أنت هنا

قراءة كتاب حكايات عصفور النار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكايات عصفور النار

حكايات عصفور النار

(حكايات عصفور النار)، لعلنا اليوم وبعد أن سقط النظام في بغداد ودخل العراق في ظلمات الاحتلال وتداعياته، نجد تلك الخصلة منتشرة، وبصورة مضخّمة ومقنّنة عرفاً وتشريعاً، وبارزة في سلوك الكثير من الأشخاص والأحزاب والوزارات والهيئات والمديريات، ولاسيما بعد تشكيل ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 7
وعندما نصل إلى تلك النتيجة التي تؤكد خرافة مفهوم السامية وعنصريتها وعدم انطباقها على الواقع التاريخي للشعوب التي عاشت في الشرق خلال حقبة العهد التاريخي القديم وما تلاه، تصبح أطروحة (معاداة السامية) التي يتحدث عنها الغرب بدفع وتغذية من اليهود المتشدّدين لاسيما الصهاينة ومن تحالف معهم من اليمين المسيحي المتطرف والجناح البروتستانتي منهم بوجه الخصوص في أمريكا وأوربا، تصبح هذه الأطروحة خالية من أي مقياس علمي وأي مغزى موضوعي يمكن الارتكاز عليه، وتصبح هذه الفكرة الصهيونية وما يبنى عليها، ما هي إلا فقاعة جوفاء لا تمت إلى الحقيقة العلمية بصلة ولا إلى الواقع التاريخي والسياسي الذي يريد التيار الراديكالي المتشدّد في أمريكا وإسرائيل أن يسلّط الضوء عليها ويعاقب من يتجاوز عليهاويخترق الخط الأحمر لها، والذي وضعت قوانين متشدّدة في أمريكا مؤخراً لتحديد ملامحه وأوصافه، وتم صياغته على هيئة قانون وتشريع رسمي، يمكن أن تحدد في ضوئه الأشخاص والهيئات والدول التي يمكن أن تقع تحت طائلة تهمة معاداة السامية على وفق القرارات والقوانين التي قننت بالتنسيق مع أصحاب القرار الصهيوني في أمريكا وإسرائيل، وذلك لتوفير الحماية اللازمة لليهود الصهاينة، وتحصينهم أمام خصومهم ضد أي تهمة دينية أو عنصرية أو سياسية من الممكن أن توجه لهم، وكذلك لاطلاق يدهم في الأرض يعيثون فيها فساداً وطغياناً لتحقيق أحلامهم في السيطرة على مقدرات الشعوب وتسخير إمكاناتها ورصيدها الاقتصادي والسياسي والديني في خدمتهم لحكم العالم، من خلال التزييف الإعلامي والاحتكار الاقتصادي والقوة الغاشمة التي تستخدم لتكميم الأفواه وسمل العيون في عالم القوة والمادة وتجبّرها، بعد أن أضحت أمريكا اليوم القوة العظمى الوحيدة في العالم والراعية المتشدّدة لمصالح اليهود الصهاينة ومصلحة إسرائيل، وقد قاموا بتكريس هذا التوجه المنحاز والمتجبّر من خلال تشكيل العقل الجمعي والرأي العام العالمي بالصورة المناسبة لسياستهم وأهدافهم الاستراتيجية، بفضل تراكم المال والتقنية المتطورة والسيطرة الفعلية على وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، إن ذلك التضخيم الإعلامي لفكرة معاداة السامية وجعلها السلاح الفكري والسياسي لإرهاب الأمم والشعوب قد تم فرضه وتكريسه اليوم بحجة ما جرى في ألمانيا في عهد هتلر وما سبقه من اضطهاد لليهود في معظم الدول الأوربية في العصور المتأخرة، وان أحداث (الهولوكوست) أو المحرفة اليهودية كما تسميها الدعاية الصهيونية لاستدرار عطف الرأي العام العالمي ولتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين، هي في الحقيقة أحداث إجرامية وعنصرية قام بها هتلر أبان الحرب العالمية الثانية للتخلص من خصومه وأعدائه، وقد تم تنفيذها بطريقة بشعة لإخافة المعارضين والمناوئين لسياسة الحرب العدوانية التي شنها على قوات الحلفاء في حينها، وقد أدت هذه الأحداث القاسية إلى مقتل بضعة آلاف من اليهود في ألمانيا النازية، ولكن الصهاينة قاموا بتضخيم هذه الحوادث التي تحدث عادة في أجواء الحروب وفي أعقاب فرض الأحكام العرفية وفي ظل الاستبداد والطغيان في التاريخ البشري، ورفعوا أعداد القتلى إلى أكثر من مائة ألف يهودي من خلال سياسة الكذب والتزييف الإعلامي المعهودة عند اليهود الصهاينة والمتشدّدين والمتطرّفين، كما قاموا أيضا بدفع هتلر في الخفاء إلى اضطهاد بني جنسهم اليهود الألمان، من خلال استفزازه ومحاربة سياسته، بغية تحفيزه للقيام بمثل تلك الأعمال الإجرامية بحق اليهود، وذلك لأهداف سياسية استراتيجية، ولكسب الرأي العام العالمي لصالح قضيتهم وإنشاء دولتهم الوشيكة في فلسطين.
 
إنه من المؤسف حقاً أن نسمع عن قانون محاسبة المتهمين بمعادة للسامية الأمريكي الذي صدر أبان انتخاب الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش مؤخراً،كدليل عن حسن نية الإدارة الأمريكية لليهود وإسرائيل بقيادة الحزب الجمهوري اليميني المتطرّف ورئيسه بوش خلال فترة حكمه الثانية. إن من الحقائق البديهية -عقلاً وقانونا-ً إن ما بني على باطل فهو باطل، فكيف يمكن أن تتمتع مثل هذه القرارات والقوانين المتحيّزة ذات الطابع العنصري، التي بنيت وقامت على أساس لاعلمي ومضمون خرافي واسطوري، وهي قرارات نابعة من سياسة الكيل بمكيالين الأمريكية، أن تتمتع بالقبول والاعتراف أمريكياً وعالمياً، وإذا كانت السامية بمفهومها العنصري واقتصارها على الشعب اليهودي دون باقي الشعوب التي تشترك معها في التاريخ واللغة والجنس، هي من خرافات ثقافة التوراة الكثيرة، فكيف ينطلي هذا الأمر على الإدارة الأمريكية، لكي تخدع شعبها والعالم بأسره بأن هناك شعب مختار ومقدّس ينتسب إلى السامية، وإن من يعاديه –لأي مبرر كان وتحت أي سبب أو دافع من دوافع الصراع والاختلاف الإنساني- وفي أي مشكلة أو أزمة سياسية أو فكرية أو أخلاقية أو عسكرية، فهو معادٍ للسامية ويستحق العقاب المناسب الذي يضمنه ويقره القانون الأمريكي الجديد، وستقف أمريكا ضده دفاعاً عن خرافة السامية هذه وتداعياتها العنصرية. إن الإدارة التي تسمح لنفسها أن تتصرف بتلك الطريقة اللاعلمية واللاشرعية فضلاً عن افتقارها للعدالة والتوازن والعقلانية، فإنها تضع على نفسها أكثر من علامة استفهام في أهليتها للقيادة والتحضّر والرقي الإنساني.. وفي ذلك عبرة لمن يعتبر وفرصة حقيقية لأصحاب القرار الحضاريين والعلميين للتراجع من دائرة الخرافة والتطرّف والعقل الأسطوري والعمى الأخلاقي إلى دائرة العلم والحضارة والإيمان بالمبادئ الخيرة ، في ميدان الرقي البشري الذي يعتمد أساساً على الحق والعلم والعدل، ويزدان بالتعددية الحضارية والسياسية والدينية. قال تعالى:يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير(15).
 
10/11/2004

الصفحات