أنت هنا

قراءة كتاب ظلال العشق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ظلال العشق

ظلال العشق

رواية "ظلال العشق" للكاتب غول شاه إليلك بانق، التي ترجمها إلى اللغة العربية محرم شيخ ابراهيم، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
قال أحمد وهو يمسّد رأسه:
 
ـ "أنا أريد قهوة ثقيلة. رجاءً!".
 
هل فهمت زينب هذه الجملة على أنها ستجري بينهما مناقشة حادّة، أم إنها ككلّ مرّة تحمّل الكلام معنىً واضحاً؟. زينب من طبعها أن تحمّل العبارات معنىً مجازيّاً ومعانٍ أخرى. لم تكن متأكدة من الأمر. ففكرُها ظلّ عالقاً بأهمّ أسئلة الليل: "لماذا لا تثق به؟". ربّما كان أصل السؤال: في الوقت الذي يثق هو بها كيف لا تثق هي به؟ إلى اليوم ما حدّثته عن نفسها غير نذرٍ يسير، والآن للإجابة على هذا السؤال ستضطر إلى أن تحدّثه عن ماضيها، أبيها، خيبة أملها، وسبب إخفائها وحدتها السابقة قليلاً، والتظاهر بأنه غير موجود. كان اضطرارُها إلى الإفصاح عن كلّ ما سبق يسّبب لها انقباضاً في صدرها، ولا يدع لها ركناً خفياً في نفسها. لم يكن خوفها نابعاً من أن تروي هذه الأمور لأحمد، وإنما من أن تتعثر بالكوابيس والأغلال نفسها بعد أن ترويها. فلا تدري إن كانت قادرة على مواجهة هذه الأمور، إذ لم تكن تعتقد بأنها على استعداد لأنْ تواجه ماضيها في مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل... تمزّقتْ أفكارُها مع صوت جهاز القهوة المفاجئ. كان الضوء الأحمر الذي يشير إلى غليان القهوة يظلُّ يشتعل وينطفئ. كانت القهوة جاهزة، إلا أنّ زينب لم تكن جاهزة بعدُ للعودة إلى الغرفة. فكّرتْ في نفسها: الإنسان لا يكون مهيأ لمثل هذه اللحظة فيما بخار القهوة يلفُّ وجهه. لا يمكن أن يكون ثمّة تهيؤ أو خطة لمثل هذه الأمور. ينبغي أن يجري كلُّ شيءٍ ويمضي على فطرته. لقد آن الأوان لأنْ تخرج اللحظاتُ المغبرّة من قمقم الماضي، وتوجَّب عليها أن تقتسم ماضيها مع مَن توّد أن يشاركها مستقبلها.
 
الابتسامة التي لمحتها في وجه أحمد حين قدّمتْ له القهوة كانت برهاناً على صدق من أحبّتْ. فها هو يشكرها من أجل فنجان قهوةٍ بعد كلّ ذلك الصياح والجدال وساعات الصّمت... كانت زينب تحبّه حبّاً جمّاً، كانت تحتار في أمر هذا الحبّ. لقد لاح لها أحمد حين كانت في أدنى حافة من الهاويّة. لعلّ الزمنَ أو القدر قد جاد به عليها. مهما يكن فها هي وجهاً لوجه مع من تهيم به حبّاً. كان عليها أن تبوح له هذه الليلة، بالأجوبة التي ينتظرها كي يظلّ دائماً إلى جوارها، ينظر إليها بصدق، وكلما نظر أرعشَ فؤادها.
 
فكرت زينب في سرّها: "لعلّ الأوان قد آن.. لعلّ الوقت مناسب كي أتخلص من الأفكار التي تستحوذ على فكري". كان عليها أن تسرّ له بكلّ شيءٍ دفعة واحدة، وتخفف عن نفسها. أن تسرّ بكلّ شيءٍ كما هو، وكما تشعر به، ربّما بالبكاء حيناً وبالإغماء حيناً آخر. كان عليها هذه الليلة أن تتجاوز مسافة سوء التفاهم بكسر ذلك الجدار الفاصل بينهما، والذي يبدو وكأنه يوشك أن يتداعى عليهما... ارتشفت زينب رشفة من قهوتها، وبادرت بالحديث:
 
ـ "كنتَ قد سألتني: "لماذا لا تثق بي؟" ليس الموضوع: لا أثق بك، وإنما لا أستطيع أن أثق بك!. أنت تعرف الفرق بين هذا وذاك. لا أستطيعُ وإن حاولتُ. الثقة بالنسبة لي كلمة تركتها ورائي منذ زمن... الثقة في قاموسي تعني إهانة واضحة. ليست الثقة بك فحسب، وإنّما بالجميع، حتى أنني في كثير من الأحيان لا أثق بذاتي".

الصفحات