كتاب " ملاك الحقيقة " ، تأليف ضحى الرفاعي .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب ملاك الحقيقة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ملاك الحقيقة
7
زوروا
هل تتلاقى الأرواح؟
سؤال صعب لن تصدق أحدًا ادعى المعرفة وأجابه
هل تغادر الأرواح قاطنيها بعض الوقت ثم تعود لتتابع حياة لم تنتهي بعد؟
-"فتاة في أواسط العقد الثاني من عمرها، شقراء، شاحبة البشرة، خضراء العينين، ممتلئة قيلا، شقية، ماذا تريدين أن تعرفي أكثر من ذلك؟"هو كعادته يخبرني بالأمور رويدًا رويدًا، يعرف لهفتي للمعرفة فلا يشبعها بسرعة، فأشحتُ وجهي وصمت.
-"لقد ذهبنا لحفلً راقص، وكانت جميلة بثيابها الإسبانية، وكنت أرتدي زي... "وتوقف وكأنه متردد ويترتب على كلامه الكثير.
-"لماذا سألتني عن زوروا؟"سألني بغضب، تعجبت لسؤاله فقلت: "لا شيء، سؤال عرضي لم أقصد به شيء، إن لهذا الزوروا قصة سأخبرك بها، أكمل وقال: "آه نعم، لقد كانت حفلة تنكرية كما أخبرتك".
قلت: "لا، لم تخبرني، أنت لم تذهب من قبل إلى حفلة تنكرية".
قال: "لا بل ذهبت لكن منذ زمن فأنا منذ قدومي إلى هذا المشفى... "كان دائمًا يتردد في ذكر تلك الفترة، أكمل: "لم أحضـر أيًا من تلك الحفلات، كنت دائمًا أفضل البقاء هنا، ربما عوضني قربك عن الكثير، كنت أرتدي ثياب زوروا". نظرت له غير مصدقة وصارت الأسئلة تتدافع في رأسي ، فأصغيت باهتمام أكبر، تابع دون أن يلحظ التغير الذي طرأ على عيناي.
-"كان قصرًا كبيرًا، قاعة الرقص أكبر من المشفى، رقصنا حتى تعبت".
قاطعته باهتمام: "ماذا كان اسمها؟"
فقال: لم أعرف فهي أيضا تضع قناع لكنني... "
-"لكنك ماذا؟" صرت أستجوبه بلهفة فالحجرة متشابهة والأحجية سهلة مع أنها غير مقنعة، فأجابني كمن استيقظ من أحلام اليقظة: "لا يهم لقد أسميتها فتاة زورو".
-"كيف؟ هل سألتك إن استطعت أن تعرفي شخصيتها؟"
قال: لا لكن يبدو أنني أعجبتها، فسألتني ونحن نرقص"من أنت؟"
أجبتها متهربا"ومن عساي أكون سوى زوروا وأنتِ فتاتي". شعرت بدوار خفيف، ظن أنني لم أنل قسطًا كافيًا من الراحة، فطلب مني أن أبقى حتى يحضر الطبيبة، لكني رجوته أن ينتظر، فأنا أريد أن يكمل القصة، فتابع وهو يسرد لي بصوت هادئ منخفض
-"ثم أخذتها إلى الشرفة.، ولا أدري كيف فعلت ذلك، سوف تقولين عني مجنون بمجرد أن أنهي كلامي.
المهم أني أخذتها للشرفة كانت تنظر للبعيد وأنا أبعد نظري عنها وكأن...
المهم أمسكتها من خاصرتها وقبلتها... ونزعت قناعها وأرادت نزع قناعي، لكني لا أعرف بعد أن رأيتها بدون قناع استيقظت، لا أعرف لكنني.... ربما ظننتها فتاة أخرى، أعرف أن هذا مستحيل لكني كنت كالذي يسير في منامه، استيقظت فور أن نزعت القناع، كنت أظن أنني سأرى فتاة أخرى، من المستحيل أن تكون هي".
تشابك الأمر علي هل كنت أنا أم لم أكُن؟ وهل ظنها أنا؟ لكن هل له رغبة بأن يقبلني؟
كان الأمر مستحيلًا شائكًا كحلم جميل اختلط عن غير قصد بالواقع، صرتُ أزنُ الأمور في عقلي
الفتاة في قلبه منذ أكثر من عشر سنوات ولم تمت حتى الآن، وله مغامرات كثيرة، لم يشعرني يومًا بشـيء كهذا، هو يقول لي كل ما يقوله المرء لأخته، ولو شعر اتجاهي بالحب-ولو قليلًا- لما أخبرني بكل شيء صراحتًا.
أنا أيضًا أراه كصديقي، كان دائمًا مهما خرج مع أي فتاة لا يقبل أن يلمسها أو يقبلها بل كان يقول"أنا أتسلى لن أقبّل إلا تلك التي سأحِبُها"، لذلك قررت أن أتكلم بعد أن سكت وشرد بعيدا
قُلت: "هل ظننتها ماريا؟"ماري هي تلك الفتاة التي أحبها في الجامعة
-"سالي ماريا لا تخطر على بالي ،ليتك تعرفين لقد ذكرت منذ ايام امامي فلم اشعر بما يتعدى الفضول، لم يتحرك في داخلي شيءٌ، ذكر لي أحد أصدقائي تلك اللكنة الظاهرة في حديثها فحاولت تذكرها بصعوبه تذكرت، أظنني نسيت صوتها.
سمعت ذات مرة قصيدة جميلة تحزنك عندما تخافين ان تنطبق على أحد اصدقائك لكنها الواقع، اسمها بعد الحب اسمعي :
«بعد الحب وبعد العشره نلتقي مثل الأغراب ...
واحد مايعرف الثاني ولا كأنه كنا أحباب أحباب ...
ماتت لهفتنا المجنونة .. ما أقساه وما أقساني
أتسائل وحدي وأتألم ياترى من فينا الجاني ؟
الزمن اتغير لو احنا ما فينا عيوب وفينا أخطاء
احنا مجرد هيكل فارغ وأخذتنا الموجه العمياء
مات الحب .. مات الاحساس .. مات النور اللي نهتدي فيه
مات الانسان بداخلنا مات ..
يوم سافرت وودعتك خدودي بنار دموعي احترقت
لكن في موعد رجوعك بكل برود استقبلتك
وين دموعي وين وين دموعك ؟
وين التنهيده التنهيده اللي بضلوعك؟
من كنت تضمني واتحسس جمر انفاسك ويا انفاسي
طاير بيك وطاير بيه ياعمر احساسك و احساسي
وين الحب اللي هز العالم؟ وين اخلاصك وين اخلاصي؟
حبيبي
حبيبي سابقا لا أكثر.. حبيبي أحس كل شي بينا تغير
اختلفت كل المقاييس حتى أنت وحتى أنا
عاطفتنا انتهت بينا وبردت أحلى الأحاسيس
بمبدأ المنفع صرنا نقرأ طالعنا التعيس
حبيبي
والتقينا بموعد آخر من جديد
كراسينا من حديـد .. كلماتنا من جليــد
من غزلنا المفتعل .. وردك ووردي ذبل ..
صرنا نتصنع الضحكه .. وعلى شفايفنا الخجل
يالله يالله خلنا ننهي اللقاء
كافي تمثيل ورياء كافي تمثيل ورياء
اشربنا كاسك يا ملل .. ننهض نودع بعضنا .. ويدفع الفاتوره عنا ..
بطــل قصتنا الفــشــل»
جميلة أليس كذلك لكنها حزينة لكنها حقيقة، سوف تشعرين بهذا الاحساس إن افترقنا لبضع سنين.أعرف أن هذا مستحيل ولا أرغب بالتجربة فسألته لأغير الموضوع: " من ظننتها إذًا؟"
فرد والصدق بادٍ على وجهه: "لا أعرف، فعلًا لا أعرف".
"إذا فقد وقعت أخيرًا"، قلت وأنا أتصنع المرح، "لقد أحببتها، هكذا من وراء الأقنعة! لقد فاجأتني، كنت أعرف أنك لا بد ستقع في حب إحداهن، أكمل ماذا حصل؟"
قال: "لا أنت لم تفهمي، لم أعرف كيف حصل هذا، أنا كنت كمسلوب الارادة غير واعٍ لما أفعل، لم أقع بحبها بل لا زلت لا أعرف ولا أهتم بمعرفت من تكون، وهي أيضا لا تعرفني، فقد تركت الحفلة، هربت وأخذت قطار الفجر وجئت إلى هنا". ثم سكت وكان يلهث فأشفقت علِّيه، وقررت أن أخبره بكل ما حصل، له الحق بالمعرفة والتفكير معي ببعض التفاسير لما حدث، لكنه بالبداية يجب أن يكون صريحًا معي قبل أن أخبره بحقيقة اقتحامي لتلك الحقيقة: "علِّي، أنت لم تكن واضحًا معي، لهذا، إدعيت الغباء، أنت لم تخبرني كل شيء حتى أفهم ما حدث".
ذهل قليلًا وأطال النظر لي دون أن يرمش أو ينطق، ثم غادر المكان.
بقيت جالسة لوحدي مع أفكاري، أفرح قليلا وأحزن قليلا"هل كان يراني وأنا أراقصه؟ كيف ذهبت إلى هناك؟ كيف رأيت وسمعت كل ما حدث معه؟ هل أنا فعلًا من كان يراقِصُها؟ هل هذا سحر؟ ربما أكون ساحرة.
لكني توقفت عند سؤال مدمر، بمجرد أن لاح في عقلي تجمدت، ولم أشعر بسوزان وهي تجلس مكان علِّي وتراقبي بهدوء
قالت لي: "ماذا جرى؟ لماذا وجهك شاحب؟"نظرت لها، فكرت أنني أجدها قربي كلما احتجت لها، وسردت لها كل ما قاله علِّيٌ لي دون تحفظ، لم تتعجب بل بدأت تستجوبني كما فعلت به.
وبالنهاية سألتني وهي ترجوني أن أصدقها: "من هي الفتاة التي ظن أنه راقصها واصطحبها للشرفة؟" فأجبتها بسـرعة وكأنها ستجيب على السؤال الذي تهرّب هو عن الإجابة عليه: "لم يجبني عندما بل وغادر دون أي كلمة وكان ينظر بعيدًا وكأنني اختفيت".
قالت: "حسنًا حسنًا هذا جيد ". قالت ذلك وهي مسترخية