كتاب " الإسلاميون وسراب الديمقراطية " ، تأليف د. عبد الله إبراهيم الدلال ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2007 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الإسلاميون وسراب الديمقراطية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الإسلاميون وسراب الديمقراطية
وهل تنزل هذه الآيات على جميع الحكام بمنزلة واحدة؟
الجواب: كلا. إنما تنزل عليهم كل بحسبه وواقع حاله وظاهر أمره.
النقطة الثانية: لما رأى كثير من الإسلاميين أن هؤلاء الحكام لا أمل فيهم بشأن التطبيق الشمولي لأحكام الشريعة، ولما لم ينضبط لديهم مفهوم الكفر البواح، ارتبط مفهوم التغيير عندهم بأحد أمرين:
- إما بالخروج الفوري على الحاكم بأي وسيلة من الوسائل التي يرونها مشروعة.
- وإما مهادنته والاستفادة من أوضاعه الديمقراطية المفرزة للمجالس النيابية.
فالأولون وقعوا في خطأ التلازم بين تكفير الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله وبين الخروج عليه فوراً، فهؤلاء وضح عندهم الهدف بحسب ما يرونه لكنهم أخطئوا إليه الوسيلة.
والآخرون وقعوا في خطأ عدم إخضاع حال الحاكم للضابط الشرعي في تكفيره أو عدمه، ثم في خطأ المشاركة في المجالس النيابية، هادفين إلى تحكيم الشريعة الإسلامية من خلال الحاكم الرافض لها، فوقعوا في خطأين!!
النقطة الثالثة: ولما كان تحكيم الشريعة الإسلامية مرتبط بطبيعة النظام القائم من حيث قبوله أو رفضه، وبما أن ذلك مرتبط بالحاكم في ذلك النظام وبالدستور الذي يحتكم إليه، فوجب بيان الضابط الشرعي للمسألتين: الحاكم والدستور.
أ- الحاكم: إن الإجماع منعقد على أن الشخص يثبت له الإسلام إذا شهد بالشهادتين، ولا يكفر بذنب لم يستحله، ولا يخرج من دائرة الإسلام إلا بكفر بواح فيه من الله أو رسوله برهان فلا بد من تحقق شروط وانتفاء موانع، وهذا ينطبق على الحاكم كما ينطبق على كل مسلم، والفرق أن الكفر البواح من الحاكم يستلزم الخروج عليه ضمن الضوابط الشرعية المتفق عليها عند أهل السنة والجماعة، وأما المسلم سوى الحاكم فكفره البواح يستلزم عقابه العقوبة الشرعية من قبل الحاكم المسلم.
ويكون الكفر بواحاً:
- إذا استعلن به الفرد معبراً عن نفسه بأنه كافر.
- إذا اعتقد عقيدة من عقائد الكفار مخالفة لعقيدة المسلمين بغير تأويل مقبول شرعاً، ثم لم يرجع عنها بعد إقامة الحجة عليه.
- إذا عمل عملاً علم من الدين بالضرورة، أي: بدليل شرعي من كتاب الله أو حديث صلى الله عليه وسلم ، أن من فعله يُحكم عليه بالكفر.. ولكن هل كفره مخرج له من الملة أم لا؟ وهل يعتبر كفره كفراً عملياً فقط أم اعتقادياً أيضاً؟ فيه تفصيل. لكن من عبد عبادات الكفار بغير إكراه (كمثل السجود لصنم أو الصلاة لنار) أو وضع تشريعاً شمولياً أو جزئياً للناس ألغى به تشريع الله تعالى وأمر الناس بطاعة تشريعه والتولي عن طاعة تشريع الله، فهو ملحق بنوعي الكفر: العملي والاعتقادي(2).
ب- الدسـتور : معلوم أن منهاج المسلم هو دين الله تعالى الذي أنزله على محمد (، وقد أمر المسلم أن لا يحتكم إلا لدين الله : الكتاب والسنة ، ولكن الحكام المعاصرين قد وضعوا من عند أنفسهم دساتير أحلوا الاحتكام إليها في المنازعات وغيرها محل الاحتكام لشريعة الله. ورسمت لهم منهج حياة مستقل ومخالف لمنهاج الله، ورتبت الثواب والعقاب بحسـب طاعة أو مخالفة الدستور ، فما هو موقف المسلم من ذلك؟
إن موقفه هو الرفض التام لهذه الدساتير البشرية والتولي عن طاعتها وعدم الاحتكام إليها والكفر بها، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾ [النساء:60]. فالأمر الشرعي هو أن يُكفر بتلك الدساتير.