أنت هنا

قراءة كتاب البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين

كتاب " البعد الاستراتيجي للصهيونية في فلسطـين " ، تأليف د.رجب مصطفى شعلان ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :
السلام على فلسطين اينما كان موقعها
السلام على فلسطين كيفما كانت
السلام على فلسطين الطاهرة الصابرة المجاهدة

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: رجب شعلان
الصفحة رقم: 1

إن المبدأ الأول في تقدم الأمم هو التزامها تجاه حريتها في غطار مبادئ القانون والقرارات الدولية بحيث تسقط كل الالتزامات التي تتعارض مع كل هذا الالتزام وتبطل . ومن هنا فقد كانت وما زالت قضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة إلى ارض الوطن السليب هي من أهم عناوين القضية الفلسطينية . وليس هناك شاهدا اكثر تجسيدا من حالة الشتات واللجوء التي يعيشها الشعب الفلسطيني .

منذ ستين عاما تقريبا يقف العالم متفرجا على هذه المأساة التي حلت بهذا الشعب ويتعامل بازدواجية ويزن بميزانين فيما يخص قرارات الشرعية الدولية . فلماذا لم يطبق على إسرائيل ما يطبق على غيرها على الرغم من أن جميع القرارات تحمل صفة الشرعية الدولية ؟

وإذاكانت القضية الفلسطينية قد سلكت منذ يومها الأول طرقها الصحيحة عبر التزامها القرارات الشرعية الدولية من الناحية النظرية ، فإنها عمليا تعرت نتيجة انحياز دول العالم إلى جانب الدولة المغتصبةوتتهدد اليوم بالتصفية الكاملة بفعل الانحياز الفاضح والدعم اللامحدود والتواطؤ والعجز العربي . وبالرغم من تنازل الفلسطينيون والعرب عن 78 % من أراضي فلسطين فما زالت إسرائيل تخطط وتنفذ أطماعها في التهام ما يمكنها من الـ 22 % المتبقية منها .

وبالرغم من ان اكثرية الشعب الفلسطيني هجرت من البلاد ، فإنها لا زالت تتطلع وتخطط وتنفذ عملية تهجير ما تبقى من الشعب بطرق متعددة كهدم البيوت وجرف الأراضي وتضييق سبل العيش وتمييز ومضايقات لفلسطينيي الـ 48 .

القرار 194 الصادر عن هيئة الأمم عام 1948 شكل مع قرار تقسيم فلسطين 181 شرطا لقبول عضوية إسرائيل في هيئة المم . فالقرارانمتلازمان ن وعلى هذا الأسا فإن قرار حق العودة هو جوهر القضية الفلسطينية التي هي جوهر التي هي جوهر الصراع العربي ـ الصهيوني .

نكبة فلسطين المستمرة وحق العودة المعطل . ففي تشرين الثاني عام 1947 يوم صدور قرار الأمم المتحدة بشأن تقسيم فلسطين كان عدد الفلسطينيين 1.3 مليون نسمة . وقد ادت الأعمال الحربية التي تلت القرار إلى طرد واقتلاع وتشتيت أكثر من 700 ألف نسمة من سكان البلد الأصليين . وفي نهاية الحرب لم يبق على الأرض التي استولى عليها اليهود وأقاموا فيها دولة إسرائيل سوى 150 ألف فلسطيني . ولجا البعض هربا من الحرب والمجازر التي قامت بها العصابات الصهيونية إلى أجزاء في فلسطين لم تقع في أيدي العصابات والتي أصبحت تعرف فيما بعد بقطاع غزة والضفة الغربية ، لجا البعض الآخر إلى الدول المجاورة لفلسطين : مصر ، الأردن ، سوريا ولبنان .

أدى التدمير واقتلاع السكان من جراء النزاع إلى تمزق النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني ، وانتقل قسم أخر إلى دولة الخليج العربي بعد إعلان الهدنة وفي وقت لاحق إلى أوروبا ثم إلى أبعد من ذلك لأسباب اقتصادية .

إن اغتصاب الأرض وتشريد وتشتيت الشعب كانت هي الترجمة الفعلية لوعد بلفور الإنكليزي ولإقامة الدولة العنصرية ، وتمكنت إسرائيل عند ولادتها من الحصول على تأييد الدول الكبرى من خلال قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947 ، الذي يوصي ولا يلزم بتقسيم فلسطين إلى دولة ذات حكومة عربية واخرى يهودية . ولكن هذا القرار لم يدع أبدا إلى طرد الفلسطينيين من الدولة اليهودية المقترحة ، وأيضا فإن هذا القرار لم يدع إلى إقامة دولتين عنصريتين إحداهما عربية خالصة والأخرى يهودية خالصة ، ولهذا السبب كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في تاريخ المم المتحدة التي قبلت عضويتها بشرطين الأول هو قبول التقسيم والثاني هو قبول قرار أخر للأمم المتحدة هو القرار 194 الذي يقضي بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم ..

يقضي القرار 194 بأنه يجب السماح للاجئين الذين يرغبون في العودة إلى أوطانهم والعيش بسلام مع جيرانهم في أقرب تاريخ ممكن . أما الذين لا يرغبون في العودة ، فينبغي التعويض عليهم عن ممتلكاتهم وعما أصابهم من دمار وخراب ، وذلك بموجب القانون الدولي أو بما يتقف ومبادئ العدل .. إلخ .

منذ عام 1948 أصدرت هيئة الأمم المتحدة ما يزيد على 100 قرار تناولت قضية اللاجئين الفلسطينيين كلها لم تنفذ لأن إسرائيل تمكنت بقوى الضغط الصهيونية من كسب الرأي العام الدولي وسط تواطؤ اكثرية دول العالم وتراخي وضعف الدول العربية .

إن حق الفلسطينيين الفردي أو الجماعي بالعودة غلى ديارهم والعيش في وطنهم هو حق طبيعي وأساسي من حقوق الإنسان ويستمد مشروعيته من حقهم التاريخي في وطنهم ، لا يغيره أي حدث سياسي طارئ ولا يسقطه أي تقادم ويستند إلى كونهم أصحاب البلاد الحقيقيين وتكفله مبادئ القانون الدولي والأقليات والمعاهدات الدولية بالإضافة إلى قرارات هيئة الأمم المتحدة وإلى بروتوكول لوزان الصادر عام 1949 الذي تضمن اعتراف إسرائيل بحق الفلسطينيين في العودة ، ناهيك عن القرارين الصادرين عن مجلس الأمن رقم 242 والقرار الصادر بتاريخ 22/10/1973 من حيث التأكيد على ضرورة إيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين .

والمعروف ان هذين القرارين شكلا أساسا للمفاوضات في مؤتمر مدريد يضاف إلى كل ذلك أن حق العودة هو حق غير قابل للتصرقف ولا للتنازل ولا للمساومة ، وهو إجباري معترف به بوضوح في معظم مواثيق حقوق الإنسان الدولية إذ انه يحدد بوضوح المكان الذي يحق للاجء ان يعود إليه ، وثانيا يحدد ان العودة يجب ان تكون بناء على الحق الشخصي لكل لاجئ ولا يستطيع احد ان يحل مكانه أو يتنازل عنه . وهو ثالثا يؤكد الاطار الزمني لعودة اللاجئين أي في أقرب وقت ممكن . وهو رابعا يفرض على إسرائيل التزاما بدخول الفلسطينيين إلى منازلهم ، وهو حق مثل باقي حقوق الإنسان لا ينقضي بمرور ، وهو حق شخصي لا يسقط أبدا إلا إذا وقع كل لاجئ بنفسه وبملئ إرادته على إسقاط هذا الحق عن نفسه فقط .

طيلة خمسة عقود استمرت إسرائيل في الضرب بعرض الحائط لكل القرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان ، وهي قد تمكنت من ذلك بسبب الدعم السياسي اللامحدود لدلو الغرب ، ومؤخرا الولايات المتحدة ، بحيث شهدت العقود الأخيرة هجمة بشعة على حق العودة .

حلم تحرير فلسطين والعودة إليها ـ حلم حقيقي يبدده تواطؤ الحكام العرب وخياناتهم ، بيد أن الحلم بتحرير فلسطين والعودة إليها وخصوصا بعد استعادة الحركة الوطنية الفلسطينية زمام المبادرة بعد عام 1965 وإطلاق العمل الفدائي وشعار تحرير فلطسين في إطار دولة ديمقراطية علمانية ، هذا الحلم لعب دورا مميزا وعاملا فاعلا في تحديد طابع الهوية الفلسطينية .

إن حق العودة قد حافظ على الهوية الفلسطينية وحافظ على وحدة التجمعات الفلسطينية التي لم تندمج في مجتمعات اللجوء بدوافع ذاتيةواخرى خارجة عن إرادتها تتعلق بالدولة المضيفة وحساباتها الداخلية والطائفية . ولكن مع كل المعاناة ، تمكن الفلسطينيون من الإقامة على تخوم العودة وعلى تخوم الحلول السياسية التي تعيد إليهم حقوقهم في الأرض والعودة . وكانوا مادة الحراك السياسي والاجتماعي للتحرير والعودة خلال القرن الماضي .

وبذلك يظهر ان حق العودة هو جوهر القضية الفلسطينية التي هي بدورها جوهر الصراع العربي ـ الصهيوني والقضية المركزية الولى للعرب وإن القفز عنه لا يمثل سوى خطوة أدت وتؤدي إلى إفشال كل التسويات المقترحة والمبادرات المختلفة التي تقدمت بها بعض دول العالم المهتم بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط .

الصفحات