكات تملا المكان بالسعادة رغم بساطة العيش الا انه كان يشعر بالسعادة وكان يشعر بالحنين الى تلك الضحكات القادمة من القلب وشعر كانه بقطار سريع متجه نحو محطات الذكريات يطل عليه من نوافذها وجوه اصدقاء غابوا عن حياته ومضوا بعيدا وشعر انه بداخله طفل يشتاق للبراءة وايقن انه لايسستطيع اعادة الزمن للوراء ولا يملك الا ان يعيش الحياة ويطوي صفحات الماضي من حياته .ضمته والدته الى قلبها وطبعت على جبينه قبلاتها وقالت له بحنان:لو كانت الارواح تتعاطى لاعطيتك روحي فانت كل حياتي. وضمت جراحه الى قلبها الحاني ,قال سمير :ما زلت استذكر بقايا كلماتك لي وانا صغير وما زالت تلك اللحظات التي كنت تغمريني بحنانك استحضرها بخيالي ربتت على كتفه محاولة تهدئته والتخفيف من جراحه وضعت دينا ملابسه بالحقيبة وحضر على لينقلهم الى المنزل.وعندما وصل سمير الى منزله بقيت والدته بجانبه ,استلقى سمير على سريره وحضرت له دينا الحساء .
جلست اميرة على سريرها واخرجت من خزانتها صور قديمة مسكونة بالحنين للايام التي تسربت من عمرها هباءا ,وكانها تقلب صفحات عقلها الباطن وتستذكر لحظات عاشتها بماضيها الرهيب والذكريات لايام ومسافات مسكونة بعذوبة الحياة التي مضت ,فغمرها فيض المشاعر فرقصت على عينها دمعة ومرت سحابة من الشجن وتذكرت الخاطبين الذين كان اخاها يردهم حتى مضت ايام وسنوات عمرها هباء منثورآ.عندما تناسى اخاها انها انسانة من حقها ان تعيش حياتها وتتزوج الا ان مر قطار العمر مسرعآ دون ان تركب هي بمحطاته وبقيت تجلس على كرسي الانتظار لتأتي قاطرة تنقلها الى بر الامان مع رجل يشعرها باهميتها ,واطفال يملؤن المكان عليها بضحكاتهم ,وكانت تحن للمسة حنان تشعرها بقيمتها كامراة وتذكرت حبها الاول ولقاءاتها معه التي دامت لسنوات وايام وكان بنفسها بعض الاشياء بودها لو تبلغها لعينيه وان تجالسه لتخفف عنها بعض الامها وتخبره بما تعاني من اشواق الا انه تزوج واستطاع ان يكون عائلة وكان عليها ان تفكر بحياتها باسلوب واقعي بعيدا عن الخيالات والاوهام الماضية وان تفتح ابواب الحياة المغلفة واستذكرت ابيات شعرية لاليا ابو ماضي تعلمها للطلاب فتزرع بنفوسهم الامل من جديد وحب الحياة :
السماء كئيبة وتجهما قلت ابتسم يكفي التجهم بالسماء
الصبا ولى فقلت له ابتسم لن يرجع الصبا المتصرما