أنت هنا

قراءة كتاب حكايات عصفور النار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكايات عصفور النار

حكايات عصفور النار

(حكايات عصفور النار)، لعلنا اليوم وبعد أن سقط النظام في بغداد ودخل العراق في ظلمات الاحتلال وتداعياته، نجد تلك الخصلة منتشرة، وبصورة مضخّمة ومقنّنة عرفاً وتشريعاً، وبارزة في سلوك الكثير من الأشخاص والأحزاب والوزارات والهيئات والمديريات، ولاسيما بعد تشكيل ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 10
الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك
 
يتبجح البعض من السذج من الأحزاب والجماعات التي أتت مع المحتل بعد سقوط بغداد أو تأسست بعد الاحتلال، وقد يقودها بعض المستغربين والموتورين والمتعطشين للسلطة والقيادة مع قاعدة محدودة من الأتباع يكون قاسمها المشترك في الغالب الشعور بالنقص والهزيمة الداخلية وعقدة الاضطهاد والتهميش الذي ذاقوه في العهد السابق، بما يشبه عقدة بني إسرائيل الذين عاشوا في ظل الاضطهاد الفرعوني، فكان أول عمل قاموا به بعد الخروج نكوصهم وهزيمتهم النفسية والعقدية بعبادتهم العجل وانقلابهم عن عقيدة التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد مالك الملك العزيز الجبار.. فكانت عقوبتهم عقوبة الإقصاء والاستبدال والتيه في الصحراء، كي ما يظهر الجيل الجديد بعد أربعين سنة ويستحق خلافة الأرض والنصر والتمكين بعد تخلصه من عقد العبودية والمداهنة والهزيمة النفسية والاستسلام لغير الله.
 
والآن يتبجحبعض هؤلاء المهزومين من الإسلاميين وغيرهم بضرورة الالتزام برأي الجماعة، وهم في الواقع -بقراراتهم الانهزامية كالاستئثار بالسلطة والقيادة وإقصاء الشورى والاصطفاف مع المحتل والتحالف معه- إنما قتلوا الجماعة والعمل الجماعي، ولعلهم يتصورون -كما تخيل البعض- أنهم يمثلون أهل السنة والجماعة في العراق أو على الأقل جماعة تيار الأخوان المسلمين الذين أسسوا الحزب الإسلامي العراقي منذ أكثر من أربعين عاماً، ولم يفطن هؤلاء أن الجماعة والشورى صنوان، فلا جماعة بدون شورى ولا شورى بدون جماعة، ورغم أن القولالمأثور الذي روي على لسان العديد من الأئمة الأعلام في عصر الصحابة والتابعين –كعبد الله بن مسعودوسعيد بن المسيب وغيرهما- ينير لنا الطريق، وهو إن الجماعة ما وافق الحق ولو كنـت وحدك. ومع ذلك فلا يصح مطلقاً أن يكون موقف هذا الحزب أو ذاك، الذي قد يقوده نفرٌ بعضهم من تيار التغريب والتطبيع الذي جاء من خـارج العـراق بعـد الحرب، هو الذي يمثل موقف الجماعة في العراق، سواء أكانت هذه الجماعة هي جماعة أهل العراق بكل أطيافهم وفصائلهم، أم جماعة أهل السنة في العراق، أو إخوان العراق بل حتى جماعة الحزب الإسلامي العراقـي الأصيـل نفسـه الذيـن تقصّـد هذا الحزب وقيادته الجديدة استبعاد وإقصاء القادة المؤسسين له، وتهميش دورهم لعدم موافقتهم على التوجه الجديد للحزب والمساومة على مبادئ الإسلام وثوابته، لاسيما رفض الاحتلال ومقاومته بكل السبل، وعلى رأس هؤلاء القادة المؤسسين للحزب والذين تم تهميشهم او تحجيمهم من قبل القادة الجدد، الشاعر الإسلامـي والكاتب المعروف الاستاذ وليد الأعظمي والشيخ الجليل كاظم أحمـد المشايخــي رئيس جمعية التربية الإسلامية، اللذان توفيا قبل أشهر بعد أن عاشا أشهراً طويلة من الإقصاء والتهميش المتعمّد من قبل الحزب وأركانه بعد سقوط بغداد، وكذلك الشيخ الداعية إبراهيم منير المدرس، بل لقـد وصـل التهميش والمحاصرة إلى الشيخ الداعية محمد أحمد الراشد والشيـخ الأستاذ نعمان السامرائي رئيس الحزب الإسلامي عام 1960م والشيخ الفاضل المرشد عبد الكريم زيدان، ويعد هؤلاء من أبرز وأكبر الشخصيات التي عملت -منذ عقد الخمسينات- في صفوف قيادة الأخوان المسلميــن في العراق مع المرشد الأول الشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله، ثم توّجت عملها الريادي في العراق بتأسيس الحزب الإسلامي العراقي في عام 1960م كما هو معروف لدى المتتبعين لتاريخ الحزب. فهم لا يمثلون في حقيقة الأمر إلا جماعة منشقّة من الحزب الإسلامي العراقي الأول، أقصت قياداته واستحوذت على قاعدته وقاعدة الأخوان في العراق، سواء بالإقناع أو التعسف والمحاربة وإقصاء المعارضين وتهميش دورهم.
 
لــذا وللأمانـة العلميـة والتاريخية لابد من الوقوف على حقيقة الأمر ولكي لا تلتبس الأمور وتختلط الأوراق، فالإخوان كان موقفهم وما يزال منذ الإمام الشهيد حسن البنا وحتى اليوم ضد الاحتلال والتبعية، ومع المشروع الوطني المقاوم للاستعمار بشتى صوره، ولكن الحزب الحالي في قيادته الجديدة، اختار طريقاً آخر مختلفاً تماماً مع ما كان معروفاً عنه من مناهضة للاستعمار ورفض للاحتلال مهما كانت مبرراته ومسوغاته، وقد اصطف في هذا الموقف الغريب عن منهجه وتاريخه وثوابته مع المعارضة العراقية للنظام السابق، فصيّرهم المحتل -من حيث يعلمون أو لا يعلمون- بما يشبه حصان الطروادة وجعلهم أدوات بيده لتحقيق ما يريد بعد احتلال البلد، مقابل مكاسب ووعود سياسية معينة، لتبرير احتلاله واجتياحه للعراق، في حين وقفـت أوربا والعالم الحر ضد هذا الاحتلال والغزو اللاشرعي واللاقانوني، ولم تستطع أمريكا رغم نفوذها الكبير في مجلس الأمن أن تستصدر قراراً واحداً يضفي الشرعية والقانونية على عدوانها واحتلالها.

الصفحات