(حكايات عصفور النار)، لعلنا اليوم وبعد أن سقط النظام في بغداد ودخل العراق في ظلمات الاحتلال وتداعياته، نجد تلك الخصلة منتشرة، وبصورة مضخّمة ومقنّنة عرفاً وتشريعاً، وبارزة في سلوك الكثير من الأشخاص والأحزاب والوزارات والهيئات والمديريات، ولاسيما بعد تشكيل ال
أنت هنا
قراءة كتاب حكايات عصفور النار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
أما القرآن الكريم فلا يعترف بتلك الأسماء التي اختارتها التوراة وأثبتها كتبة التوراة خلال عصر تدوين التوراة الذي دام قرابة ألف عام (من القرن الخامس عشر إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وهو ما يسمى تاريخياً بعصر تدوين التوراة، وقد استمرّ التنقيح والتصحيح والتعديل والإضافة والحذف على نسخ التوراة العديدة إلى قرون أخرى تجاوزت القرون الأولى بعد الميلاد كما هو ثابت علمياً في دراسة النصوص المقدسة، وتوجد اليوم أكثر من سبع نسخ أساسية مختلفة يطلق عليها اسم التوراة أو العهد القديم لدى اليهود والنصارى، كالبابلية والسامرية والسبعينية واليونانية والعبرية وغيرها)، ولم يذكر القرآن أياً من هذه الأسماء التوراتية، لا سام ولا حام ولا يافث، وإن وجدت في التراث الإسلامي فهي روايات إخبارية موضوعة وضعيفة لا تصمد أمام النقد التاريخي والعلمي وفي مواجهة نقد علم الجرح والتعديل، وغالباً ما يطلق عليها العلماء أسم الروايات الإسرائيلية، أي: التي تشربت من تراث أهل الكتاب ومروياتهم خلال اختلاطهم بالعلماء المسلمين، ولعل أبرز من روى الإسرائيليات في العصر الإسلامي الأول هم: كعب الأحبار ووهب بن منبّه وابن الكلبي وغيرهم من الرواة الذين تحدّروا من أصل يهودي. وفي الوقت نفسه فإن القرآن يحاول في استعراضه لتراث الأنبياء التأكيد على مصطلح علمي وتاريخي هام هو مصطلح الحنيفية الإبراهيمية كبديل لمصطلح السامية التوراتي الذي جاء به المستشرق اليهودي شلوتسر حين أطلقه لأول مرة على الشعب اليهودي الذي ورث رسالة موسى باعتباره شعب بني إسرائيل، والذي أضفى على هذا الشعب المشرّد صفة من القداسة والاحترام، ولاسيما في الغرب الذي كان يحتقره ويكرهه ويعاديه منذ حادثة صلب المسيح في مطلع القرن الأول الميلادي وحتى القرون الأخيرة، إذ كانت أوربا مسرحاً للعديد من الفتن الدينية والمذابح والاضطهاد الطائفي لليهود الذين كانت تهمتهم التقليدية لدى المسيحيين في أوربا، انهم مسعّروا الفتن والصراعات والحروب بين الشعوب والدول ورمزاً لشعب يعيش إلى التطفل الاقتصادي القائم على السحت والاحتكار والربا الفاحش، وكانت آخر تلك المذابح التي قام بها الأوربيون بحق اليهود هي حوادث المحارق الجماعية في ألمانيا النازية (أو ما يسمى بالهولوكوست) خلال الحرب العالمية الثانية والتي حاول اليهود الصهاينة تضخيمها واستغلالها لكسب التعاطف الأوربي والعالمي لقضيتهم والحصول على التأييد والدعم الدولي لإقامة دولتهم في فلسطين، وتشويه سمعة كل معارض لها باسم معاداة السامية المزعومة. أي أن هذا الربط بين أسم السامية وبين اليهود والمشروع الصهيوني هو ربط حديث لم يمضِ عليه أكثر من قرن أو قرنين من الزمن.
لقد كرر القرآن في عدد من السور والآيات اسم حنيف عشرة مرات وعبارة ملة إبراهيم ثمان مرات، وجمعهما في عبارة (ملة إبراهيم حنيفاً) خمس مرات، وللاستئناس بذكر القرآن لتلك التسمية نستشهد ببعض الآيات القرآنية التي تشير إلى ملة إبراهيم الحنيفية، والتي جاء الإسلام ممثلاً لها وعلى هديها ومنهجها وخاتماً لها ولرسالة التوحيد الإلهية التي دعت لها أديان التوحيد الثلاث السماوية (اليهودية والنصرانية والإسلامية)، ومن تلك الآيات الكريمة:
ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفاً واتخذ الله إبراهيم خليلاً(11).
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين(12).
إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً وما كان من المشركين(13).