أنت هنا

قراءة كتاب يهود الدونمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يهود الدونمة

يهود الدونمة

كّتَّاب كثيرون ينتمون إلى جنسيات ومذاهب متعددة تقصوا موضوعات تتعلق باليهود وبالقضية الفلسطينية، وإذا ما توقفنا عند الكتابات الغربية المتعلقة بتلك الموضوعات فسنرى أن هناك محاولات من لدن أولئك الكتاب من خلال تنسيق التعاون مع كتاب يهود وباحثي آثار مرتشين يتعلق

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

المقدمة

كّتَّاب كثيرون ينتمون إلى جنسيات ومذاهب متعددة تقصوا موضوعات تتعلق باليهود وبالقضية الفلسطينية، وإذا ما توقفنا عند الكتابات الغربية المتعلقة بتلك الموضوعات فسنرى أن هناك محاولات من لدن أولئك الكتاب من خلال تنسيق التعاون مع كتاب يهود وباحثي آثار مرتشين يتعلق بتبرئة اليهود من سفك مزعوم لدم سيدنا عيسى عله السلام. ومعظم تلك المحاولات جاءت من كتَّاب ينتمون إلى العقيدة المسيحية، وكانت غايتهم من ورائها إيجاد نوع من التقريب بين ما جاء في العهد القديم [التوراة] وما ورد في العهد الجديد [الإنجيل] كي يتسنى لليهود استمالة مسيحيي العالم إلى جانبهم ليعينوهم على إقامة دولة لهم في فلسطين العربية، لذلك نجد أن معظم الكتابات الغربية تتسم بطابع يهودي ماسوني. ومن جانب آخر نجد هذه الدراسات تبتعد عن التعرض لبعض جماعات الضغط في العالم الإسلامي، ومن هؤلاء يهود الدونمة في تركيا المعاصرة. هذه الأسباب مجتمعة، فضلا عن أسباب أخرى دينية وسياسية دفعتني إلى إيلاء اهتمامي لهذا الموضوع الخطير فألفت كتابي "يهود الدونمة دراسة في الأصول والعقائد والمواقف". ووجد الكتاب صدى واسعا في الوطن العربي فنفذت نسخه خلال أسابيع قليلة من الأسواق العربية مما حفزني إلى الكتابة لا في مجال الأصول والعقائد والمواقف وإنما عن دور اليهود في المجال الاجتماعي والسياسي في الحقبة السياسية الأخيرة لدولة الخلافة العثمانية، وفي حقبة النظام العلماني المعادي للإسلام الذي حل محل الدولة العثمانية.
عند تناولي لهذه الجزئية من الدراسة وجدت صعوبات معيقة نابعة من عدة أسباب لعل أشدها تعويقا كان ندرة المصادر، ولا أعني المصادر الإنجليزية والعربية فحسب، بل وندرة حتى المصادر المكتوبة بلغة تركية، فالإطار العام للنظام السياسي في تركيا لم يكن يسمح عبر نصوص الدساتير الثلاثة الصادرة في السنين(1924 و1961و1982) بإثارة هذا الموضوع استجابة لما تفرضه علمانية تلك الدساتير من ناحية،
ولإخفاء يهود الدونمة يهوديتهم بما تَسَمََّّوا به من أسماء إسلامية مكنت معظم المتظاهرين منهم بالإسلام علنا، اليهود سراْْ- بكل ما تفرضه على كل منهم يهوديته من عبادات وفق مبادئ شبتاي زيفي الثمانية عشر-من الذوبان في المجتمع التركي ذوبانا تاما جعل من الصعوبة بمكان تمييزهم بين مجموع الأتراك المسلم منهم بالوراثة ودخيلهم من اليهود المتظاهر بالإسلام، المحافظ سرا على عقيدته اليهودية. وإمعانا منهم في ذلك التظاهر يؤدي بعضهم العبادات الإسلامية المنظورة بما في ذلك الحج إلى مكة المكرمة والصوم الظاهري نهارا وذبح الأضاحي في عيد الأضحى. ومن العدل أن نقول أن قلة منهم أسلموا إسلاما حقيقيا وبرهنوا على ذلك في عدة مواقف.
ومن أخطر ما نجح فيه يهود الدونمة المتظاهرون بالإسلام تغلغلهم في وسائل الإعلام التركية من خلال تملكهم لبعض الصحف الرئيسة الذي لا يفوقه خطرا إلا تغلغلهم في "المجلس الوطني التركي الكبير"[البرلمان] وإسهاماتهم في السنوات الأخيرة في عمليات صنع القرار المؤثر في السياستين التركيتين الداخلية والخارجية كونهم جماعات ضغط على وحدات اتخاذ القرار التركي. وخير دليل على ذلك تجربة إسقاط حكومة أربكان عام1997.
ولقد عاهدت نفسي-على الرغم من كل تلك الصعوبات- أن أكتب في هذا الموضوع مستغلا مصادر اليهود ووثائقهم، خدمة مني لقضايا المسلمين، ولتقديم مادة علمية جديدة للقارئ العربي تصله حيثما كان، تضاف إلى مادة الحركات الهدامة في العالم الإسلامي مثل القاديانية والبهائية والفرق الباطنية الأخرى التي مافتئ الغرب يعتمد على المؤمنين بها عند تخطيطه لتفتيت المجتمعات الإسلامية وتشويهه لمعالم فكرها الإسلامي، خدمة منه للمخططات اليهودية العالمية الساعية بتحرض من القوى الغربية والشرقية للهيمنة على الدول الإسلامية والعربية لسلب إرادتها مجتمعة ومتفرقة.
اتبعنا اكثر من منهج واحد في كتابة هذه الدراسة، في مقدمتها المنهج التاريخي، فدرسنا معظم النصوص التاريخية عن يهود الدونمة منذ أن ادعى شبتاي زيفي والذي يعد الأب الروحي لطائفة الدونمة بأنه المسيح المنتظر، ثم الى الانتقال الى حقبة جديدة من حياته والتي تتركز في اعتناقه الاسلام، ونفيه الى البانيا، وتقسيم طائفة الدونمة الى مجاميع بعد وفاته.
وأعتمدنا ايضاً في الدراسة على المنهج القانوني، إذ أن دراستنا لم تقتصر على ذكر الحقائق كما هي، بل تعني بدراسة النصوص عن طريق تحليل عقائدهم واصولهم وفي اطار القانون والشريعة. فضلاً عن إتباع المنهج التحليلي المقارن والذي انصب اساسا على تحليل الجوانب التاريخية والقانونية ليهود الدونمة بالمقارنة عن سلوكهم ومواقفهم في حقبة الدولة العثمانية وتركيا الحديثة.
وللإحاطة بالموضوع من جوانبه كافة، قسمنا هذه الدراسة الى خمسة فصول، تناولنا في الاول منه، عن وضع اليهود في اوروبا، وتركز الثاني في اعتناق يهود اسبانيا، الاسلام، اما الثالث فيه، فقد خصصناه عن يهود الدونمة بعد وفاة شبتاي زيفي، في حين، تناولنا في الفصل الرابع عن يهود الدونمة والنظام السياسي العثماني، أما الفصل الخامس، فقد تم معالجته من خلال دراسة يهود الدونمة والمحافل الماسونية. مع خاتمة، تمت الاشارة فيها الى مجموعة من الاستنتاجات.
إن لي لكبير الأمل في أن يكون جهدي المتواضع هذا مشجعا لباحثين جددا قادرين على الإحاطة بمختلف قوى الضغط على الدول الإسلامية من الجوانب كافة، وحافزا على دراسات جديدة جادة عن اليهود بعامة والدونمة منهم بخاصة. مع الابتعاد عن الدراسات التقليدية المتكررة.
وفي النهاية، لا ادعي بان هذه الدراسة وصلت الى مرحلة الكمال، لإن الكمال لله وحده. يقول الأمام الشافعي رحمه الله: "مذهبي صواب يحتمل الخطا، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب".
وأختتم هذه الدراسة، بقوله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً": الاحزاب: 70-71.

الصفحات