رواية "ظلال العشق" للكاتب غول شاه إليلك بانق، التي ترجمها إلى اللغة العربية محرم شيخ ابراهيم، نقرأ من أجوائها:
أنت هنا
قراءة كتاب ظلال العشق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ظلال العشق
ـ "في مثل هذه اللحظات يعتقد الإنسان أنه سيمكث مذهولاً في مكانه. أليس كذلك؟ أنا أيضاً كنتُ أعتقد هذا الاعتقاد. لكن ما يحدثُ غيرُ هذا تماماً. فذهنُ الإنسان سرعان ما يضع خطة، وما على الجسد إلا أنْ يطيع. في تلك اللحظة بدأتُ أجري كالمجنون. لم أكن أريد سماع كلمة أخرى. لم أكن أريد رؤيتهم لحظة أخرى داخل الإطار الأسروي السعيد. هذا الإطار سُلب مني ظلماً، لذا حنقتُ على أمّي سنة كاملة بسببه. لم أكن أظنّ أنَّ بمقدوري أن أجري بتلك السرعة وبلا وعي. لكنني جريتُ. جريتُ بلا توقف، ولربّما لساعة كاملة. وإنْ كان أبي قد جرى ورائي لحظة إلا أنه أخفق في اللحاق بي نظراً لسرعتي، كما أني سلكتُ الشوارع الفرعيّة التي خبرتها منذ أيام طفولتي خبرتي براحة يدي".
لاذتْ زينب بالصمت من جديدٍ. حركات بؤبؤيها كانت تحكي أنّ أمراً ما يجري داخلها، لكنها لم تكن لتفصح عنه. كانت تكابده وحدها، وتحوم عيناها يميناً وشمالاً. فكرَ أحمد يتحلى ببرودة أعصابه، ويسألها شيئاً، إذ لا يمكنه أن يدعها تتجرّع ألمها الداخلي وحدها.
ـ "ثم ماذا فعلتِ؟ يعني إلى أين ذهبتِ؟". سأل ملهوفاً.
كان مستعجلاً وكأنه ـ إن تأخر لحظة في طرح سؤاله ـ سيفقدُ زينبَ داخل ركام تلك الذكريات.
ـ "ثمّ.. ثمّ عدتُ إلى مكان الخطيئة". قالت زينب باسمة. إلا أنّ ابتسامتها كانت جامدة، وبقيتْ مدّة عالقة بوجهها، وكأنها قد التصقت به.
ـ "حين هبط الليل عدتُ إلى البيت. لكنْ هذه المرة إلى شجرة الجوز. في الحديقة الخلفية لبيتنا كانت لنا شجرة جوز. كلمّا شعرتُ بالضيق أو وُبِّختُ من أمِّي آويتُ إليها. كنتُ أغفو في ذؤابتها حالمة. لاشكّ أنني لم أحلم مثل هذه الأحلام من قبلُ أبداً. ما جرى في تلك اللحظة كان كابوساً حقيقياً. مع ذلك فكرتُ بأنَّ صديقي القديم لابدَّ أن يواسيني. لم أنزل منها حتى الصباح. ولم يكن أحدٌ يدخل تلك الحديقة غيري، فلم تكن هذه المرة استثناء. وهكذا بقيتُ فيها من غير أن يراني أحدٌ".
ـ "حتى الصباح؟". سأل أحمد.
كانت هذه المدة طويلة لطفلةٍ في الثانية عشرة من عمرها.
ـ "نعم! حتى الصباح. مع أنوار الصباح الأولى قصدتُ منزل صديقتي. لاشكَّ أنني كنتُ في حالٍ مزرية. أسرتُها جنّتْ من القلق. المهم: حالتي منعتهم من الإصرار عليّ. سريعاً فرشوا فراشاً لم أنهض منه يوماً كاملاً. في اليوم التالي حين فتحتُ عينيَّ رأيتُ أمَّي بجواري. كان هذا كارتسام قوس قزح بعد انهمار أمطار وابلة. خيالها الذي تراءى لي من خلال أجفاني كان ملاكاً... ملاكي المنقذ..."