أنت هنا

قراءة كتاب الشعر في العصر الأموي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشعر في العصر الأموي

الشعر في العصر الأموي

كتاب " الشعر في العصر الأموي " ، تأليف د. غازي طليمات و أ.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

في الباب الأول - وهو خمس الكتاب - درسنا الحياة العامّة في العصر الأموي، فحلَّلْنا العوامل التي رفعت الأمويين إلى سُدَّة الحكم بدايةَ العصر، والعواملَ التي هوت بهم نهايته، وتعقَّبْنا بين البداية والنهاية جحافل الفتوح، وهي تقتحم الهند والسند، وترنو إلى جدار الصين، وتجوز قمم الأطلس إلى قمم البرانس، وتساور أسوار القسطنطينية، وتمخر عباب المتوسط بصواري السفن بعدما عبرت ثلاث قارات بحوافر الخيل.

ثم رصدنا ما أصاب الحياة الاجتماعية من تطوُّر يُؤْذِن بالتدهوُرِ، بعدما فتح العرب الأقطار، ومصَّروا الأمصار، ومالُوا إلى الترف والسَّرَف، وغالَوْا في العَزْف والقصْف، وعابثوا القِيان، وارتشفوا من الدِّنان. ونقّرنا عن أموال بيت المال: من أين تُجمع، وعلى مَنْ تُغْدق، وعمَّن تحبس. وواكبنا تدوين الدواوين، وصكَّ النقود، وتنظيم البريد، وبَثَّ الشُّرَطِ في الأسواق والأحراسِ بين الناس، وإنشاءَ الحِسْبة لضبط الموازين والمكاييل، وإعلاءَ شأنِ القضاء لضمان العدل، وقمع الظلم.

ثم انتقلنا إلى الحياة الفكرية، فوجدنا العلوم العربية تنشأ نشأةً إسلامية، منْطَلقها القرآن والحديث، وغايتُها فهمُهما وإفهامُهما، ودرسهما وتدريسُهما كتابةً وقراءة، وضبطاً ونقطاً، وتفسيراً وفقهاً. وزرنا البصرة والكوفة لنقف على بداية الحركة اللغوية، ونراقب فاشية اللحن التي أخذت تفشو بين الأعاجم، ثم تعدوهم عدواها إلى العرب، فتثور حميَّةُ النحاة لحماية الألسنة من اللحن، وتتحوَّل الحمية القومية إلى حركة علمية، تقتبس الإعراب من أفواه الأَعْراب، وتصنعُ القواعد من الشواهد بالسَّماع والقياس وفق أصول أوفت على الغاية في الدقة.

ومن هذا الباب اقتحمنا على الشعراء أسواقهم ومحافلهم، فكان الباب الثاني، وهو أربعة أخماس الكتاب. بدأناه بالنـزول على الشعراء في مِرْبَدِ البصرة، ومجالس الكوفة، وقصور الشام ومصر، وبوادي نجد والحجاز، ومغاني الأندلس وخراسان، ورحنا نُصغي إلى المنشدين، ونجمع النصوص، قبل أن ندرس وننقد، ونحلل ونعلل، ونستخلص من النصوص المختلفة خصائصها المؤتلفة لننسج بأنامل الشعراء الصَّناع نفائسَ الطنافس، فإذا هي أربعَ عشرةَ نفيسةً، بسطنا القول فيها في أربعة عشر فصلاً، غلَبَ على بعضها التقليدُ ومحاكاةُ الأمويين للجاهليين، كالوصف. وتمَّيزَ بعضُها بالتجديد واستلهام الإسلام كالشعر السياسي.

وفي الباب الثاني حَرَصنا فيما درسنا من وصف وغزل، وهجاء ورثاء، وزُهْد وسياسة على أن نسلك في فصول الباب الأربعةَ عشرَ مسلكاً واحداً واضحاً، لا نحيدُ عنه إلاّ إذا ألزمتنا طبيعة الغرض المدروس أن نحيد. بدأنا كلَّ فصل بالعوامل التي مهدَّت للغرض، ثم انتقلنا إلى الأنواع، والأنواعُ حملتنا على التقسيم. فكنا نقسم الغرضَ أغراضاً، ونجعل الموضوعَ موضوعاتٍ، كأن نَشْعَبَ الغزل غزلين: عذريَّاً وعُمَريَّاً، ونَصْدَعَ الفخر فخرين: فرديّاً وقبليّاً ليكون تصويرنا ما نتصوُّر أقربَ إلى الدقة، وأبعد عن التعميم.

وفي دراسة الأغراض بعد تشعيبها وتصديعها بَسَطْنا الأفكار أبعاضاً، والمعانيَ أفراداً، واستعنَّا على التوضيح بالموازنة والمقارنة، وعلى الشرح بذكر المناسبات وتفسير المفردات، وختمنا كلَّ فصل بسمات الغرض الفكرية والفنية، ما وَسَم منها الغرضَ وحدَه، وما شارك في بعضها غيرَه من الأغراض، وما كان تقليديَّاً جاهليَّ الطبيعة، وما كان إسلاميَّاً مُسْتوحىً من الكتاب والسنة.

ولم نُخالف عمَّا انتهجنا إلاّ في الفصل الأخير، أي: الشعر السياسي. وسببُ المخالفة أن السياسة أمٌّ مِنْجابٌ كثيرةُ الأولاد، لكن أولادَها أضدادٌ لا أنداد، فيهم الملتزمُ والمتردِّد، والمعارضُ والمتودِّد، والصادق والمنافق، والمخلصُ لما يعتقد، والطامعُ فيما يغتنم، فشقَّ علينا - على سبيل المثال - أن نضمَّ الألسنة الناطقة بالرأي الأُموي إلى الأفئدة الخافقة بعقيدة الخوارج، وأن نستنبطَ الأشباهَ والنظائر من الأضدادِ والنقائض.

الخوارجُ أصحاب عقيدة والتزام، وأتباع الأمويين جُلُّهم لاكلُّهم متكلِّفون متزلّفون، ووَسْم الفريقين بسمات مشتركة ظلمٌ للفريقين، ومخالفةٌ للحقائق. ولهذا لم يكن بدٌّ من أن نخصَّ كلَّ حزب بدوافعَ ونوازعَ، وكلَّ شعر بقَسَماتٍ وشِيات، بهذا النحو من التخصيص آضَ الفصلُ الواحدُ فصولاً متمايزةَ الخصائص ولم يبق فصلاً مُوحَّد السمات.

وبعدُ... فلكلّ منهج عيوب، فمَنْ وقَفَ على عيب فلنا منه النصح لكي نتجنَّب الزلل، وله علينا الصدعُ بالحقّ مشفوعاً منا بالشكر، ومن الله بالأجر، ومن القرّاء بالدعاء.

الصفحات