كتاب " أوراق الياسمين " ، تأليف ابتسام مصطفى حسن رمضان ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب أوراق الياسمين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
![أوراق الياسمين أوراق الياسمين](https://files.ektab.com/php54/s3fs-public/styles/linked-image/public/book_cover/j59f.jpg?itok=6tUEECHx)
أوراق الياسمين
جلس سمير مع سعيد وحضرت دينا التي انتهت للتو من وضع اللمسات الاخيرة على هندامها وصافحت سعيد ودعته للجلوس ,ثم حضرت سعاد وكذلك وجيه وريما و احضروا لاحمد الحلويات والهدايا ,وكان فرحا بها , وتانقت ريما بثوبها الازرق وبرائحة عطرها التي ملات المكان ,صافح وجيه سمير وسعيد وعندما راى سعيد ريما شعر ان سهام نظرتها اصابت قلبه واشعلت نيران العشق بقلبه المشتاق للحب كشوق الارض القاحلة للماء ,وكشوق النجوم المضيئة للسهر , وجلست ريما بجانب احمد وكان سعيد يسرق النظر ليراها ,الا ان دعتهم دينا لاطفاء شمعة عيد ابنها وكان احمد فرحا بحضورهم, وانشغل المدعوون باطفاء الشمع الا سعيد الذي كان يوقد فتيل وشموع الحب بما تصحر من قلبه الذي بدا يخفق لرؤية ريما , وبقي ينظر لها ويشعرمن داخله انها المراة التي يبحث عنها , واطفا احمد شمعة عيد ميلاده وقطع الحلوى مع جدته ,وكان فرحا بالقطار الذي احضره له سعيد, وادار احمد مفتاح اللعبة التي اخذت تدور,وعندما نظر سعيد للقطار استذكر ايام عمره التي مضت وهو يعاني من طلاق والدته عندما ترك والده امه وتخلى عن عائلته , لقد ضاع من عمره الكثير ولا يوجد متسع من الوقت امامه ليضيع اكثر من ذلك, واستذكرت سعاد ايام شبابها التي مضت وعادت بذاكرتها لايام الصبا عندما كانت شابة جميلة لاتحتاج للاصباغ التي تملا وجهها اليوم,اما وجيه الذي كان يشكر الاقدار التي وهبته زوجته وابنائه الذين ملؤا المكان عليه,واشعل سمير سيجارته التي كان دخانها يتطاير حوله واستذكر ايام شبابه ومراهقته الضائعة التي لم يعيشها كما يجب فكان من عائلة فقيرة واضطر للعمل والدراسة لمساعدة والدته بتامين قوت العائلة ,مع انه استطاع ان يحقق طموحه ويكمل تعليمه بتفوق الا انه كان يشعر من داخله بالاسى على كل الايام التي مضت عندما قدمت له الحياة دور اكبر مما يستحق وجعلته ياخذ مكان والده المتوفي ,وقفت ريما بجانب النافذة ترافب المارة والسيارات , وقدم لها سعيد كوب العصير , واخذ يسامرها ويحادثها , وشعرت ريما بالارتياح له وبدا سعيد يسالها عن هواياتها وعن نوع الكتب التي تحب قرائتها ,اخبرها انه يحب الكاتب احسان عبد القدوس وان رواياته تجذبه لقرائتها وكان الاثنان يشعران انهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل ثم انتهت الحفلة وعاد كل منهما ادراجه ,ولكن بقي سعيد يفكر بريما حضورها وشخصيتها وكلماتها التي بقيت تسكن بعقله وخياله , وكذلك كان يفكر بالايام التي مضت من عمره وهو وحيدا بلا شريكة حتى اخذ يتعايش مع حياته واعتاد على حياة الهدوء التي بقيت تسيطر على حياته ولكنه قرر النظر بحياته من جديد.
لقد ساعدت العولمة والانفتاح الاعلامي والاقتصادي على تغيير نظرة الرجل وتفكيره اتجاه الحياة فاصبح التركيز على الجانب الاقتصادي والارتقاء بالمستوى التعليمي والانشغال به اهم اولويات الرجل فكان مقياس النجاح او الفشل بتكوين اسرة اما اليوم فاصبح مرتبط ببعدة ميادين اهمها المادة وهذا يغير مفهوم الرجل اتجاه الزواج من اشباع جانب روحي ومعنوي وتحقيق الامن والاستقرار الى جانب مادي فهو مؤسسة اجتماعية يديرها الزوج والزوجة اساسها المودة والرحمة وبنيانها الرحمة وينبثق منها كل العلاقات الانسانية المختلفة .
وصل سعيد الى منزله الذي شعر انه خاوي ومظلم بعدما اعتاد على الجلوس به وحيدا , وبدل ثيابه وتمنى ان يكون بمقدوره تغير حياته ,وتولدت لديه مشاعر متضاربة وكان ينتابه الاحساس بالوحدة ورغبة عارمة بالبكاء, وسيطرت عليه غربة الروح وكذلك شعر بالحب والحنين اتجاه ريما, ثم استلقى سعيد على سريره واستذكر بقايا كلمات ريما التي جعلته مشغول الفكر بضحكتها وبابتسامتها التي اشرقت بقلبه لقد غاب عن حياته الجانب العاطفي واجتاحت صورة والده الذي غاب عن حياته خياله , وشعر برغبة عارمة تجتاح كيانه بالتغيير وبدء حياة جديدة ومختلفة عما عاشها سابقا ,وتمنى ان يحصي سنوات عمره التي فرقتها الايام وشتتها البعد والغربة رغم حزنه الا انه بقي يجلس على عتبة الامل ويقرا سطور المستقبل الذي اراد ان يكون مختلفا عما مضى .
استيقظ احمد من نومه باكرا فاليوم هو موعد تسجيله بالمدرسة , وارتدى ثيابه وحمل حقيبته التي امتلات بالرسومات وصل احمد للمدرسة فوجدها تزدان بالرسومات الزاهية التي توحي بالبراءة و رحبت مديرة المدرسة بهم ,و كانت مديرة المدرسة مكتنزة الجسم وتوحي ملامح وجهها بالحزم وتمنى احمد ان تمر الايام بسرعة ليبدا الدوام المدرسي.
وقفت سعاد امام طلاب المدرسة وهي تستمع للنشيد الصباحي ,وبدات الامتحانات الدراسية وكانت المعلمات تنشغل بها الا ان ريما وقفت امام الطالبات وهي تفكر بسعيد وبكلامه معها شعرت سعاد ان ريما بدات تخرج من حالة الفراغ والعزلة التي عاشتها طويلا وانها تسطر اول تجربة وجدانية لها والتي ستبقى عالقة بخيالها طويلا.
اعلن وجيه يوما مجانيا بعيادته لمساعدة الفقراء وكانت العيادة تكتظ بالناس الذين اعتادوا على وجود مثل هذا اليوم بالعيادة ,وكان يوما حافلا بالنسبة له , وعاد الى منزله ليتناول الغذاء مع زوجته واستذكر ايام طفولته الاولى التي قضاها بالفقر الا انه استطاع ان يشق طريقه الذي امتلأ بالنجاحات واصبح طبيبا وتزوج سعاد التي ازهرت بحياته بالحب مضى وجيه بطريقه وكانت ذكرياته تمضي معه , وعندما وصل لمنزله صادف جاره والقى عليه التحية واخبره بوجود اليوم المجاني بالعيادة الذي سيستمر لغدا وطلب منه ان يخبر باقي اصدقائه , شكره جاره على انسانيته واستذكاره للمحتاجين , ثم صعد وجيه الدرج وفتح باب منزله فوجد زوجته متانقة بثيابها التي تزيد من جمالها ,عانقها وجيه وضمها الى صدره وكان يشتم منها رائحة الحياة واخبرها عن الوقت الذي امضاه بصحبة الفقراء يداوي جراحهم ويشفي الامهم وطلبت منه سعاد ان لايجهد نفسه كثيرا , وسألته سعاد :هل ما زلت تلك المراة التي ملكت عقلك منذ اول مرة ؟اجابها وجيه مندهشا : هل تشكين بحبي بعد ما مضى من ايام لازلت وحدك بقلبي وسيبقى مكانك وحدك ,حضرت ريما طاولة الطعام الذي ملات رائحته المنزل واخبرته سعاد عن يومها الذي كان حافلا بالعمل وكان اجتماع وجيه مع عائلته على الغذاء من اغلى الاوقات الى قلبه , وتناول طعامه وذهب لينام قليلا انشغلت ريما بغسل الاطباق أما سعاد ذهبت لتنتقي ثوبا من خزانتها لترتديه بزيارة صديقتها جلنار.