أنت هنا

قراءة كتاب الشعر في العصر الأموي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الشعر في العصر الأموي

الشعر في العصر الأموي

كتاب " الشعر في العصر الأموي " ، تأليف د. غازي طليمات و أ.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

أ- الأمويون والهاشميون

يطلق المؤرخون اسم «قريش» على مجموعتين من قبائل العرب: قريش الظواهر - وهؤلاء لم يكن لهم شأن في حياة العرب في الجاهلية والإسلام - وقريش البطاح، وهم قسمان: ولد قصّي ابن كلاب، وبنو كعب بن لؤي. وعن هذين القسمين نجمت بطون كثيرة منها: بنو عامر بن لؤي، وبنو عدّي بن لؤي، وبنو سهم، وبنو مخزوم، وبنو تيم، وبنو زهرة، وبنو نوفل، غير أن أبرز البطون المتفرّعة عن هذا القسم: بنو هاشم، وبنو أمية.

يلتقي الأمويون والهاشميون في فرع واحد من أشرف الفروع القرشية، إذْ يرقى نسبهم إلى عبد مناف بن قصي بن كلاب، غير أن ائتلافهم في النسب لم يطغ على اختلافهم في الأهواء، وتنافسهم في القيادة، وإنما شجّع كلَّ فريق من الفريقين على أن يفوز بقصب السبق في النباهة والسيادة على قريش، لأن السيادة على قريش تعني السيادة على العرب.

في العصر الجاهلي بزَّ الأمويون الهاشميين في التجارة، إذْ ذهبوا بالحظ الأوفى من تجارة الشام وشاطروهم تجارةَ العراق واليمن، حتى غدوا أعظم منهم عيراً ونفيراً، وأوفر صامتاً وناطقاً. ثم شفعوا سلطان الثراء بسلطان اللواء، إذْ صارت إليهم القيادة في الحرب، ولم يتركوا لبني هاشم غير الزعامة الدينية، وهي إلى الشرف أقربُ منها إلى الترف، والبذلُ فيها أكثر من الكسب، لأنها لا تعني غير الإشراف على الكعبة وسقاية الحجيج.

وحينما ظهرت النبوة في بني هاشم خُيَّل إلى بني أمية أن الإسلام شرفٌ هاشمي عتيد، يضاف إلى شرفهم التليد، وأن انتصاره يعني تفوق الهاشميين والزراية ببني أمية، ولهذا نهد كبيرُ الأمويين أبو سفيان صخر بن حرب للنبيّ r يخاصمه ويقاومه لا عُتوّاً في الكفر، بل حرصاً على المكانة. فلما أعيته المقاومة أسلم سنة ثمان للهجرة مكتفياً بالمأثرة التي منَّ عليه النبي بها حينما جعل داره مأمناً لمن يختار الإيمان على الشرك.

وبعد وفاة النبيّ r اختلف الأنصار من أوس وخزرج مع المهاجرين من أمويين وهاشميين، فظاهر الأمويون الهاشميين، وآثروا أن تصير الخلافة إلى رجل من بني هاشم على أن تصير إلى الأنصار أو إلى غير الهاشميين والأمويين من قريش، وساءهم أن يتولاّها قرشي من بني تيم، وهو أبو بكر الصديق.

وربمّا كان الأمويون يودّون لو تصير إليهم الخلافة، غير أنهم لم يجرؤوا على المطالبة بها لأن كبيرهم أبا سفيان بقي يحمل راية الشرك حتى فتح مكة. فكيف ينازعون القرشيين السابقين إلى الإسلام؟ وإنْ لم يكن بدٌّ من خليفة قُرشي فليكنْ من بني هاشم، لا من بني تيم كأبي بكر، ولا من بني عدي كعمر. وعلى الرغم من هذه الرغبة المفترضة لم يجهر الأمويون بمعارضة العُمَرين، بل طَوَوْا مطامحهم إلى حين.

قُتل عمر وآلت الخلافة إلى عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، فأحسّ الأمويون أنهم ظفروا بما كانوا يضمرون، وانقلبت مُظاهرتُهم الهاشميين إلى منافرة، وبعد أن كانوا يتعصّبون لهم صاروا يتعصبون عليهم، ووقر في نفوسهم أن التاريخ استدار إلى ما كان عليه في الجاهلية، وأن زعامة الدنيا رجَعَت إليهم كرة أخرى، فالتفّوا حول عثمان ليستأثروا بالمناصب والمكاسب، ويُقصوا عنها بني هاشم.

ثم قتل عثمان وبويع علي بن أبي طالب، فانتقلت زعامة الدنيا مرة أخرى إلى بني هاشم، فشقَّ على الأمويين أن يذهب الهاشميون بمجد الدنيا والدين كرةً أخرى على النحو الذي حدث بعد البعثة النبوية، فاتخذوا من الثأر لعثمان سُلَّماً يرتقون عليه إلى سُدّة الحكم. وراحوا يجهرون ويجأرون بما كانوا يضمرون، وتمادوا في اتهام عليّ بالإحجام عن إنقاذ عثمان، وتجمعوا في مكة، ثم انتقلوا منها إلى البصرة، وحاربوا عليّاً في معركة الجمل، فانهزموا، ولكن الهزيمة لم تثنهم عن الإصرار على مناوأة عليّ.

وبعد هزيمة الجمل انتقلت فلولُ المطالبين بدم عثمان إلى الشام، وتجمّعوا حول معاوية، وأخذوا يتنمَّرون للقتال مرة أخرى، وخاضوا معركة صفين، وقبل أن تنـزل بهم الهزيمة رفعوا المصاحف، وفزعوا إلى التحكيم. وتمخّض التحكيم عن انقسام خطير شطر جيش عليّ، وشغل علياً بمحاربة الخوارج. فلما قتل عبد الرحمن بن ملجم علياً خلا الجو لمعاوية، فدعا الناس إلى مبايعته، وأقنع الحسنَ بن علي بالتنازل عن حقِّه في الخلافة، بما أوتي من دهاء وحنكة.

أيحقٌّ لك أن تقول: بهذا الدهاء وبهذه الحنكة استطاع معاوية بن أبي سفيان أن يحوّل نظام الحكم من خلافة أساسُها الشورى، إلى ملكية تتسمَّى بالخلافة، وتستند إلى الوراثة؟ أم أن لهذا التحول عوامل أعمقَ من دهاء معاوية، وأبعدَ تأثيراً في أحداث التاريخ من خبرته وحنكته؟

الصفحات