أنت هنا

قراءة كتاب ظلال العشق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ظلال العشق

ظلال العشق

رواية "ظلال العشق" للكاتب غول شاه إليلك بانق، التي ترجمها إلى اللغة العربية محرم شيخ ابراهيم، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8
ـ "نعم! ولكن ليس كما أريد. فبعد أن كنتُ آمل أن أجد أبي وأصلح كلَّ شيءٍ، وجدتُ أنه لم يبق هناك ما يمكن إصلاحه".
 
سأل بدهشة ممزوجةٍ بالحزن:
 
ـ "لم تجدي أباك؟".
 
ـ "بلى! وجدتُه في نفس المكان الذي توقعته فيه".
 
تنهّدتْ زينب قائلة.
 
إلى الآن كلما تذكرتْ ذلك اليوم كانت تحسّ بتشنج في معدتها، ودُوار في رأسها. حاولتْ أن تستجمع كلماتها، وتهدِّئ من غضبها. ثم بادرت بالحديث كمن يُفرغ لهيب برْكان يغلي. شرعتْ تتحدّث بكلِّ صراحة عن ذلك المشهد الذي ندر أن تحدثت به حتى مع نفسها، والذي حاولتْ أن تغيّره في خيالها.
 
ـ "أولاً بأوّل أسرعتُ إلى بيتنا في (أسكودار) واثقة من أن أجد أبي هناك. لم أخطئ. حين وصلت إلى أمام بيتنا استصعبت كثيراً أن أرنّ الجرس. خلال عام كمْ صار غريباً ذلك البيت الذي شهد طفولتي، وذلك الجرس الذي قرعته مراراً. لا أعلم كمْ بقيتُ أمام الباب، ولكنني أعتقد أنه كان كافياً لأن أسمع الأصوات الصادرة من البيت. كان صوت أبي يسجح بحنان كما كان يسجح في حالات العطف. كان يحدّث أحدهم حديثاً لطيفاً. ثم فجأة فُتح الباب. كان إلى جوار أبي امرأة أصغر من أمّي بكثير، وفي حضنها طفلة في سنتها الأولى أو الثانية. وقفت قبالتي تنظر إليّ. ثم فجأة سألتْ أبي: بابا! مَن هذه البنت؟ كانت تقول بابا لأبي...".
 
غصّت الكلمات في حلق زينب. وارتعشتِ العبرات في جانب عينيها، فإذا سمحت لها بالانفطار فسوف تغرق بنوبة بكاءٍ طويلة. كانت تعلمُ هذا جيداً. وكان أحمد آخرَ شخص تريد أن يراها على تلك الحالة. علقّتْ عينيها على نقطة بعيدة، وحاولتْ أن تستكين. سعت إلى أن تستجمع قواها لبناء جملةٍ جديدةٍ، غير أنَّ الأمر لم يكن سهلاً أبداً. مشهدُ الطفلة الصغيرة، ومدُّ يدها المقبوضة إلى فم أبيها وسؤالها البريء، كان كلُّ ذلك يتماثل في مخيلتها من جديد. كان أحمد يهمُّ بأنْ يقول لها شيئاً، أن يواسيها، إلا أنّه لم يكن واثقاً من صحّة الجمل التي سيستخدمها أو من أنه لن يؤذيها. فالألم الذي رآه في عينيها أمضّ فؤادَه. بدأ يشعر بتأنيب الضمير لأنه دفعَ حبيبته إلى الحديث عن هذه الأمور. فما فعله لا يعدو غير فتق الجروح من جديد، ليس غير الظلم بعينه. إلا أنه إنْ أسكتَ زينب هذه المرة فلن يسعهما أن يعودا إلى الخوض في الموضوع ثانية، ولن تخطو علاقتهما خطوة إلى الأمام. لذلك آثرَ السكوت، وقرر أن يمنحها مزيداً من الوقت كي تواصل ما بدأته. ودون أن تزيح زينب عينيها عن الماضي البعيد أردفتْ من حيث توقفت:

الصفحات