كتاب " إنهيار جدار عرب المشرق " ، تأليف إبراهيم عبد الطالب ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب إنهيار جدار عرب المشرق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
إنهيار جدار عرب المشرق
وقبل المضيّ بعيداً في العمليات العسكرية التي رافقت مسيرة الخليفة عمر التي مثلت قمة الفتوحات في عشرة سنين، وشملت مساحة واسعة من الأراضي كانت في الحقيقة هي القاعدة الأساسية لامبراطورية العرب التي ذهبت بعيداً لتشمل أراضي أخرى لما وراء نهر جيحون (بخارى وسمرقند) وباكستان وحتى حدود الصين، وفي الغرب إسبانيا وجنوب فرنسا.
كان التحدي الذي واجه الخليفة عمر بن الخطاب ( وهو العادل قد نجم عن الثروة التي بدأت تصل في أشكال مختلفة على عاصمة الدولة العربية من الأمصار المفتوحة أولاً في دفعات صغيرة، ثم سرعان ما بلغت أحجاماً كبيرة جداً، وعن المشكلات المرتبطة بالإدارة والخراج الآتي من تلك الأمصار، فقد أرسى الخليفة أبو بكر الصديق خلال ولايته القصيرة التي استمرت عامين ثلاث مبادئ:
• الفصل الدقيق بين الموارد المالية الشخصية للخليفة الذي اعتبر نفسهُ بمثابة موظف مدني، يتقاضى أجراً متواضعاً، وبين خزانة بيت مال المسلمين، وكان الخليفة يتصرّف في ذلك الإيراد تحت رقابة يقظة من وجوه القوم وبالتشاور معهم.
• الرقابة الصارمة على الخدمة المدنية، خصوصاً حكام الولايات وجباة الضرائب.
• الإيراد الفائض، وهو أساساً ما يتبقى بعد الإنفاق على العمليات العسكرية ومهام الدولة الأخرى التي تحددها الشريعة يوزع على المسلمين على أساس المساواة المطلقة.
طبّق الخليفة عمر بن الخطاب المبدأين الأوليّن بحزم كبير، أما المبدأ الثالث، فقد استعاض عمر عن التوزيع المتساوي للفائض بنظام آخر، يحدد فيه السبق إلى الإسلام، وقرب الصلة بأسرة الرسول محمد ( والمهارة القتالية، وفي مقابل ذلك استحدث أمرين آخرين، أولهما، حظر توزيع الأراضي المفتوحة كغنائم حرب على المحاربين، وقبول ضريبة خراج سنوي على الأرض يدفعها المزارعين، وكان رأي الخليفة، هو أن الإيرادات، أما الأمر الآخر فهو منع كبار الصحابة من الهجرة إلى الأقاليم المفتوحة بغية حمايتهم من لهو وبهاء المناصب وملكية الأراضي وامتيازات العلماء التي بدأت تجتذب الفاتحين العرب، وظل يقظاً لها على نحو حازم وخصوصاً فيما يتعلق بأعضاء أسرتهِ.
إدارة العمليات
كلّف الخليفة أبو بكر الصديق ( القائد خالد بن الوليد لما فرغ من معارك المرتدين في الجزيرة العربية أن يأتي العراق من أسفلها (أي من الجنوب) وإلى القائد عياض بن غنم من فوقها (أي من شمالها الغربي)، وقال لهم، أيكم يسبق صاحبه إلى مدينة الحيرة (في العراق) فهو أمير عليها، فإذا اجتمعتما في الحيرة إن شاء الله وقد فضضتما مسالح بين العرب والفرس وأمنتم أن يؤتى المسلمون من خلفهم فليقم أحدكما في الحيرة وليقتحم الآخر على القوم وجالدوهم عما في أيديهم واستعينوا بالله واتقوهُ وآثروا أمر الآخرة على الدنيا يجتمعا لكم ولا تؤثروا الدنيا فتلبوها واحذروا ما حذركم الله بترك المعاصي ومعالجة التوبة وإياكم والإصرار وتأخير التوبة.
لم تمضي فترة على وصية أبو بكر ( لقائده حتى وافتهُ المنية، فحل الخليفة عمر بن الخطاب (634)، وبدأ القائد الموهوب خالد بن الوليد تجربته القتالية برسالته الشهيرة لإنجاز أول عملياته القتالية بردع غير مباشر لخصمه في الميدان، بسم الله الرحمن الرحيم «من خالد بن الوليد إلى قادة الفرس، أما بعد فأسلموا تسلموا، وإلا فاعتقدوا مني الذمة، وأدوا الجزية، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون شرب الخمر» وكان مدلول هذه الرسالة أن هزت معنويات قادة الجيش الفارسي في مقرهم (المدائن) جنوب بغداد (30كم)، ثم سمع بها قادة الروم في الشام فيما بعد.