كتاب " تردى الفكر الإسلامى المعاصر بين الأصولية المستبدة والعلمانية المستفزة " ، تأليف د. احمد طه ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب تردى الفكر الإسلامى المعاصر بين الأصولية المستبدة والعلمانية المستفزة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تردى الفكر الإسلامى المعاصر بين الأصولية المستبدة والعلمانية المستفزة
تمهيد
الواقع أن الخطاب الأصولى يكاد يكون هو المسيطر على الخطاب الدينى فى الساحة الإسلامية، ويضم هذا الاتجاه أفراد الجماعات الإسلامية وكذا المنظمات والأحزاب أو الحكومات التى تنسب نفسها للإسلام تحت أى مسمى أو صور، وهم منتشرون فى كافة الدول الإسلامية، وإن كان تأثيرهم وصوتهم أو قوتهم يختلف بحسب حجمهم وقوة تنظيماتهم وظروف كل دولة من الدول الإسلامية، فهم يسيطرون بصورة شبه كاملة على الأمور فى بعض الدول، مثل افغانستان وإيران وكذلك فى الجزائر والسودان بينما تضعف قوتهم ويقل تأثيرهم بين الحين والآخر فى دول أخرى كالسعودية ومصر واليمن والأردن وفلسطين والكويت وسوريا، أما فى بقية الدول الإسلامية الأخرى فنجد أصحاب هذا الاتجاه أيضا، ولكن بصورة أقل وضوحا، كما فى الإمارات والبحرين وقطر وليبيا وتونس والمغرب، ويلاحظ أن الغالبية العظمى من أفراد هذا الاتجاه فى الوقت الحاضر هم من الشباب الذى يتسم بقلة الخبرة وسهولة التأثير عليه من قوى أخرى كثيرة ومتنوعة سواء من خارج المجتمع الإسلامى كما حدث فى أفغانستان، حينما استغلت أمريكا الجماعات الإسلامية للقضاء على النظام الشيوعى هناك، أو من الداخل ممثلا فى قيام بعض حكام الدول الإسلامية باستغلال هؤلاء الشباب لمصلحتهم الشخصية فى ضرب معارضيه أو المناوئين له فى السلطة، كما حدث فى عهد الرئيس السادات فى فترة السبعينيات، باستغلاله الجماعات الإسلامية وتقويتهم بهدف القضاء على الشيوعية، أو ما يحدث حتى الآن فى دول مثل السعودية، والتى تسمح بعمل وتمويل هذه الجماعات لأغراض سياسية أو أيديولوجية.
ويتلخص مضمون فكر هذا الاتجاه فى السعى للرجوع إلى الأصول والتمسك بالحياة الإسلامية التى كانت سائدة فى العصور الأولى من الإسلام، بحجة تنقية الحياة الإسلامية من الشوائب والأفكار الهدامة التى تم امتصاصها من الغرب، وهم فى سبيل ذلك يطرحون عقولهم، ويجاهدون للتقيد الحرفى بالنصوص والتمسك بالمذاهب الدينية التى ينتمون إليها، والتقليد الأعمى لكل ما قاله أو فعله الأولون القدماء أصحاب هذه المواهب.
واستنادا لهذا المنهج فى رفض العقل فإنهم ضد أى اجتهاد فى أمور الدين بل والدنيا، لدرجة أن شيخ الأزهر فى مصر أوائل القرن التاسع عشر أصدر فتوى وصف فيها المذاهب الأربعة بأنها أفضل ما يكون بحجة أن أصحابها هم فقط الذين لديهم المعلومات والفقه العميق، وإن كل من يبتعد عنهم يعيش فى أخطاء، وأن هيبة ووقار الاجتهاد قد اختفت منذ فترة طويلة، ولا يوجد فى الوقت الحالى من لديه من العلم أو التفقه فى الدين ما يؤهله للاجتهاد فى تفسير النصوص المقدسة، وهناك اسباب دفعت أصحاب هذا الاتجاه من المعاصرين لاعتناقه.
أهمها سببان:
السبب الأول هو الهوة السحيقة التى تفصل فى العصر الحديث، بين القوة والثروة والنهضة التى يعيشها الغرب، على النقيض من التخلف والضعف الذى يعيشه هؤلاء فى ظل المجتمع الإسلامى السائد، مع كراهيتهم للغرب، لأصول تاريخية ترجع لعهد استعمار الدول الغربية لمعظم الدول التى ينتمى إليها هؤلاء الأصوليون من ناحية.
أما السبب الثانى فهو أن كافة أعضاء الجماعات الإسلامية التى تشكل أغلبية أنصار هذا الاتجاه هم من الشباب، ويترتب على هذا السبب الثانى- وهوجهل الجماعات – أنهم لايتفقون فيما بينهم على قواعد واحدة، أو أسلوب مشترك، أو حتى لغة واحدة، وذلك بسبب تعدد المذاهب التى يرجعون إليها من ناحية، وخطئهم فى فهم القواعد والأصول التى يعتمد عليها كل مذهب من ناحية أخرى، ويترتب على ذلك أنهم دائما فى صراعات فكرية وحروب دموية مستمرة.
وسوف نتناول فيما يلى أهم الأسس أو المبادئ التى تحكم هذا الاتجاه: