كتاب " ملاك الحقيقة " ، تأليف ضحى الرفاعي .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب ملاك الحقيقة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ملاك الحقيقة
9
الروايات
وكأن هذا الوعد جدد الصداقة بيننا، عدنا نمرح ونقرأ، أنا عادةًا من كان يقرأ، فقد كان علِّي إذا أحب رواية طلب مني قراءتها بصوت عالي، ليجلس كالأطفل يستمع لي دون أن يقاطعني.
علمني هذا كيف أكون مُبهرة في القراءة، كنت أحاول أن أُظهر انفعالاتي وأنا أقرأ، يهدأ صوتي أحيانًا ويصدح أحيانًا أخرى، يظهر الحزن في مواقف والفرح في مواقف أُخرى، كنت أنا نفسي أستمتع بهذا، كنا نقرأ اليوم رواية قديمة نوعًا ما، فهي تتحدث عن إحدى حروب أمريكا قبل التوحد "ذهب مع الريح"بدأنا بها منذ يومين، أنهيتها الآن، وهناك سؤال في نفسي من كانت تحب سكارليت أوهارا؟ آشلي أم ريت؟
-" أنا لا أفهم، من أحبت من الاثنين، طوال الرواية وهي تخبرنا أنها تعشق آشلي، تزوج ولم تنسَه وعاشوا في نفس البيت، وهي تنظر لزوجته كالأخت، وتزوجت ثلاث مرات ولم تنسه، وعندما أصبح أقرب لها وغير متزوج أدركت أنها لا تحبه، بل وتريد زوجها!
أما زوجها فلطالما أرادها منذ الفصل الأول، وهي تريد غيره، وظل يطاردها حتى حصل علِّيها وتزوجها، وهو يعرف أنها تحب غيره، وعندما ركعت أمام قدميه واعترفت بحبها له نبذها وعزم السفر، هل هكذا هي الحياة؟ إن كانت كذلك فأنا سعيدة لوجودي هنا، على الأقل لا أعاني إلا في أحلامي".
-"لا، أنت لم تفهمي الحياة ولم تفهمي سكارليت أيضًا، كان حبها لآشلي يقويها وكانت سعادتها لا توصف وهي تراه قربها، صحيح أن كلًا منهما كان زوجه لكنه يحبها، هذا ما جعلها تحيى بسعادة، لم يغلف مشاعرها حزن الفراق إلا فترات قليلة، أقل من تلك الأوقات التي سَرها وجودُهما تحت سقف واحد يُظِلهما، أما "ريت" فقد قواه حُبها ولم يضعفه، وعندما نبذها بعد أن طلبت حبه وقربه كان مجرد صدمة وفاة ابنتهما السبب لرد فعله ذلك، أتعرفين لماذا انتهت الرواية هنا ولم تتبع بأي جزء آخر؟"
-"ربما لأن الكاتبة تركت لنا أن نستنتج النهاية، أو ربما لأنها ماتت ولم تستطع إتمام الجزء الآخر".
-"الحياة جميلة بحلوها ومرها، لو كنتِ أنت كاتبة الرواية ماذا ستكتبين نهاية قصتها؟"
-"كنت... لكنت جعلتها تحمل شمعة وتتبعه إلى غرفته ، تغلق الباب خلفها وتنتظر ترحيبه بها، ربما بكى قليلًا، لكنها تظل قرب الباب واقفة حتى تنطفئ شمعتها دون أن يتغير المشهد، لكنها تقف الآن في الظلام، دون مقدمات تشعر بحركته يقترب منها وكأنه يراها يمسك معصميها ويعانقها،يسقطا على قدميهما ويبكيان ابنتهما معًا، هكذا أنهي روايتي فرواية بدأت بالحب لن تنتهي بغيره".
-"نهايتك جميلة أتمنى أن تظلي هكذا". لم أفهم ما دخلي أنا بالنهاية التي اقترحتها، أنا فقط توقعتها هكذا.
-"ماذا تعني؟"
-"أنت لم تزوري اللوفر من قبل، لكنك بلا شك سمعت عما يقال عن لوحة الموناليزا(الجوكندا)، تلك الإبتسامة التي يفسرها السعيدُ كدليل فرحة صاحبة اللوحة، ويفسرها الحزين ابتسامة حزن.
أظن أن الكاتبة تركت للقارئ أن يكتب النهاية التي تناسبه، أنت رأيت أنها نهاية لابد أن تكون سعيدة، فأنت لم تختبري الحياة، وتؤمنين بالحب، لكن أنا لا أؤمن بالحب أو أنني في أقل حالات الإيمان به، ربما لأنه وجد يومًا في داخلي فقتلته، ويصعب علي أن أؤمن بأنه سيستطيع النمو في داخلي من جديد، لكني أمتلك بعض الأمل".
-"إذا قل لي ما هي نهاية الرواية بنظرك؟"
سكت قليلًا ثم قال بعد تفكير: "أظن أنها ستذهب لتنام وتقرر أن تبدأ بالغد في وضع الخطط، لكنها تستيقظ لتجده قد سافر، ولا تعرف عنه شيئًا بعد ذلك ".
أما آشلي فستنساه ولن تذكره بعد ذلك، فقد مات حبه في قلبها، أي أنها لن تحصل على شيء، ولا أظن أنها ستعيش طويلًا، ربما تموت خلال أشهر".
-"هل هكذا هي الحياة بنظرك؟"
-"ليست مختلفة كثيرًا عما ذكرت، أنا وقعت بالحب وأخلصت له، لكن ماذا كانت النهاية؟ نحن دائمًا نردد لفظ الحب، في القصص والروايات والأغان، الجميع يبحث عن الحب، الكل ينظر له من جهة واحدة، أما حب الأم والأب والإخوة والأصدقاء هذا بالمرتبة الثانية، وربما العاشرة، عندما طلبت مني ماريا عدم العمل هنا أخبرتها أن والدي بحاجة لي، وأني أحبه، وهو رجلٌ مريض وسيحتاجُني قربه، قالت بكل بساطة لكنك تحبي، فأخبرتها أنني أحبه أيضا، أتعرفين ماذا قالت لي؟" سكت قليل ثم تابع، كان ينظر لي بعيون لا ترمش، كنت خائفة من كل ما كان يقول، كان كمن يُحطم تمثالًا مُقدسًا أمامي، تمثالًا لطالما تضرعت له اسمه الحب.
كما قال فالجميع يبحث عن الحُب، لكني فكرت لو خيروني بين عودة أمي وحبيب أقع بحبه لاخترتها، هي أجمل ما ما مر في حياتي، بل هي دنياي كلها.
قال: "لقد خيرتني بين العمل مع أبي وبقائها معي، لا كان ما قالته حرفيًا أنا أو عائلتك، إما حبك لي أو حبك عائلتك، أنا لا أقبل بجزء من قلب رجل، بل إن أردت رجل فسأريد قلبهُ بكاملهِ لي.
ثم تابع: "مستحيل الحب يملأ الدنيا، إن أردت السفر سافرت للمكان الذي تحبينه، إن اشتريت وردة تختارين التي أحببتها، أنا لا أعمل إلا ما أحب، ولا أعيش دون أن أحب كل ما حولي، لن أكون لها، هذا ما فرّق بيننا، الحب يملأ الدنيا، كيف عليّ فقط أن أحبها؟ كيف أعدها بذلك؟ حتى لو فعلت ونسيت من حولي، أبنائي ألن أحبهم؟ لا أستطيع وهبها وعدًا يتضمن أن لا أحب أحد سواها، حتى أولادي! ألا ترين وعدي لها يتضمن أن لا أحب أحد سواها، عندما أفكر بها الآن أتعرفين ماذا يدور في عقلي؟ أتساءل كيف تعيش الآن؟
الجواب ببساطة هو أحد احتمالين، إما أنها حتى الآن لم تتزوج، أو أنها تزوجت أكثر الرجال نفاقا وكذبًا".
-"لكنك ندمت، نعم وإلا لكنت تزوجت منذ زمن، ولا زلت تفكر بها، بل وتقارن كل الفتيات الآتي تعرفهم بها، هي المقياس دائمًا، فكلما كانت تلك الفتاة أقرب لها كلما كانت الأفضل".
فقاطعني: "على مهلك، على مهلك، أنا لا أقول أنك مخطئة، لكني لا أبحث عن شكل أو صوت أو جسد أو أي من هذا، كل ما في الأمر أني أقارن بين شعوري مع أي فتاة من الفتيات اللاتي عرفتهم وبين شعوري اتجاهها، شعوري الذي كان، بل وأحاول أن أعطي الواحدة منهن أكبر فرصة من الوقت لأستطيع الحكم علّيها، لكن لم تنجح أي منهن".
-"أنت مغرور، أتظن أن الفتيات سيظلون بانتظار رأيك؟ أنت لن تعجب الجميع أم تظن نفسك دونجوان عصرك؟"
-"لننحاز لأصولنا العربي ونترجمها "فدونجوان" ليست كلمة عربية الأصل، كان هناك عند العرب دونجوان نساء يسمونه "زير نساء"، أما بخصوص الفتيات كنت أتمنى أن تتركني إحداهن قبل أن أضطر لتركها، فأنتم الفتيات كلكن تملكن قلوبًا من كريستال، أظن أني كسرت الكثير منها، لكن هذا لن يزعجني، فقد كنت أملك قلب أكثر رقة، لكن إحداكُن كسرته".
-"هل حقا؟ هل أنت معقد؟ لم أفطن لذلك من قبل!".
-"لا! أنا فقط أستعرض الكلمات، سيأتي يوم أشعر بذلك الشيء مرة أخرى، لكني سأكون بنصف قلب، فالباقي مشغول بأشياء كثيرة وبعضه فارغ ينتظر ساكنيه، ذات يوم سيأتي كم أنا حائر".
-"هل هي تلك الفتاة في الحفلة؟"فكأنه استيقظ، فعاد لشروده مرة أخرى.
-"آه... تلك الفتاة ليست التي ظهرت عندما نزعت القناع بل التي راقصتها، هذه هي، أشعر أنني أعرفها، أعرفها جدًا، لكن من هي؟ لا تسخرِ مني، لكن، لا... لا شيء ".