أنت هنا

قراءة كتاب زمن القهر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
زمن القهر

زمن القهر

رواية «زمن القهر» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت_عمّان)، للروائي هشام صالح عبدالله، وهي رواية مستوحاة من أحداث حقيقية الكثير من أبطالها وشخصياتها حقيقيون، أما الشخصيات غير الحقيقية فليست بعيدة عن الواقع وهي مستلهمة من أعمال العديد من المن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
لم يلبث مصطفى أن وصل، فهب مسعود واقفا متلهفا لأن يخبره عن انتظاره له أمام المصفاة، وإحضاره النقود ثمن المسدس· أوقفه مصطفى بحركة من يده، في إشارة له أن يصمت وجلس وكأن ليس ثمة موضوع معلق بينهما· ثم بادر الحضور قائلا:
 
- يا شباب لقد حُكم على مصطفى علي أحمد بالإعدام وعلى أحمد الغلاييني بالسجن 15 سنة·
 
- من يكونون، وماذا فعلوا؟ سأل مسعود مستفسرا·
 
- إنهم من الثوار الذين هاجموا كبانية نهلال· رد مصطفى باقتضاب· ساد الوجوم، وصمت الجميع لوهلة، وعلت وجوههم مسحة من الحزن، وكأنهم تنبهوا للمصير الذي ينتظرهم إذا ساءت الأمور· ولم يخرجهم من شرودهم سوى صوت مصطفى وهو يسأل مسعود،
 
- هل أحضرت الغرض الذي طلبته منك؟
 
هز مسعود رأسه بالإيجاب· نهض مصطفى وتوجه إلى طاولة منفردة وأشار إلى مسعود أن يتبعه· جلس الاثنان، ثم طلب مصطفى كوبين من الشاي· همّ مسعود بالكلام، لكن إشارة من مصطفى جعلته يتروى· جاء صاحب المقهى بالشاي وضعه على الطاولة ثم استدار عائدا·
 
أخذ مصطفى نفسا عميقا قبل أن يبدأ الكلام،
 
- شوف يا مسعود، أنا رأيتك وأنت تنتظرني خارج المصفاة، وقد تعمدت أن أتحاشاك· تريث مصطفى قليلا وهو يرى علامات الاستغراب ترتسم على وجه صديقه وفي حركة يديه، ثم واصل حديثه، سأشرح لك السبب· قلت لك أمس أن جميع الشباب أمثالنا مراقبين، بالنسبة لي أنا شخص مكشوف ومعروف أن لي توجهاً وطنياً، عيون الجواسيس تراقبني خاصة في محيط المصفاة وإذا لقيتني هناك وسرنا معا فسوف يدرج اسمك في قائمة المشبوهين· لا تنتظرني هناك ولا في أي مكان، أي بوادر لهفة منك على لقائي قد تلفت الانتباه إلى أن ثمة اتفاق من نوع ما بيننا· علاقتنا أمام الناس يجب أن تكون باردة، علاقة أغراب لا يعرفون بعضهم، أما في نشاطنا فهي أقوى من علاقة الأخوة، فقد أفديك بروحي أو تفديني أنت بروحك، تذكر هذا· اليوم نشاط الجواسيس ليس قويا، لكن إذا اشتدت الثورة فسوف يأخذوا الناس بالشبهة· بل أكثر من ذلك، فقد ينسفوا بيوتا لمجرد أن واحدا مثلك مر من جوارها· لا بد أنك سمعت عما فعله الطليان في ليبيا والحبشة، الإنجليز أكثر شراسة وخبثا· فكر فيما قلته لك وتعود أن تتصرف بهذه الطريقة·
 
- لا تؤاخذني يا أخ مصطفى، أنا كنت متحمس كثير···
 
- مفهوم، مفهوم، لقد مر جميع الشباب بهذه المرحلة، هناك أمور كثيرة ستتعلمها، كل كلمة قلتها لك فكر فيها وحاول أن تستوعبها·
 
سرح مسعود مفكرا في حديث رفيقه، قبل أن يقول،
 
- لكنك معروف في المصفاة بأنك من الشباب الوطني، تنظم الإضرابات والاحتجاجات· ثم أننا نلتقي هنا في المقهى· رد مسعود بنبرة احتجاج واضحة·
 
- هذا صحيح، أولا السلطة والإنجليز لا يهتمون بمن يبعبعون ويتكلمون، طالما اقتصر الأمر على ذلك، اهتمامهم ينصب على من يخططون ويعملون، من يتحدث بصوت عال مكشوف لا يخيف أحدا· ثانيا، هذا المقهى ما زال بعيدا عن أعين جواسيس السلطة لأنهم يتجنبون الدخول إلى هذه المناطق خشية أن يفتك بهم الناس· ثم غيّر مجرى الحديث قائلا، الآن، كم أحضرت من النقود؟
 
- عشرة جنيهات· رد مسعود ومد يده إلى جيبه لإخراجها، فأوقفه مصطفى قائلا،
 
- ليس هنا، اذهب حيث يقف صاحب المقهى واتركها أمامه دون أن يراك أحد، وستجد عنده المسدس غدا، وسوف يعيد إليك ما يزيد عن الثمن·
 
- ولماذا كل هذه السرية؟
 
- قليل من الحيطة لن يضر·
 
- وصاحب المقهى ألا تخشى منه؟

الصفحات