أنّا كارنينا (بالروسي:Анна Каренина) أثر أدبي عالمي وإنساني خالد، ترجم إلى معظم لغات العالم، وأعيد طبعه مئات المرات. وقد تباينت أراء النقاد في هذه الرواية، فوضعت فيها دراسات كثيرة راوحت بين الإعجاب التام والرفض النسبي، إن لم نقل الرفض التام.
أنت هنا
قراءة كتاب آنا كرنينا
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
كان ستيفان رجلاً صادقاً فيما بينه وبين نفسه، ولهذا لم يكن في وسعه التغرير بهذه النفس وخداعها، وإقناعها بأنه نادم على زوغان ضميره عن الطريق المستقيم.
وكتن في الأربعة والثلاثين من عمره، وكانت زوجته في الثانية والثلاثين، وقد رُزق منها سبعة أطفال مات منهم اثنان.
وغشيه من الهم وهو يضرب من الحيرة أخماساً بأسداس ما لم يُبْلَ مثله من قبل، فقد فكر بأولاده، وفكر بامرأته، وفكر بنفسه ! ولم يكن مبعث همه عدم ميله إلى زوجته، بل كان مثار همّه لإقدامه على الاقتران بها !
ولو تكهن أن خيانته ستنتهي بشر وغدر، لو داخل حسّه أن علاقته الأثيمة ستنسيه طعم الراحة، لفكّر مراراً قبل أن يقتحم الصعاب، ولحرص كثيراً حتى لا ينكشف السر، فيتكبد هذه العواقب، وينال هذا العقاب !
بيد أنه لم يتبع طريق العقل، ولعله كان يظن في زوجته القانعة ببيتها وأولادها ما يصرفها عنه وعند نزواته، ما يجعلها لا تحفل أو تكترث بفسقه .. وذهبت به حُسْن الظن كل مذهب، فكان يثق أنها تتغاضى عنه حتى يشفي غليله، وأنها تغمض عينيها كي يصل إلى إربه مع امرأة سواها، فيظل الرجل المستسلم لها بصفتها ربة البيت، المنصرف عنها بصفته يهوى الحُسْن والدلال !
واستوى جالساً، وراح يحدِّث نفسه ويقول: «هذا مريع ! وإني أحس بالخبال والوبال، وبضياع الآمال .. أليس من السخف والحُمْق أن يعشق الإنسان مربية أو خادمة؟ ولكن .. ولكن .. أي مربية هي؟ أي مربية؟».
وافتر ثغره عن ابتسامة راضية، وأغمض عينيه، وحلّق في عالم الأحلام، كأنه يرى جسد المربية الغض، ووجهها الناصع الناعم وعينيها المشرقتين الصافيتين ...
وهتف على حين غرة: «أين المفر، ما العمل، حتى أصون نفسي من الانهيار؟»
وتحير يتلفّت يمنة ويسرة، ثم دق الجرس، فهرع إليه خادمه «ماتفي» - ذلك الشيخ الودود – يحمل له بزته وحذاءه .. ويحمل أيضاً له برقية وتبعه الحلاق داخلاً وهو يحمل عدة الحلاقة، كما لو كان طبيباً يحمل أدواته ومعداته !