رواية «زمن القهر» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت_عمّان)، للروائي هشام صالح عبدالله، وهي رواية مستوحاة من أحداث حقيقية الكثير من أبطالها وشخصياتها حقيقيون، أما الشخصيات غير الحقيقية فليست بعيدة عن الواقع وهي مستلهمة من أعمال العديد من المن
أنت هنا
قراءة كتاب زمن القهر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
- لا تخاف عليّ، محسوبك من يوم ما وصل حيفا لم يتعرض للتفتيش ولو مرة واحدة· الأماكن التي يرابط فيها البوليس والجنود أتحاشاها· رد مسعود متفاخرا، ثم واصل حديثه، أنا واحد راسي حامي، وأخشى أن يتطاول علي أحد الجنود الإنجليز، فلا أتمالك نفسي، واهجم عليه بموس الكباس الذي أحمله··· أنا بصراحة لا أحب الاحتكاك بهم أو النظر في وجوههم حتى لا يروا كراهيتي لهم·
- إذا شئت، أنا أعرف أناسا يستطيعون تدبير مسدس لك· لكن قبل أن نبحث هذا الأمر هنالك أشياء يجب توضيحها·
- وما هي هذه الأشياء؟ سأل مسعود بفضول زائد·
- ستعرف كل شيء في حينه· رد مصطفى باقتضاب، منهيا الحديث، وانسحب مبتعدا·
صار ذلك المقهى المقر الثالث لمسعود، بعد المنزل والعمل، فلم يتغيب يوما عن ذلك المكان· وتوثقت عرى الصداقة بينه وبين المعارف الجدد· لكنه كان قليلا ما يقابل مصطفى في العمل، فهما يعملان في قسمين متباعدين، تختلف فيه ساعات بداية الدوام وانتهائه· في أحد الأيام وبينما هو خارج من مكان عمله متوجها نحو المقهى كالمعتاد، فوجئ بمصطفى يلتقيه في منتصف الطريق، حياه قبل أن يقول له بنبرة جادة،
- مسعود، أريدك في موضوع، عندك مانع؟
- لا أبدا· رد مسعود وقد بدا على وجهه الاهتمام·
- سنتحدث في الطريق إلى المقهى· لكن قبل كل شيء يجب أن تقسم لي بأن لا تُطلع أحدا على ما سيدور بيننا الآن، سواء قبلت الأمر أم لم تقبله·
- أعدك بأنني لن أخبر أحدا·
- كلا، هذا لا ينفع، يجب أن تقسم على القرآن· قال ذلك وأخرج مصحفا صغيرا من جيبه· ومد يده به إلى مسعود طالبا منه أن يضع يده عليه ويقسم·
تردد مسعود قليلا قبل أن يضع يده على القرآن، فرغم أنه لم يكن شديد التدين، فقد كان لهذا القسم رهبة لديه، مثل غالبية القرويين· لكن في النهاية غلبه الفضول فوضع يده على الكتاب وردد،
- أقسم بالله العظيم ألا أطلع أحدا على ما سيدور بيننا الآن والله على ما أقول شهيد· قالها مسعود وهو ينظر إلى وجه صاحبه مستفسرا عن الأمر الجلل الذي يتطلب كل هذه المراسم·
- شوف يا مسعود، أنا أرى فيك روحا وطنية واستعدادا للنضال والتضحية في سبيل هذا الوطن، ولهذا تحمست لمفاتحتك بهذا الموضوع· نحن عصبة من جماعة القسام، قررنا أن نخوض الكفاح المسلح ضد سلطة الانتداب واليهود، ونحتاج لمساعدة كل شخص قادر على حمل السلاح· البلد يا مسعود ليس لها سوى رجالها، كما يقول المثل، ومن للبلد غيرنا· اليهود يسحبون الأرض من تحت أقدامنا، وعملنا ينحصر في محاربة بائعي الأراضي، والسماسرة والجواسيس والخونة، وضرب بعض الشخصيات الكبيرة التي توقع أذى شديدا بالعرب· سواء كانت هذه الشخصيات من العرب أو اليهود أو الإنجليز· أيضا هناك مجموعات تهاجم الكبانيات اليهودية، وأهداف تخص سلطة الانتداب، صمت مصطفى قليلا متمعنا في وجه زميله الذي كان يستمع باهتمام، ثم واصل حديثه، هل أنت مستعد للانضمام إلينا·
كأنما أذهلت المفاجأة مسعود فهز رأسه عدة مرات موافقا، قبل أن يقول،
- نعم، نعم· أنا معكم·
- عظيم· رد مصطفى مبتسما ثم أردف، سأعلمك الآن كيف نعمل وما هو المطلوب منك بوصفك مستجدا· شوف يا مسعود نحن مجاهدون ولسنا جنودا نتقاضى راتبا، بصراحة ليس لدينا مال ندفعه لك، ولا نستطيع حتى توفير المال لشراء سلاح لك، عليك أن تتدبر معيشتك وأن توفر أنت ثمن السلاح· سبق وأن حدثتني أنك ترغب في الحصول على مسدس، نحن نستطيع تدبيره لك مقابل أن تدفع ثمنه· مئات الثوار باعوا ذهب نسائهم لشراء قطعة سلاح، وهذا ينطبق علينا·
- كم ثمن المسدس؟
- ما بين خمسة إلى عشرة جنيهات، ربما أقل أو أكثر، حسب نوعه·
- أستطيع دفع ثمن مسدس وشوية خرطوش· رد مسعود بلهفة وكأنه لم يسمع من الحديث سوى حكاية المسدس·