(حكايات عصفور النار)، لعلنا اليوم وبعد أن سقط النظام في بغداد ودخل العراق في ظلمات الاحتلال وتداعياته، نجد تلك الخصلة منتشرة، وبصورة مضخّمة ومقنّنة عرفاً وتشريعاً، وبارزة في سلوك الكثير من الأشخاص والأحزاب والوزارات والهيئات والمديريات، ولاسيما بعد تشكيل ال
أنت هنا
قراءة كتاب حكايات عصفور النار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
حقيقة الإبراهيمية وخرافة السامية
قد يفاجأ البعض حين يعلم أن السامية ومفهوم معاداة السامية الذي يتحصن بها اليهود الصهاينة لتوفر لهم الحصانة الأخلاقية والقانونية لكل الجرائم التي اقترفوها ويقترفونها بحق الشعوب والأمم التي تقف بالمرصاد أمام أطماعهم ورغبتهم الجامحة في السيطرة على العالم والهيمنة على مقدرات الشعوب والدول بشتى انتماءآتها، ما هي إلا خرافة توراتية وخدعة يهودية روجّوا لها سياسياً وإعلاميا واستعانوا بها في تحقيق مآربهم، منذ رحيل هتلر بعد الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، وسنحاول هنا تحليل ومتابعة أصل هذه الأكذوبة التي انبهر بها الغرب المسيحي وروّج لها في العصر الحديث منذ وعد بلفور حتى اليوم، ليجعلها تكأةً للتخلص من وجود الأقليات اليهودية، ومحاولة تجميعهم في أرض الميعاد التوراتية بوصفهم العرق السامي الوحيد الباقي على الأرض من شعوب العهد القديم وعصر الأنبياء الأوائل، وهم شعب الله المختار الذي يستحق من البشرية الاحترام والتقديس، ويستحق أن تخدمه الأمم وتعينه لإنشاء الوطن المقدّس والدولة القوية التي وعدهم الله بها في التوراة على أرض فلسطين كما يزعمون، وهم –أي الغرب- باعتماد تلك الأساطير والخرافات التوراتية قد ضربوا عصفورين أو أكثر بحجر واحد، فهم قد تخلّصوا من اليهود أوجزءٍ مهمٍ منهم، ومن مشاكلهم الكثيرة في أوربا والتي استمرت قروناً طويلة من النـزاعات والفتن والصراعات الدموية والتصفيات التي سوّدت تاريخ أوربا في العصور الوسطى، وفي الوقت نفسه يكونون قد ضمنوا إنشاء دولة صغيرة في الشرق العربي الإسلامي مهيأة دينياً وسياسياً وعرقياً لتثيرالفتن والقلاقل مع العرب بسبب لاشرعية تلك الدولة المزروعة في قلب بلاد العرب واغتصابها للأرض، وبسبب استراتيجيتها العنصرية والتوسعية المدعومة من قبل الغرب نفسه على الدوام،لتمهّد لهم الطريق لاستعمار الشرق متى شاءوا، أو تكون في حدها الأدنى موطئ قدم للغرب لإثارة الحروب والفتن والقلاقل وافتعال الأزمات التي لابد منها للغرب، وفق استراتيجيته الإمبريالية والاستعمارية في واقعنا المعاصر، ولاسيما خلال القرنين الماضيين وتحديداً بعد سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى .
في الواقع إن اسم سام والسامية لم يذكرفي القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية الصحيحة، وإنما ذكر هذا الاسم فقط في العهد القديم الذي يطلق عليه اليهود والنصارى اسم التوراة أيضاً، وتقول التوراة وبقية كتب اليهود الدينية عن سام بأنه أحد أبناء النبي نوح الثلاثة وهم (سام وحام ويافث) وتجعل من سام جداً للعبريينوحام جداً للكنعانيين (أي العرب) ويافث جداً للروم (أي: الأوربيين!). وتذكر الأساطير التوراتية أنه –أي: سام بن نوح- هو الجد الأعلى للعبريين واليهود وبني إسرائيل، ولسنا هنا بصدد التحليل والتمييز والفصل بين هذه الأقوام في التاريخ القديم، وتحديد الفروق بين هذه المسمّيات وزمن تواجد كل واحد منها، فان لذلك مكان آخر، رغم أن اليهود أرادوا أن يدمجوا هذه المسمّيات في معنى واحد وأصل واحد وهو الأصل التاريخي القديم لليهود، حين كتبوا تأريخهم وملئوه بالكذب والتزوير، بل إنهم تمادوا في ذلك الكذب بعد أن نسبوا أنفسهم إلى سام بن نوح، فجعلواالأنبياء كلهم يهود بهتاناً وزورا، وأكدّوا في توراتهم التي كتبوها بيد عزرا الكاهن وتلامذته- بعد السبي البابلي- إن إبراهيم كان يهودياً وهو الجد القريب لهم ولبني إسرائيل، وأن سام بن نوح هو الجد البعيد والأصل الأول لوجودهم على الأرض، وللرد التفصيلي على هذه الأساطير والروايات المفتراة مكان آخر أيضاً، سنحدد فيه -بإذن الله- المفاهيم والمصطلحات والأسماء والشعوب التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة، ولاسيما الأنبياء والمرسلين الذين جاءوا بعد إبراهيم، والذين أستحوذ عليهم التراث اليهودي زوراً وقرصنة، بنفس الوسائل الأسطورية التي استخدموها في قصص الأنبياء الأوائل، أمثال آدم وشيث ونوح وسام وإبراهيم وإسحاق ويعقوب، وربما يكفي الآن أن نذكر رأي القرآن والتوراة في هذا الموضوع،فقد تكلم القرآن عن إبراهيم محدداً شخصيته ودينه وعصره فقال تعالى: