أنت هنا

قراءة كتاب يهود الدونمة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يهود الدونمة

يهود الدونمة

كّتَّاب كثيرون ينتمون إلى جنسيات ومذاهب متعددة تقصوا موضوعات تتعلق باليهود وبالقضية الفلسطينية، وإذا ما توقفنا عند الكتابات الغربية المتعلقة بتلك الموضوعات فسنرى أن هناك محاولات من لدن أولئك الكتاب من خلال تنسيق التعاون مع كتاب يهود وباحثي آثار مرتشين يتعلق

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 5

المبحث الثاني: شبتاي زيفي والعهد القديم

مؤسس فرقة الدونمة هو شبتاي زيفي المدعي في القرن السابع عشر بأنه المسيح اليهودي المنتظر. وكلمة مسيح ينطقها بعض اليهود مشيح أو ماشيح لتفادي اللبس عند النطق بها بين مسيح اليهود المنتظر ومسيح النصرانية المنتظر أيضا. أما المعنى الخاص للكلمة هو: النبي أو المخلص الذي يرسله يهوة، لإنقاذ بني إسرائيل . وفي العبرية يستخدم مصطلح (هاميليخ هامشيح) بمعنى الملك الممسوح للإشارة على المسيح ، وأنه من سلالة داود عليه السلام. وراجت بين اليهود شائعة في تلك الأيام مفادها أن المشيح المنتظر سيظهر في عام 1648 كي يقود اليهود بصورته المشيحية، وسيجعل القدس عاصمة لدولتهم المنتظرة التي سينشئها لهم حسب ظنهم. وأنه سوف يحكم العالم من فلسطين .
ولد شبتاي زيفي في عام 1626 ويسمى أيضا سبتاي زيفي من أب يدعى مردخاي زيفي من إزميرنا Smirna كان يعمل في التجارة في إزمير منتقلاإليهامنالمورةفي اليونان،اسباني الأصل وعرف بين العثمانيين الأتراك بلقب "المفتش الأسود .Kara Mentes
كان والد شبتاي رجلا فقيرا، فلما نجح في أن يكون وكيلا في إزميرنا لبيت مالي إنجليزي منجزا العمليات المالية لذلك البيت بجدية وإخلاص أدت به إلى كسب ثقة البيت المذكور. وهي ثقة ازدادت قوة بحصوله على ثقة المديرين المسيرين لذلك البيت فغدا رجلا غنيا .وفي الوقت نفسه أصبح مندوبا عن شركة هولندية.  وشبتاي هو الابن الأصفر لمردخاي من ثلاثة إخوة، وقد تأثر ببعض الأفكار الدينية عندما كان يتلقى دروس الحاخامية.
أرسله والده إلى مدارس دينية، فدرس التلمود في قاعة محاضرات الحاخام يوسف أيسكافا المعدود حاخاما متشددا في إزميرنا. ولم يتحصل شبتاي من تلك الدراسة على أي مؤهل علمي، إلا أن تعاليم الكبالا قد اجتذبت الطالب المجد شبتاي إليها فدرس الزهد مهتديا في دراسته بتفسير"لورياLuria، مؤيدا الرأي الذي ساد في ذلك الوقتوالقائل بأن الكابالا لا يمكن اكتسابها فقط عن طريق الزهد.
واضب شبتاي على حضور دروس الحاخام إسحاق آلبا وهو لم يبلغ من العمر سوى خمس عشرة سنة.
وأثَّر إسحاق آلبا في أدبيات شبتاي بتعليمه التوراة والتلمود من خلال استنباط المعاني المجازية والتصوفية وكيفية تخريجها من الكتب الدينية التي خلفها علماء بني إسرائيل على مر العصور.
واستغل شبتاي ذكاءه في تفسير الدلالات الرمزية التي يستنبطها من الأسفار اليهودية القديمة كما استغل ما يتردد على ألسنة الحاخامات منذ أزمنة بعيدة بأن لكل حرف من الأبجدية العبرية رقما رمزيا مقابلا. وأن لمجموع الأرقام الرمزية للكلمة أو الجملة دلالة على أمور ستحدث مستقبلا.
وعندما أرسل الله النبي عيسى عليه السلام آمنت به فئة من بني إسرائيل(النصارى الأول) وبقي الآخرون ينتظرون مشيحهم. قال الله تعالى:
"يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين."(سورة الصف الآية 14)
وخلال الصراع المذهبي في أوربا في القرن السابع عشر ساد بين اليهود إعتقاد بأن أملهم في ظهور المشيح لإنقاذهم من محاكم التفتيش التي شكلتها الكنيسة الكاثوليكية سيتحقق. أما الكهنة فقالوا: إن المشيح سيظهرعام 1648، بل إن من النصارى من بات يؤمن دون أي بينة مقنعة بأن عام 1666 هو عام المسيح المنتظر.
وكانت هناك محاولات من قبل اليهود لمعرفة الحقبة أو السنة التي سيظهر فيها المشيح المخلِّص لاسيما بعد أن هدم الامبراطور تيتوس معبد سليمان في القدس عام70م .
ولم يعترف اليهود بعيسى ( مسيحا، وواصلوا إنتظارهم للمشيح اليهودي المنقذ -كما يعتقدون- كي يعيد إليهم دولتهم ومن ثمَ يفرضون هم سيطرتهم على العالم. وذلك بعد أن شاع بينهم إعتقاد بأن المشيح المنتظر سوف يساعدهم على إقامة دولة يهودية كبرى, ويرغم العالم كله على اعتناق الدين اليهودي."
وعلق الدكتور مارتن لوثر ساخرا على مسيح اليهود بقوله: إنه دجال، وأن اليهود لا يريدون شيئا من المشيح الذي ينتظرونه إلا أن يأتي بسيف مصلت، ثائرا كما ثار بيراخيا على الرومان، ويكون ملكا زمنيا دنيويا محاربا، يقتل المسيحيين ويستولي على العالم ويقسمه على اليهود ويجعلهم أصحاب السيادة والسطوة والثراء، ثم يموت ميتة الملوك الدنويين فيخلفه من بعده من يكون على غراره، فهم يريدون مسيحا دنيويا يسوق إليهم الحطام والطعام فيشبعهم كما تشبع البقرة أو الكلب.ويضيف لوثر قوله :
فأي خير ينالني من مشيح اليهود، إذا كان لا يقدر أن يعينني أنا الإنسان المخلوق المسكين، أو أن ينقذني من وحدتي الروحية، ويجعلني عشر معشار الخنزير صلاحا؟ وأقول يا إلهي: إحفظ "مسيحك"هذا لك أو اعطه لمن تشاء من البشر غيري، أما أنا فامسخني يا إلهي خنزيرا قبل أن تعطيني مسيح اليهود، إذ أنه من الخير لي أن أكون خنزيرا حيا من أن أكون إنسانا نهايته الهلاك الأبدي. أما المسيح فليت ذلك الرجل لم يولد."
بدأ شبتاي زيفي بدراسة كتابي التوراة والتلمود.إذ أن الديانة اليهودية ترتكز على هاتين الركيزتين الرئيسيتين: فالتوراة، وتعرف أيضاً بالعهد القديم أو العتيق تمييزا لها عن العهد الجديد الذي يُراد به الإنجيل. الأولى مقدسة عند اليهود والمسيحيين على حد سواء، بينما الإنجيل الذي لا يعترف به اليهود يعد كتاب الديانة النصرانية الأساسي، ومجموع أسفار التوراة والإنجيل يسميه النصارى بالكتاب المقدس. فالعهد القديم وهو ما أسماه القرآن الكريم بالتوراة، وبالعبرية"توراه" التي تعني "الهدى والإرشاد"، يتكون من تسعة وثلاثين سفراً، ويقسم إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول مكون من خمسة أسفار هي : سفر التكوين وسفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية. وقد أطلق على هذه الأسفار الخمسة اسم "كتب موسى الخمسة"، وتسمى باليونانية Pentatichus "بينتاتيكوس“ أي الكتاب ذو الأسفار الخمسة، وقدانتقلت هذه اللفظة اليونانية إلى معظم اللغات المعاصرة  ليس من بينها اللغة العربية.
أما القسم الثاني "نبييم" أي الأنبياء فيشتمل على مجموعتين : الأولى خاصة بالأنبياء الأوائل، وتختص بتاريخ بني إسرائيل من دخول يشوع فلسطين حتى تاريخ هدم هيكل [معبد سليمان] بمدينة القدس.
وتختص المجموعة الثانية بالأنبياء الأواخر وتتألف من أربعة عشر سفراً هي سفر: أشعيا وأرميا ويوئيل وعاموس وعوبيديا ويونان ومتي وناحوم وصيقوف وصفنيا وحجي وزكريا وملاخي.
ويسمى القسم الثالث "كتوبيم" ويشتمل على الكتابات والأشعار ويتكون من اثني عشر سفراً هي: مزامير داود وأمثال سليمان وأيوب ونشيد الأناشيد وراعوث وهوتسع ومرائي ارميا والجامعة واستير ودانيال وعزرا ونحميا.
وتشتمل التوراة على تاريخ اليهود حتى سنة 240 قبل الميلاد. كما تشتمل على جميع شرائعهم وشعائرهم ومعاملاتهم، وهي الكتاب الذي يتمسكون بتعاليمه وأقواله. وتعد الديانة اليهودية دياتة كهنوتية، فالكهنة أي الحاخامات والربيون هم الذين يحتكرون تفسير التوراة، والحاخامات هم الوسطاء بين اليهود وإلههم "يهوه" وهم الذين ينفذون الشريعة ويوجهون الشعب اليهودي من خلال مناهج مدارسهم الدينية. والتوراة الحقيقية هي الصحف التي أنزلت على موسى عليه السلام وقد ضاعت في ثنايا التوراة المحرفة التي بين أيدي اليهود منذ قٌبيل عودتهم من بابل, أما ما جاء قبل صحف موسى وما جاء بعدها من رسالات رسل بني إسرائيل وأنبيائهم فليست من التوراة في شيء.

الصفحات