كتاب " أوراق الياسمين " ، تأليف ابتسام مصطفى حسن رمضان ، والذي صدر عن دار الجنان للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب أوراق الياسمين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
أوراق الياسمين
الصفحة رقم: 5
بدأ سمير ينشغل بتصاميمه الجديدة ومشروعه الذي كان يضع عليه اللمسات الاخيرة , ثم حضر سعيد الى مكتبه وكان يحمل بيده التصاميم التي طلبها سمير منه ان ينفذها ,أراد سعيد ان يخرج برفقة صديقه ليتناول معه طعام الغذاء برفقته , واخبرسمير دينا انه سيتناول الغذاء خارج المنزل فاخبرته انها سترافق احمد للحديقة المجاورة لمنزلهم ,ارتدى احمد ملابسه وذهب مع والدته للحديقة التي احبها منذ كان صغيرا,صادفت دينا جارتها عبير التي اكملت عامها الثامن والعشرين ولم تتزوج بعد وكانت عبير تحب احمد , وتخرجت عبير من كلية اللغات وكانت تعطي الدروس الخصوصية بالمنزل لأبناء الحي , وتوفيت والدتها وهي صغيرة وتزوج اخوانها واخواتها وبقيت هي مع والدها وكانت تشعر بالفراغ والوحدة الذان يبددان حياتها , دعتها دينا لتناول القهوة في منزلها ومضت بطريقها و اشار لها احمد بيده مودعا وكان ببرائته يشعرها بقيمة الحياة عندما كانت عبير تضمه الى قلبها, وصلت دينا للحديقة وجلست على الكرسي اما احمد فذهب ليلعب ويلهو وكانت دينا تفكر بحياتها مع سمير التي توحي صورتها لمن حولها انها حياة مثالية وأنهما زوجان سعيدان ولكن من الداخل لم تكن دينا تشعر ان سمير يحاكي عقلها ولم تكن تشعر بالرضا عن حياتها رغم ان زواجها اثمر باحمد الا ان الملل كان يتسرب لحياتها , وحاولت دينا مرارا كسر حاجز الروتين الذي تشعر به الا انها لم تستطيع ان تغير بحياتها مع سمير ولو بشئ بسيط ,غادرت دينا الحديقة التي احتوت ذكريات ايامها التي مضت عندما كانت تجلس بها مع سمير فيما مضى , وجلس سمير بالمنزل الذي كان روتينه يخنقه ,وتطاير دخان سيجارته من حوله ,وعاد به الزمن لحبه الاول الى تلك المراة التي كان يشعر معها كأنه محلق بسماء الحياة الا ان الاقدار لم تجمع بينهما , فتزوجت سلمى وانجبت طفلين ,ورغم مرور سنوات على رحيلها عن حياتها الا انه لم يستطيع ان يمحو من ذاكرته تفاصيل تلك العلاقة ,وكانت سلمى تسكن بنفس الحي وكانت تعمل ممرضة , وايقن من داخله انه ما زال يحبها رغم مرور اعوام على رحيلها عنه, وبقي متمسكا بحبها حتى بعد ان ابعدتها الدروب عنه وشتت حبهما, فهي بعض ما ترك الحنين بداخل نفسه , واخرج من خزانته الرسائل التي كانت سلمى تبعثها له وضمها الى قلبه كانه يضم ايام عمره التي تبعثردون ان يعيش مع المراة التي حلم بها طوال عمره عندما كان يبني احلامه معها بان يكمل درب حياته برفقتها ولكن مشيئة الاقدار فرقت بينهما وكان يشعر انه يملك الدنيا بما فيها عندما يكون معها وبرغبة بعناقها وضمها الى صدره حتى تنطفئ نار اشواقه , وفي تلك الليلة شعر سمير بالاسى على ايام عمره التي فقدها دون ان تكون سلمى بحياته ,فمهما طال البعد بينهما ستبقى صورة سلمى مختزنة بذاكرته للابد وستبقى صورتها خالدة بقلبه مهما فرقهم الزمن .
ومع مرور الوقت بدا سمير يشعر انه محاط باسوار الملل وان دينا لا تحاكي عقله وشخصه, وحاول سمير النوم ولكن بقيت عيون سلمى السوداوين وشعرها الطويل الذي يشبه ليلة حالكة السواد عالقة بخياله, واستذكر كلماتها التي علقت بعقله وشعر بالحنين للايام التي مضت, واغمضت دينا اجفانها واستسلمت للنوم ولم تكن تعلم ان سمير مشغول الفكر بمحبوبته الاولى التي كان يشعر بالحنين لاحاديثها الجميلة التي تقاسمها معا يوما ما , فقد امتزجت سلمى بروحه وسكنت بفؤاده .
ذهبت اميرة الى منزل صديقتها جلنار وكانت سعاد تجلس معهن وكأنها ترفض الاستسلام للأمر الواقع وبقيت تحاول ان تبدو اصغر من عمرها وتتزين وتتجمل لتثبت لنفسها ان الحياة ما زالت تعطيها الفرصة لتبدو كما كانت عليه سابقا ,و كانت تنظر لاميرة طوال الوقت والتي توحي انها اكبر صديقاتها سنا وكانت تحدق بالشيب الذي ملا راسها ولم ينسى الزمن ان يضع خطوطه على وجهها فرسم ملامحها بقسوة الايام وبمرارة العيش,احضرت جلنار اكواب العصير وكانت تتمايل بشعرها الاشقر الذي كان يزيد من جمالها ,وكانت السعادة تملا قلبها بحياتها مع زوجها لانها ملكت بداخلها موهبة التجديد والتغيير واستطاعت ان تعزف على وتر قلبه اجمل الحان الحب وتعرف كيف تجدد حياته وتملا قلبه شوقا وحبا و تشعره باهميته بالحياة الا ان السعادة كانت تغادر قلب اميرة ولم تذوق طعمها وكأ شنها سرقت من حياتها سنوات طويلة مضت ,لاحظت سعاد الحزن الذي يملا عينيها فحاولت اخراجها من تلك الحالة والتخفيف عنها بكلامها وطلبت منها ان تحاول تجاوز الماضي والاستمتاع بحياتها فعدم الزواج ليس نهاية المطاف ويكفيها انها محاطة باهتمام وحب الطلاب ,فطوال السنوات التي مضت حاولت اميرة اقناع نفسها انها يجب ان تتقبل الحياة كما هي بحلوها وبمرها وكانت غريزة الامومة تلاحقها ويملا الحب والحنان اعماق قلبها ولكن مشيئة الاقدار لم تجعلها تحقق حلمها, حاولت سعاد تغيير الموضوع فاخذت تقص عليهم حكاياتها مع الطلاب وذكرياتها مع المدرسة التي اسست بنيانها بالاصرار وتعالت ضحكات النسوة بالمكان وملات المكان وما ان دقت الساعة التاسعة حتى استاذنت سعاد وطلبت اميرةمنها ان توصلها بطريقها ودعت النسوة جلنار وتمنين لها ليلة سعيدة ونوما هانئا ,جلست اميرة بجانب سعاد وكانت بحالة صمت غريبة ,ارادت سعاد اخراجها من الحالة التي سيطرت عليها واخبرتها انها تخفي جمالها بداخلها وقالت لها انها بحاجة لبعض التغيرات البسيطة التي ستزيد من انوثتها كتغييرنوعية الملابس والعطر وقصة الشعر , اجابتها اميرة ان الجمال الحقيقي هو بروح الانسان وليس بشكله ,الحت سعاد عليها وطلبت منها ان توافق على اجراء هذه التغيرات التي ستزيد من جاذبيتها وحضورها وطلبت منها ان تذهب معها غدا لاجراء التغييرات التي تلزم ,قالت اميرة :وهل يكون ذلك كفيلا بان يعيد لي سنوات عمري ي التي مضت هباءآ؟وهل سيمحو شعوري بالوحدة والفراغ الذي يسيطر على حياتي ؟فردت عليها سعاد محاولة تهدئتها :لكل شئ بالحياة حكمة وقد يكون عدم زواجك افضل من زواجك من رجل لا يشعرك باهميتك والله سيعوضك خيرا عما مضى ,وطلبت منها سعاد ان لا تنسى موعدها غدا ,نزلت اميرة من سيارة سعاد واخبرتها انها تنتظرها غدا,وصلت اميرة الى منزلها الخاوي الذي كان يضم احلامها المكسورة ويحتوي ذكرياتها مع ايام عمرها التي انقضت وهي تقلب صفحاته وتنتظر ان تشرق شمس الحياة عليها يوما ما,وضعت اميرة حقيبة يدها على الطاولة ونظرت الى نفسها بالمراة وتاملت خيوط الزمن التي رسمت ملامح اختصرت ما كانت تقاسيه في زمنها شعرت بداخلها برغبة عارمة بالتغيير بحياتها و يكفي ما مضى من عمرها وهي تفكر بامور لم يكن لها قدرة على تغييرها فتحت اميرة باب خزانتها ونظرت لثيابها القديمة وتمنت بداخلها ان تعيش حياة اخرى غير الحياة التي مضت ,استلقت اميرة على سريرها وعادت بها الذاكرة الى الايام التي مضت عندما كانت شابة ولكنها لا تملك بان تعيد الحياة للوراء فكان عليها ان تستمتع بحياتهاوتعيشها بحلوها ومرها وايقنت ان الايام تخبا لها بثناياها الطموحات التي تنوي تحقيقها بالحياة والاحلام التي تريد ان تحققها, فكل مراحل حياتنا التي نمر بها من تقلبات وتغيرات هي بحد ذاتها ما تستدعي الوقفة والتامل حتى لحظات الانكسار التي يمر بها الانسان يستطيع ان يحولها الى متعة فمن منا لايمر بهذه اللحظات ويستشعر معانيها ,فهذه اللحظات تجعلنا نمر بحالة من التامل والادراك تام وحالة من التحليل الذي لاينتهي فنرضى بالامرالواقع ونسلم للاقدار ولكن يبقى الامل موجود بثنايا الحياة وهذا يعطينا القوة والقدرة على التغيير,اطمان قلب اميرة وشعرت بالسكينة وغطت بنومها وهي تنسج احلامها التي التي تمنت ان تحققها .
مع مرور الوقت اصبحت ريما تملك جزءآكبيرا بقلب سعيد الذي لم يعد يستطيع ان يكف عن التفكيير بها واصبح مشغول بها طوال الوقت وهي ايضا كانت تفكر به طوال الوقت وتولدت بداخله رغبة كبيرة بالاستقرار والارتباط بها بعدما كان يشعر انه بدائرة مفرغة وكان يود كسر القيود والحواجز التي ملات حياته ,فالزواج ليس مجرد واجهة اجتماعية بل هوضرورة من ضرورات الحياة , فهوبنيان مركب ومتجانس ومنسجم مع بعضه البعض ,طوال الفترة التي مضت من عمر وهو اعزب كان يشعر بضياع الهدف من حياته فغياب زوجة تحتويه بحنانها وتراعي ظروفه وتجالسه باقي عمره جعلته يشعر بعدم الاستقراربالحياة ,جلست ريما بغرفتها وكانت صورة سعيد تسيطر على عقلها وكيانها وايقنت انه احتل كل كراسي الانتظار بقلبها الا ان ايقظ جرس الهاتف بقايا احلامها ذهبت سعاد لتجيب على المكالمة الهاتفية وما ان امسكت سعاد بالسماعة حتى سمعت صوت ابنها علي قالت سعاد بلهفة الام المشتاقة لابنها :كيف حالك ياعلي هل انت بخير؟