أنت هنا

قراءة كتاب البحث عن لغة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحث عن لغة

البحث عن لغة

كتاب " البحث عن لغة " ، تأليف حسين نشوان ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

•    وعي المشاهدة/ وعي الكتابة
لا يترك الكاتبُ للمشاهدةِ أنْ تمرَّ عفوَ الخاطر، بل يقوم برصدها بانتباهٍ ويقظةٍ، وتأملٍ، ويُعنى بالتفاصيل التي تمرُّ مرَّ السحاب، وينتقل إلى الكتابة بوعي تأملي، للشرط الذي شكل الواقعة بمقايسات «فرق التوقيت»، أو الزمان، ويمكن الاستدلال على طريقة محمود الريماوي في الكتابة وفلسفته وأسلوبه من خلال قصّته «سحر الحياة» التي تجتمع فيها التضادات والمفارقات في آنٍ معاً من خلال نصه في قصة «سحر الحياة» (ص11).
«لا أعوّل على المصادفات، بيدَ أني أعجزُ -وبعدما تجاوزت الخمسين- عن المرور مرور الكرام على قوانينَ مبهمةٍ تحكمُ حياتنا ومصيرَنا، وتزاحمُ ما نعهده من قوانين».

•    الواقع/ المختبر والمتخيل
يُخْضِعُ الريماوي مادةَ المشاهدة إلى مختبر التجربة الإنسانيةِ والوجوديةِ، في شقيّها العقلاني واللاعقلاني، أو الشعور واللاشعور، ذاكرة الواقعة والذاكرة البعيدة، لمحاكمة النص وإثراء مكوناته.
وفي الصفحة 13 من القصة نفسِها يقولُ: «نستذكر المصادفاتِ السعيدة ونختزنها، وتقصي الذاكرة ما هو تعس ونكد منها: دفاعات مشروعة، وتعلق بما هو لاعقلاني؛ فالعقلانية لا تورث السعادة بالضرورة، أما اللاعقلانية فلا شك أنها مكونٌ أصيلٌ من مكوناتنا كما العقلانية».

•    الجدل والتشابك/ النص
في ترجمة تلك المشاهداتِ فإنّ القاصَّ لا يتوقف عندَ الواقعة، بل يستعيد ما علِقَ في الذاكرة، والتاريخ. فلكلٍّ من المنطق العقلي والمصادفة مفتاحٌ مختلفٌ عن الآخر، وفي لحظات نادرةٍ عصيةٍ على النسيان، يبدوان وقد اتحدا في مفتاحٍ واحد، ليس ذلك ما يذهب إليه بطل القصة (الشخوص)، بل هو ما ينبئ به في الصفحة 14 من قصة «سحر الحياة».
وهو ما يتبدى في قصة «سوء تفاهم» بوصف الحياة تقوم على «شجار العشاق»، كما يصفها هيجل، إذْ الحبُّ محكومٌ بحركتَي الخصامِ والوئامِ.
ما الذي يقصده الكاتب في سياق العمليات التي يقوم بها، ربما يريد أن يقول، يقرأ الزمن في لحظاته المتغيرة والمتناقضة والفرحة والمضحكة والمأساوية، ولكن، ليس هذا هو المهم؛ فهو يريد تصوير زمنه الخاص، اللحظة التي تشتبك مع خبراته وحياته وذكرياته، اللحظة التي يسدّدُ نحوَها كقناصٍ ماهرٍ ويصطادها دون الآخرين، وهي اللحظة التي تكشف وهم الزمن.
في غالبية قصص المجموعة (ومنها: الفراشة تبطش، الثلاثة ورابعهم، مكالمة منتصف الليل، حانة الديك الأحمر) يركز القاص على الغربة والوحدة التي يعيشها الإنسانُ في العصر الحديث، ويصور تلك القطيعة/ الوحدة بأثر السلوك لأبطاله، وهم من «الهامشيين»، وهو ما يشير إلى الارتباط العضوي بين العنوان الذي اختاره القاص: «فرق التوقيت»، مع موضوعات النصوص الأخرى التي ترصد غربةَ الإنسانِ ووحدتَه وضياعَه؛ بسبب اختلال العلاقة مع الزمن الذي يتسم بـ«التكرار»، بحسب «بول ريكوار» ويمثله الريماوي في قصة «سوء تفاهم» بـ«سيزيف» الذي ظلَّ يحاول مرةً بعد مرة، ووصفه بأنه كان أشطر من بطل القصة، فقد خرج «سيزيف» على الأقل ببياض الوجه: بأسطورته الذائعة.
يقول الكاتب محمود الريماوي عن المجموعة القصصي «فرق التوقيت»: «يُعبّر إلى حدٍ بعيدٍ عن مزاجي الإبداعي وحتى مزاجي الشخصي ويجسد خلاصة (خبرتي)، وإني أجد نفسي فيه، في هذه المرحلة من عمري وتجربتي». وبمعنى آخر كأنه يقول: تعبر عن زمني، الزمن الدائري الذي يدور في تلافيف الذاكرة.

الصفحات