أنت هنا

قراءة كتاب يهود الدونمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يهود الدونمة

يهود الدونمة

كّتَّاب كثيرون ينتمون إلى جنسيات ومذاهب متعددة تقصوا موضوعات تتعلق باليهود وبالقضية الفلسطينية، وإذا ما توقفنا عند الكتابات الغربية المتعلقة بتلك الموضوعات فسنرى أن هناك محاولات من لدن أولئك الكتاب من خلال تنسيق التعاون مع كتاب يهود وباحثي آثار مرتشين يتعلق

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

كتب عن هذه اليهودية في عهد الحكم الجمهوري التركي الصحفي اليهودي يوسف كوهين، أحد محرري جرائد الدونمة يصفها في إحدى مقالاته بقوله: "وجدت في السراية الهمايونية يهودية من مدينة البندقية من أسرة بافسو النبيلة، عرفت تاريخيا باسم "صفية السلطان" وكانت– لمكانتها في القصر- تعد المرجع الأوحد لأولئك الذين يرومون شغل وظائف حكومية، كما أنها الأقدر على إقناع جباة الرسوم المالية والديون المستحقة للخزانة بقبول عملة مزيفة عوضا عن النقود الصحيحة، ممن عليه واجب دفع رسوم جمركية أو ضرائب أو حتى أقساط ديون للخزانة العامة، وبذلك تخسر خزاين الدولة سنويا مبالغ كبيرة تذهب إلى جيوب صفية السلطان وجيوب الفاسدين ممن يعينونها على جعل الخزانة العامة تقبل عملة زائفة، وفي مقدمة أعوان صفية السلطان أََمَتَها اليهودية استير كيرا أكبر حام لمرويجي النقود المزيفة بحكم قربها من أقوى نساء القصر نفوذا، فهي الوسيطة بين مروجي العملة الزائفة وبين سيدتها، كما أن استير كيرا هذه كانت إحدى وسائل صفية السلطان في تخابرها مع بني وطنها سفراء البندقية، زيادة على أنها كانت تستخدمها جاسوسة لها ضمن جهاز مخابراتها. واستمرت استفادتها من خدمات تلك الأمة مقابل حمايتها حتى المدة الأولى من عهد السلطان محمد الثالث. وكان لتلك اليهودية الخطرة أستير ولدان، هما إيليا ويوسف، شارك الأول والدته في الاستحصال على الوظائف لطالبيها من خلال رشوة القادرين على منح الوظائف المرغوبة. ومع أن الدفتردار (كبير مسئولي مالية الدولة) على علم بما تخسره خزائن الدولة سنويا من مبالغ كبيرة بسبب تدخلات المحتمين بهيبة الخزرية صفية السلطان المفسدة لأمانة موظفي جباية حقوق الخزانة العامة من ديون ورسوم وضرائب، إلا أن الدفتردار كان يغض نظره عن ذلك كله خوفاً من دسائس صفية السلطان وتهديداتها. وعلى الرغم من علمه بزيف بعض ما يجبيه محصلو الدولة الرسميون من عملة فقد كان يخلط النقود الصحيحة بجانب من تلك النقود الزائفة التي كانت قدرتها الشرائية الحقيقية ضعيفة للغاية إن لم تكن معدومة ليدفعها مرتبات للجنود. لذلك، لاغرو أن يتمرد الجنود على رؤسائهم بسبب قبضهم لمرتباتهم المدفوع لهم بعضها بنقود زائفة. ومع الزمن زاد تذمرهم حدة إلى درجة أدت إلى حدوث حركات في الجيش عولجت بمعاقبة عدد ممن ثبتت صلتهم بترويج الزائف من النقود المتداولة.
ولما تولىمحمد الثالث السلطنة، أرادت أمه صفية السلطان أن تستمر في لعب الدور نفسه بما في ذلك حماية أمتها أستير وأعوانها، إلا أنها باءت بالفشل، إذ شكا السباهيون إلى شيخ الإسلام صنع الله أفندي ما لحقهم من ضرر جراء قبضهم لجانب من مرتباتهم نقودا زائفة وطالبوه بإصدار فتوى شرعية بتمكينهم من قبض مرتباتهم كاملة نقودا صحيحة. فأصدر شيخ الإسلام فتوى بإعدام وسيطة مروجي النقود الزائفة استير كيرا وولديها قطعا لدابر مروجي الزائف من النقود. ونظرا لما تتمتع به استير من حماية وارفة فقد رفعت الفتوى إلى خليل باشا قائمقام الركاب الهمايوني الذي ما أن عرض الفتوى وحيثياتها على السلطان حتى أمر بإنفاذها فورا كما هي.
ساعد السباهيون السلطة في إلقاء القبض على استير ثم في تنفيذ عقوبة الإعدام فيها وفي ولدها الأكبر إيليا، أما ابنها الأصغر يوسف فقد نجا من القتل بإعلان اعتناقه الإسلام.
وما أن تسنم ولد "صفية السلطان" عرش السلطنة باسم السلطان محمد الثالث حتى حاولت أمه أن تغريه ببعض مباهج الحياة من جميلات الجواري اللائي تعج بهن قصور السلطان، ووسائل اللهو المعروفة من صيد وقنص وألعاب فروسية التي جرت عادة أمثاله أن ينشغلوا بها، وبالغت في إلهاء ولدها عن التفكير في قضايا الدولة المتعلقة بالسياسة الخارجية التي ترى أنها هي وحدها المختصة بها بعد أن زاولتها ما يقارب الخمسة عقود.
وعندما لم يعد حلم السلطان محمد الثالث يتسع لما يحاك في قصوره من مؤامرات، وما يجري فيها من فساد سياسي ومالي أصدر أمرا إلى أهل ثقته من جنوده بتطهيرها ممن يزاولون فيها فسادا اقتصاديا وسياسيا. وكانت "صفية السلطان" هي أول من أخذ ممن في قصرها بذنوبها فخنقها في أثناء نومها خصيان نساء أخريات من نساء القصر.
وإبتداء من عام 1830 بدت خطط يهود الدونمة لإضعاف الدولة العثمانية-التي قبلت لجوءهم إليها وهم خائفون جياعا مشردون- تتضح للعيان عندما افتعلوا مشكلات بين السلاطين العثمانيين والدول الراغبة في استعمار أراضي شعوب إسلامية تابعة للسلطنة العثمانية: كافتعالهم مشكلات أدت إلى انسلاخ الجزائر من الدولة العثمانية وسقوطها في قبضة الفرنسيين ليستمر استعمارهم التنصيري لها ما ينوف عن 130 سنة. أعقبها إفتعالهم حوادث الإسكندرية المنبعثة في بدايتها من غضب الأوربيين من صنائع بريطانيا في مصر لمقتل مالطي صنيعة بريطانية مثلهم، مستغلين إنشغال السلطة المصرية بتهدئة ثورة الضباط المصريين في الجيش المصري التي قادها أحمدعرابي باشا سنة1881 وسهلت على بريطانيا التدخل بحجة تلبية حكومتهم لدعوة الخديوي توفيق ابن الخديوي اسماعيل لحمايته مما يطالب به العسكريون الثائرون من عزله عن عرش مصر. وهو تدخل سبقه الوعد التمويهي المعتاد من بريطانيا بأن تسحب جيشها من مصر فور استباب الأمن في القطر المصري. إلا أن الأمن المنشود لم يستتب في مصر-في نظر حكومة بريطانيا- إلا بعد ثورة 23 يوليه من سنة 1952 التي اضطرت الجيش الإنكليزي إلى الجلاء مرغما عن مصر سنة 1956.
وفي سنة 1882 افتعل اليهود مشكلة بين السلطان العثماني وحكومة فرنسا أدت إلى سلخ تونس نهائياعن الدولة العثمانية، وتحويلها إلى محمية فرنسية. ويبدو أن الحكومة العثمانية لم تربط بين المشاكل الحادثة بينها وبين الدول الأوربية وبين تصرفات غالبية يهود الدونمة ومؤيديهم من يهود العالم،فنراها تمنح الجنسية العثمانية الكاملة لليهود المقيمين في الدولة العثمانية من أسلم منه فعلا ومن أعلن منهم تظاهره بالإسلام ومن بقي على يهوديته، مع إعفائهم جميعاً من الخدمة العسكرية. وكمواطنين عثمانيين متمتعين بالحقوق الكاملة للمواطن العثماني-بعد أن كانوا مجرد لاجئين- انتشر اليهود في جميع أنحاء الدولة العثمانية والأقاليم التابعة لها، غربا وشرقا وشمالا وجنوبا مستفيدين من الامتيازات التي تتيحها لهم المواطنة الكاملة، فأثروا وظهر بينهم الأغنياء في استنبول وسلانيك وبلاد الروم والأناضول وعاشوا حياة مترفة. وأسسوا لأبنائهم مدارس خاصة بهم، وقدموا مساعدات مالية للجمعيات السرية، ومنها ما هو معاد للدولة العثمانية. ولما أحب اليهود حياتهم المرفهة في الدولة العثمانية وتخلوا عن حذرهم المعتاد منهم ، خشى المجلس الأعلى لليهود أن ينتبه الأتراك إلى حقيقة سلوك أولئك المستغلين لكرم ضيافة الدولة العثمانية، فأوعز ذلك المجلس إلى بعض أتباعه بأن يتظاهروا باعتناق الإسلام ليتمكنوا من الاستمرار في التغرير بالعثمانيين وفي كسب ثقتهم ، فيتسنى لهم التغلغل إلى مراكز الجاه العام. وبالفعل تظاهر بعض الأفراد البارزين من اليهود باعتناق الإسلام متخذين هم أيضا أسماء إسلامية، فلما برز بينهم شبتاي زيفي الذي ادعى أنه مسيح اليهود المنتظر انساق يهود السلانيك وراءه فأطلق شبتاي على المتظاهرين منهم بالإسلام لقب الدونمة وشاع ذلك اللقب حتى اشتهروا به، واتخذوا هم أسماء إسلامية سهلت اندماجهم في صفوف الشعب وراحوا يعملون خفية لتحقيق أغراضهم. وعندما دبّ الضعف في هياكل مؤسسات الدولة العثمانية في أواخر القرن السابع عشر بدأ من في الدولة العثمانية من اليهود العمل على زيادة تسارع اضمحلال تماسك نظم الدولة العثمانية إنتقاما من سلاطينها الذين رفضت غالبيتهم العظمى في حزم مطالبة اليهود بالسماح لهم بالهجرة إلى فلسطين، وهو رفض أدى إلى فساد العلاقة التي كانت حميمة بين الدولة العثمانية ومن في الأراضي العثمانية وخارجها من يهود، وكان هذا واضحاً في مقولة السلطان مراد الثالث: "ما الذي سيحصل فيما لو قطعت رؤوس جميع هؤلاءاليهود ؟.
وحق لمراد الثالث أن يغضب على من في بلاده من يهود، سمح سميه السلطان مراد الثاني لهم بالإقامة في الدولة العثمانية لاجئين فقراء لا موطن لهم، ويسر لهم مقاما آمنا وعيشا رخيا، فكفروا بأنعم الله تعالى وبجميل العثمانيين، وأرادوا فرض سياسة معينة على ولي نعمتهم السلطان مراد الثالث تخدم الخفي من أغراضهم التي لم تكن خافية على الدولة العثمانبة وإن تجاهلتها.

الصفحات