أنت هنا

قراءة كتاب حكايات عصفور النار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكايات عصفور النار

حكايات عصفور النار

(حكايات عصفور النار)، لعلنا اليوم وبعد أن سقط النظام في بغداد ودخل العراق في ظلمات الاحتلال وتداعياته، نجد تلك الخصلة منتشرة، وبصورة مضخّمة ومقنّنة عرفاً وتشريعاً، وبارزة في سلوك الكثير من الأشخاص والأحزاب والوزارات والهيئات والمديريات، ولاسيما بعد تشكيل ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1
حكايات عصفور النارمن وحي الفلوجة والنجف وحلبجة
 
عصفور النار.. مجموعة مقالات وحكايات كتبت في ظل الاحتلال، ومن وحي ما جرى من أحداث ومآسٍ وصدامات وصراعات وإرهاصات متنوعة عاش في كنفها هذا الشعب الصابر، في الفلوجة والنجف وحلبجة خلال السنينالعجاف، وهو ينـزف دماً وألماً وحزناً من جراحه المتفاقمة قبل الاحتلال وبعده. وعصفور النار هو رمزٌ أخلاقيٌ وجهاديٌ لوقفة الحسين الشجاعة في أرض كربلاء وعلى ضفاف نهر الفرات قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، تلك الوقفة البطولية التي وقفها في أرض العراق أمام الانحراف والطغيان الذي تلا عصر الخلافة الراشدة، فجاء مع أهله وذويه حاملاً دمه الزكي بيده الشريفة ومضحياً بأغلى ما عنده من أجل الدفاع عن مبادئ الدين الحنيف وفي مقدمتها الشورى ومبادئ الحق والعدل والخير، وهو في الوقت نفسه –أي عصفور النار- يمثل أيضاً وقفة الفلوجة الباسلة اليوم في معركتها الثانية أمام قوات الاحتلال المدجّجة بأحدث الأسلحة والعتاد الفتاك، تلك الوقفة التي استمدت شرعيتها ومنهجيتها من وقفة الحسين الشهيد، في وجه الظلم والطغيان والقوة الغاشمة التي تريد إسكات أصحاب الحق وأهلبلاد الرافدين الذين رفضوا الاحتلال الذي جثم على أرضنا العزيزة، والذي يريد خنق كل نَفَس مخلص وصوت غيور للمعارضة الحرّة والمقاومة الشريفة، التي وقفت بوجه الغزو والعدوان الذي جعلنا في ذلك المنـزلق الخطير والمسار الخطأ الذي انحدر إليه البلد بعد احتلاله، لتعيد له السيادة والاستقلال والسلام، وعصفور النار أيضاً رمزٌ معبرٌ لمحنة شعبنا الكردي الأصيل في حلبجة وغيرها من مدن كردستان العراق قبل الاحتلال وبعده. وهو فوق ذلك كله رمزٌ قرآنيٌ خالدٌ لأصحاب الأخدود الذين هلكوا بأجسادهم وظلت أرواحهم ترفرف على الأرض وفي الآفاق، وهي تدين الكفر والطغيان، وهؤلاء الذين سطروا تلك الملحمة التي خلدها القرآن، هم أولئك الفتية المحتسبة والشباب المؤمن الصابر الذي حُفرت له الخنادق ثم أحرق فيها بالنفط والقطران، على مرأى ومسمع من الناس، وهم ينظرون إليهم والى النار الملتهبة حولهم في الأخدود وهم يصطلون، وكانت تلك المحنة الرهيبة لأصحاب الأخدود بسبب موقفهم الإيماني المبدئي وعقيدتهم الربانية الصادقة التي أصرّوا على الثبات عليها، رغم علمهم بفداحة الثمن والمصير الذي ينتظرهم، حين يحرقون في الخندق والأخدود الذي حفروه لهم، فثبتوا وصبروا أمام الاستبداد والطغيان الجاهلي، ليكتبوا بدمائهم الحقيقة التي دوّنها بعدهم الحسين، أن الإيمان أقوى وأبقى من جبروت الطغيان مهما تجبّر، تلك هي صورة الوقفة الشامخة لأصحاب الأخدود التي ما زالت تدوّي في الآفاق، وتشير إلى تضحياتهم الجسيمة والنادرة، حتى أضحت قرآناً يتلى وسيرة تحتذى لمن يريد أن يرفع راية الله أكبر أمام الكفر والجبروت إلى يوم الدين. قتل أصحاب الأخدود. النار ذات الوقود. إذ هم عليها قعود. وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود. وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد .
 
وما أشبه اليوم بالأمس حين يعيد التاريخ نفسه، فنسمع ونرى أن البهتان والباطل يلتف حول صهوة الحق والخير وأصحابه، فيتهمه بالإرهاب تارة والعنف تارة أخرى، حتى أصبح الإرهاب قريناً للإسلام في الإعلام الغربي، وهو دين السلام والأخوة الإنسانية ورمز العدل والتسامح والمحبة، وتتهم المقاومة المشروعة والرافضة للاحتلال بشتى التهم، وتحاك حولها الدسائس والمؤامرات الخفية، في محاولات يائسة لتشويه صورتها ونعتها بشتى الأوصاف والصفات النابية، ويوصف أعدائها وخصومها من السائرين في ركاب المحتلين ومخططاتهم المشبوهة، بالوطنية والنزاهة والشرعية ، وأنهم دعاة الحرية والاستقلال وحمائم الأمن والسلام، وانهم منقذو البلد الجريح من براثن الجهل والتخلف والاستبداد، وهم بذلك يكونون قد أخذوا أوصاف أصحاب الأخدود ورموا عليهم أوزارهم الكريهة، تماماً كما يصفهم المثل العربي القديم: رمتني بدائها وانسلّت… فصبر جميل والله المستعان على ما يصفون ... وهو أعلم بما يمكرون.
 
علاء الدين المدرس
 
21/12/2004م

الصفحات