رواية «زمن القهر» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت_عمّان)، للروائي هشام صالح عبدالله، وهي رواية مستوحاة من أحداث حقيقية الكثير من أبطالها وشخصياتها حقيقيون، أما الشخصيات غير الحقيقية فليست بعيدة عن الواقع وهي مستلهمة من أعمال العديد من المن
أنت هنا
قراءة كتاب زمن القهر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
- انتبهوا يا شباب، الفلاح وصل·
- لا حاجة لأن تنبهنا فقد شممنا راحة أغنام داخلة· قال أحد الرجلين بصوت مرتفع·
- ألن يذوق البعض ويبتعدوا عن هذا المكان، لأنه ليس للفلاحين· قال ثالث·
- أنت، هناك، هذا الكلام كله لك· تدخل رابع موجها حديثه إلى مسعود مباشرة بينما الآخرون يتضاحكون·
- هل تتحدث معي؟ سأل مسعود بتحد ظاهر·
- طبعا أتحدث معك، وهل هناك فلاح منتن غيرك في هذا المكان؟ رد الرجل متضاحكا·
- ما رأيك أن نذهب خارجا لنتفاهم لأني أشم رائحة سمك منتن· قال مسعود وهو يغمز بعينه مشيرا إلى الخارج·
هب الصياد واقفا مندفعا صوب مسعود يريد ضربه، لكن الأخير عاجله بنطحة من رأسه جعلته يفقد توازنه متراجعا إلى الخلف والدم يتدفق من أنفه· هجم الآخرون على مسعود الذي راح يضرب بيديه ورجليه ورأسه كل من يقترب منه· حين تكاثروا عليه، أفلت من وسطهم وسحب من جيبه موس كبّاس، فتحه وراح يهاجم الخمسة متوعدا بشق بطن كل من يمسك به منهم· التفوا حوله أمسك أحدهم بيده محاولا تخليص الموس منه· لم يستطع لكنه تمكن من طي الموس على يده فجرحها وبدأ الدم ينزف منها· لم يتوقف مسعود عن الضرب بيديه ورجليه ورأسه، رغم الجرح· ثم عاد وفتح الموس بأسنانه وهمّ بالانقضاض مجددا عليهم· لكن حال بينه وبينهم عدد من المتواجدين في المقهى الذين أمسكوا طرفي الشجار، وراح بعضهم يوبخ البحارة والصيادين الذين استقووا على شاب واجههم منفردا، وتمكنوا في النهاية من فضّه·
غسل مسعود وجهه، وأعطاه صاحب المقهى خرقة وبعض البن لوقف نزف الدم وتضميد الجرح مؤقتا، وطلب ممن تشاجروا معه مغادرة المقهى· تنبه مسعود إلى أن الشخص الذي بدأ يضمد له جرحه لم يكن سوى مصطفى· استغرب وجوده في مثل هذا المكان· حين هدأ، اقترح عليه مصطفى أن يأتي معه للجلوس في أحد المقاهي داخل المدينة· تمنع قليلا متعللا بأنه يود البقاء بعض الوقت هنا لأنه يحب البحر ودعا مصطفى إلى البقاء معه لاحتساء الشاي· فأقنعه مصطفى بلطف بالذهاب معه، قائلا بنبرة فيها الكثير من الثقة:
- دعك من هذا المقهى الآن، المكان الذي سآخذك إليه معظم رواده من الشباب أمثالنا·
لم يفهم مسعود ما الذي قصده رفيقه بكلمة أمثالنا، مع أن الكلمة أعجبته وراقه أن يساوي مصطفى نفسه به، فلم ير بأسا في أن يجرب أماكن جديدة، خاصة وأنه غريب عن المنطقة، ولا يعرف أحدا سوى اثنين من أبناء قريته يقيم معهم في غرفة مشتركة في حي الحليصة وبعض أبناء القرى المجاورة الذين يعمل معهم في المصفاة·
لم يكن المكان مقهى حقيقيا، بل مجرد مطعم صغير وسط حي وادي النسناس الشعبي، يقع في زاوية بعيدة عن الأنظار، به ثلاث طاولات قديمة، صفت حولها كراسي مقاعدها من القش، وبضع كراسٍ مع طاولتين صغيرتين في الخارج· دلف مسعود من الباب أولا، صمت الجالسون قرب الباب وتعلقت عيونهم بالداخل الجديد، ثم ما لبثوا أن عادوا إلى أحاديثهم عندما رأوا مصطفى يدخل خلفه مباشرة·